بوتين أخطر رجل في العالم

احمد عياش

لم يبتهج الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بسقوط أكبر ثاني مدينة في سوريا بعد دمشق، بل اكتفى بالقول: “آمل أن يتمكن الجيش السوري من تثبيت سيطرته على حلب فيما يتمكن المدنيون من التحوّل للحياة الطبيعية”. لم يرقص، كما فعل رئيس النظام السوري بشار الاسد عندما اعتبر السيطرة على حلب “نقطة تحوّل ليس على الصعيد الداخلي فحسب وإنما على الساحة الدولية كذلك”. ولم يطرب، كما فعل خطيب جمعة طهران الذي انتشى وهو يقول “إن الانتصار في حلب أثبت أن المقاومة هي الطريق الوحيد في القضية الفلسطينية”. هل في سلوك قيصر روسيا الجديد تواضع أم يخفي أمراً آخر؟
في فيلم وثائقي أعدته الـ”بي بي سي” حول مسيرة بوتين وصعوده المذهل منذ التسعينيات من رتبة موظف مغمور الى سدة الحكم في روسيا يتبيّن أن الرجل يتمتع بصفات مكّنته ليس من استمالة أهل النفوذ في روسيا وفي مقدمهم بوريس يلتسين أول رئيس لروسيا بعد انهيار الاتحاد السوفياتي بل هو احتل أفئدة قادة اوروبا وعدد من أقطار آسيا والشرق الاوسط متوّجا هذه “النعمة” بمحبة الرئيس الاميركي المنتخب دونالد ترامب.
من يدرك هذه الحقائق يتبيّن له كم هي مسكينة حلب ومعها سوريا أن يصبح بوتين اللاعب الرئيسي وسط أنقاضها. فمنذ أن استنجد المرشد الايراني وقبله الديكتاتور السوري بزعيم الكرملين كيّ يوقف إنهيار الاسد ومعه النفوذ الايراني إنقلبت الامور رأسا على عقب وسط عجز دولي تقبع على رأسه الولايات المتحدة الاميركية. ولا داعي هنا للاسترسال في شرح الغلطة المميتة التي إرتكبها الرئيس الاميركي المنتهية ولايته باراك أوباما عندما بلع تهديده في قضية إستخدام الاسد السلاح الكيميائي ضد شعبه.

إقرأ ايضًا: ماذا بعد سقوط حلب؟
من الآن فصاعداً وخلال الفترة الانتقالية للسلطة في الولايات المتحدة الاميركية سيسعى الكرملين الى ابتلاع ما تبقى من سوريا بتمويل سخي من طهران التي سارعت بالامس الى إتمام صفقة طائرات سوخوي سوبر جت 100 الروسية على أن يزور الرئيس الايراني حسن روحاني موسكو الشهر المقبل لفتح آفاق للتعاون الاعمق بين الجانبين. أمّا ما يسمى المجتمع الدولي ومعه ما يسمى المجتمع العربي من المحيط الى الخليج ومعه كذلك العالم الاسلامي من طنجة الى جاكرتا من دون أن ننسى السلطان التركي فسيذرف الدمع بغزارة كلما أحرجه طفل أو امرأة أو رجل مسنّ في وسط المأساة السورية.
كل التحليلات الباردة تقول إن الحرب في سوريا لم تنته، لكنها لم تقل كيف ستستمر وماذا ستكون عليه موازين القوى. في الوقت الراهن، لا يزال الرهان على الولايات المتحدة الاميركية.ففي واشنطن تحرّك الرئيس أوباما في ملف تدخل موسكو في الانتخابات الاميركية .كما أن الفوضى العارمة التي أحدثها ترامب في بلاده وعلى المستوى الدولي لا بد أن تنتهي بعد وصوله الى البيت الابيض الشهر المقبل. لكن الآن: بوتين أخطر رجل في العالم.

السابق
حكومة «ما بعد حلب» تفرض شروطا جديدة من حزب الله على الحريري
التالي
موسكو: الأولويّة لدمشق بعد حلب… قبل «الباب» وتدمُر!؟