من رفيق الى سعد… المشروع واحد: لبنان أولاً

رفيق الحريري
لم يكن يوم 14 شباط 2005 يوما عاديا، بل كان تاريخ استشهاد مارد لبنان رفيق الحريري، أرادت قوى الظلام اغتيال لبنان من خلال اغتيال رفيق الحريري ومشروعه، هذا المشروع الكامل الأركان والركائز، الذي يهدف الى تحصين وتنمية العقل والحجر في لبنان عبر الخروج من الولاءات الطائفية والحزبية الى الولاء للوطن.

رفض معظم الشعب اللبناني آنذاك سقوط مشروع رفيق الحريري مع سقوط جسده، فطالبوا بان يكمل ابنه سعد ما بدأه والده، رافضين أن يعود لبنان الى الحقبة السوداء، حقبة الحرب الأهلية التي أوقفها الرئيس الشهيد من خلال العمل على انجاح اتفاق الطائف، الذي أنهى الحرب و أرسى قواعد الاستقرار لتنطلق مرحلة اعادة الاعمار وعودة لبنان الى الخارطة السياسية و السياحية والاقتصادية.

خلال عشر سنوات استطاع رفيق الحريري، أن ينقل لبنان من مشهد الدمار وخطوط التماس والانقسام الطائفي والمناطقي، الى مشهد العمران والتحضّر ووطن المجتمع الواحد الذي تنصهر به جميع المكونات ضمن مفهوم وطني جامع، ألا وهو “لبنان أولاً”، ولا يمكن أن ننسى تشريع المقاومة في نيسان 1996، تشريع فتح طريق تحرير الجنوب من العدو الاسرائيلي في أيار2000.

وفي نيسان 2005 استكمل التحرير بخروج الجيش السوري من لبنان، حيث كان استشهاد الرئيس الحريري السبب الرئيسي لانسحاب الجيش السوري من وطننا، لتستكمل المرحلة الأولى من المشروع، مرحلة جلاء كافة الجيوش عن لبنان باستثناء مزارع شبعا وتلال كفرشوبا القابعة تحت احتلال العدو الاسرئيلي، وتحصين استقلالية القرار السياسي والاقتصادي اللبناني.

تولّى سعد الحريري اكمال مسيرة مشروع والده الشهيد، بالحفاظ على السلم الأهلي وتقوية دعائم الوحدة الوطنية والدفع بعجلة النمو الاقتصادي، وقد كلّفه ذلك القيام ببعض التسويات والتفاهمات على حساب مصلحته السياسية، وشهدنا ذلك إثر فوزه بالانتخابات النيابية في 2009، حيث مدّ يده ليشرك الجميع في حكومة وحدة وطنية، مع العلم أنه كان يستطيع أن يشكّل حكومة بمفرده، وقد قوبل من الطرف الآخر باستغلال هذه الخطوة الجريئة للرئيس الحريري باسقاط الحكومة.

ان تغليب المصلحة الوطنية على المصلحة الشخصية من قبل الرئيس الحريري ليس ضعفا كما يصوّره البعض، بل هي الحكمة والمصلحة الوطنية بأم عينها، ان حكمة ووعي الرئيس الحريري في رفضه حمل السلاح في حل الخلافات الداخلية جنّب لبنان ويلات حرب مدمّرة.

ان تهور وطيش الفريق الاخر من خلال حمل السلاح في وجه اللبنانيين في أيار 2008، كان يمكن أن يؤدي الى حرب أهلية، لو أنه قوبل بردة فعل متسرعة من قبل الرئيس سعد الحريري.

واليوم في ظل ما تمرّ به المنطقة من حروب وانقسام محاور، وبعد ان قدّم الرئيس الحريري استقالته لدقّ ناقوس الخطر من أجل تحييد لبنان باتباع سياسة النأي بالنفس، فإن هذه الخطوة استطاعت أن تحدث صدمة ايجابية لدى الفريق الاخر ولدى معظم الشعب اللبناني الذي طالب بعودة الرئيس الحريري عن الاستقالة لادراكه العميق بأن الرئيس الحريري يجسد المصلحة الوطنية، ويمثل ضمانة الاستقرار في لبنان.

اقرأ أيضاً: الحريري وتبرير العجز

صحيح أن الرئيس الحريري عاد عن الاستقالة نزولا عند رغبة معظم القوى السياسية والشعب اللبناني، ولكن بعد أن حصل من جميع الأطراف المشاركة في الحكومة وخاصة حزب الله الالتزام بسياسة النأي بالنفس.

ان الحفاظ على حكومة الوحدة الوطنية، واتباع سياسة استيعاب حزب الله واستعمال لغة الحوار معه في ما يخص ابتعاده عن اقحام نفسه ولبنان في الصراعات الاقليمة، وتسليمه سلاحه الى الجيش اللبناني، عبر سياسة الحوار بين الأفرقاء الداخليين، من شأنه أن يشكل ركيزة من ركائز مشروع الحريري “لبنان أولا”.

السابق
بالفيديو: الجبير يبق البحصة «ندعم الحريري»
التالي
بالفيديو: مروان حمادة للجديد «لا تصفوا حساباتكم مع برّي عن طريقي»