نِسَبُ المشاركة في الانتخابات «مغشوشة»

تابعت في اليومين الاخيرين الكثير من الكلام والتعليقات “المثيرة” حول الانتخابات البلدية في مرحلتها الاولى في بيروت والبقاع، وخصوصا ما يتعلق بنسبة المقترعين. المهم في الامر ان المعلّقين تحت عناوين سياسية او اعلامية او اهل اختصاص، خلصوا الى ان مشاركة نحو 20 في المئة من الناخبين في العاصمة تعني في المقابل مقاطعة 80 في المئة للاستحقاق الانتخابي. والامر غير صحيح لسببين:

 

الاول: إن مقارنة ارقام المقترعين في الاستحقاقات الانتخابية في الاعوام 2016 و2010 و2009 و2005 لا تظهر الفارق الكبير في الارقام رغم تبدل الظروف والاستحقاقات ما بين نيابية وبلدية. وهذه الفروق الهزيلة تؤكد بما لا يقبل الشك ان المقترعين هم انفسهم مع تبدل طفيف لا يدخل في مزاج الناس فقط، وانما بما يحركهم من مال سياسي وخدمات تراجعت كثيراً في الاونة الاخيرة لدى كل الاطراف في ظل انشغال الدول الاقليمية الراعية للشأن اللبناني، سياسياً ومالياً، بالحرب السورية، وتلك اليمنية، وبالقضايا الشائكة في غير بلد عربي واسلامي. في الانتخابات البلدية لعام 2010، عزا وزير الداخلية آنذاك زياد بارود النسبة المتدنية في بيروت الى “اعتماد النظام الاكثري البسيط وليس النسبي”، فضلا عن اسباب “تتعلق بالسياسة والطقس”. واشار الى ان نسبة المشاركة في بيروت بلغت 21 في المئة، وتوزعت كالآتي: 11 في ميناء الحصن، 31 في المزرعة، 22 في الاشرفية، 22 في الرميل، 19 في الصيفي، 16 في المدور، 17 في دار المريسة، و19 في زقاق البلاط”.

اقرا ايضًا: بيروت صوّتت للبلدية سياسيا…وطائفيا!
الثاني: يتعلق بالمهاجرين، ولي في هذا الامر تجربة شخصية، فعائلة جدي لوالدي تألفت من 4 شبان، تعيش عائلات ثلاثة منهم في كندا، ويقتصر وجود عائلة والدي في لبنان، بما يعني ان 75 في المئة من عائلتنا هجرت البلد منذ زمن بعيد قارب الخمسين عاما. لكن اعمامي سجلوا افراد عائلاتهم في لبنان، وتالياً فان اسماءهم واردة على لوائح الشطب. ولا تعني عدم مشاركتهم في عملية الاقتراع، رغبتهم في المقاطعة او الاعتراض، بل ان الاجراءات الادارية لا تتيح لهم تلك المشاركة.
ما يحصل حاليا هو ان نسبة المشاركة تقاس بناء على لوائح الشطب، لا بالنسبة الى المقيمين، والذين تتيح لهم ظروفهم الاقتراع، وتصدر تالياً أرقام غير صحيحة، بما يعني ان احصاءات الانتخابات هي كذب بكذب، ولا تجرؤ الماكينات الانتخابية على نفيها او التشكيك فيها، لانها كانت استخدمتها لمصلحتها في مراحل مختلفة، وكل نكران لها يمكن ان يستغل ضد اصحابه.
أما حجة المقاطعة وسببها المعلن “قرف” اللبنانيين فليست مبررة اطلاقاً بوجود لائحة للسلطة واخرى للمعارضة، فمن يئس من اداء احزاب السلطة، امكنه الاقتراع للائحة “بيروت مدينتي”، او لغيرها في مدن اخرى.
خلاصتان: الاولى إننا صرنا أقلية لبنانية في بلد الغرباء، والثانية ان رغبتنا في التغيير تقف عند حدود الكلام.

(النهار)

 

السابق
اسرار الصحف المحلية الصادرة يوم الخميس في 12 ايار 2016
التالي
الأسد إذ يُراوده نهجُ الإبادة متمتّعاً بالحصانة الروسية