أنا أنثى

عن "الأنثى" التي قيدني بها مجتمعي.. و عن "الأنثى" التي نشكل مرآة نفسي.

أنثى، كلمة رافقتني منذ نعومة أظافري لحين بلوغي سن الرشد، ينادونني بها الأهل، الأقارب والأصدقاء أينما ذهبت وماذا فعلت، حتى باتت بالنسبة لي شبح يسيطر على حياتي لما تحمله معها من كمٍّ هائل من الممنوعات (الأوامر)، فهناك صوت لا يتوقّف رنينه في أذني، أنتِ أنثى إياكِ أن تمارسين تلك الرياضة، أنتِ أنثى لا تستطعين أن تدرسي ذلك الاختصاص، أنتِ أنثى يجب أن تبقِ في ظل حماية والدكِ أو أخوكِ، أنتِ أنثى وهذه الوظيفة أو المنصب لا تليق بكِ، أنتِ أنثى أي أنكِ ستكونين فقط أم وزوجة وربّة منزل، ولأن الله خلقني بقدر من العاطفة أكثر من الرجل استخدمها مجتمعي كسلاح ضدي وكأنه حق بعدم مساواتي مع الرجل.

نعم هذه هي الأفكار التي ترعرت عليها أنا والكثير من الفتيات بمجتمعي هذا، إلى أن اعتلاني النضوج وقررت معرفة أو فهم معنى هذه الكلمة التي أثارت زحمة من العديد من الأفكار والتساؤلات في رأسي والتي وقفت عاجزة عن ادراكها، فقررت التجوّل في قاموس اللغة من جهة، والمجتمع من جهة أخرى لعلّني أجد التفسير لكلمة “أنثى”، ولكنني ذهلت عندما وجدت توافق بين القاموسين بأن الأنثى هي المرأة التي تنجب الأطفال!!!، وهذا تماماً يتناقض مع مبادئي وتطلعاتي، لأن الأنثى بفهومهم فيها حرمان أو إنتقاص لبعض من حقوقها، عدا التمييز بشكل علني وصريح بينها وبين الرجل، فأين ذهبت أفكارها، مهارتها، هوايتها، قدراتها صحيح أنها لم تخلق معها منذ الولادة ، إلا أنها لا تقل ذكاءً عن الرجل وكل ما تمتلكه كان نتيجة لتجاربها الشخصية والعملية في الحياة .

اقرأ أيضاً : بعد 40 عاماً…إكتشف أنّه أنثى

فجاءت صرختي لتصحيح الخطأ الذي أغرقنا به المجتمع، جئت لأعطي الصورة الواضحة والحقيقة للأنثى وها أنا أقول نعم أنا أنثى ولكن أعمق ممن يراه مجتمعي، أنا أنثى لا يعني أن أكون أمّاً أو ربّة منزل فقط ، أنا أنثى لا يعني أن أكرّس حياتي للطبخ والغسيل، أنا أنثى عاطفية وعقلانية في الآن معاً، أنا أنثى أي أنّه لديّ اهتمامات عديدة، أن أكون ماهرة في ممارسة هوايتي المفضّلة،

أنا أنثى طموحة تسعى لتحقيق أهدافها وتطوير ذاتها واثبات شخصيتها في المجتمع، أنا أنثى يعني أن أكون قارئة في كافة العلوم والمجالات مثل السياسة، الرياضة، الفن والتكنولوجيا، أنا أنثى يعني أن أكون مواطنة صالحة التي تهتم بشؤون مجتمعها وقضاياه، أنا أنثى يعني أن أحافظ على مبادئي وقيمي والتزامي لديني وأستطيع حماية نفسي دون حاجة لرجل ليحميني، أنا أنثى أي أنني أستطيع التخصص في المجال الذي أحبه وأن أكمل دراسات عليا دون الخوف من أن يفوتني قطار الزواج- لأنه في مجتمعنا هذا يخاف الرجل من الزواج بفتاة تفوقه في العلم- ، أنا أنثى يعني أنه يحق لي اختيار الحياة التي أريدها طالما كانت في الاطار الأخلاقي الصحيح.

اقرأ أيضاً : هل أخطأ القاضي في فتوى الحضانة؟

إذا كان البعض يراني بأنني أضرب بعرض الحائط العادات والتقاليد التي تربى عليها أجيال عديدة، ها أنا أقول بئس تلك العادات إن لم تنصفني فأنا أنثى بروح قبل أن أكون بجسد !

السابق
صورة النجمة السورية كاريس بشار وهي جريحة تشغل مواقع التواصل
التالي
رومانسيةُ محمد عليه السلام