حرب مستمرة

بلدنا بلد المحاصصة الطائفية كل شيء مقسّم والمراكز ذاهبة لا للكفاءات وإنّما لهويات مذهبية وتعيينات يشكلّها الزعامات...

في أيار 2007، حرّك الحزب الإلهي المتحكّم بالجمهورية اللبنانية وحدات الأهالي بعد قرار الحكومة إقالة رئيس جهاز أمن المطار العميد وفيق شقير المعلل بالتزامن مع قرار التصدي لشبكة إتصالات “حزب الله”، فرفع المناصرون الغاضبون صور أسد المطار مستفظعين التعرض لمقام شقير، طبعاً من منطلقات “وطنية”. لو كان أسد المطار أورثوذكسياً أو مارونياّ أو سنياً أو كاثوليكياً أو أرمنياً لما اتخذ الإعتراض هذا البُعد الوطني الفاقع.
وفي هذا الشهر المبارك الذي نحتفل فيه بالذكرى ال 41 لبداية الحرب المستمرة، نشط إخواننا الكاثوليك في الحكومة اللبنانية مدعومين ببركة أبينا البطريرك غريغوريوس الثالث لحام لنصرة أخينا الكاثوليكي اللواء جورج قرعة الذي يعاني ما يعانيه مع نائبه الشيعي العميد الطفيلي على ما يُذكر في كل وسائل الإعلام.
ويوم طُرح موضوع ملء الشواغر في المجلس العسكري، وهو شأن عسكري ـ وطني، كان القرار النهائي للمرجعيات السياسية بحسب انتماءاتهم الطائفية.
وبكرا جايي تعيين رئيس الأركان الدرزي، هناك كفاءات سيأخذها رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي بعين الإعتبار ويختار من بين الأسماء المطروحة. قد يستشير أمير كوستابرافا وقد لا يستشيره.
أما بخصوص قائد الدرك، فالرأي الفاصل في تعيينه يعود لأكثر القادة الموارنة تمثيلاً.
ومدير عام قوى الأمن الداخلي لن يكون إلا موالياً للمكوّن السني وذلك في إطار وطني رائع. مين عم يحكي سنّة وماروني وشيعي وأقليات؟
يا حرام على خالد حدادة. ما حدا بيستشيرو بشي. حتى في النقابات لم تعد له كلمة. أما حركة الشعب العلمانية فصلاً ونسباً، فتتلطى وراء الفصيل الجديد “بدنا نحاسب” غير الطائفي لإحداث التغيير الجذري في تركيبة السلطة الرأسمالية والإمبريالية وإسقاط الطغمة الحاكمة. إيدنا بزنارك رفيقة نعمت.
في البلد المختزن كل التناقضات الطائفية، يعجز القادة الروحيون عن إصدار بيان إنشائي خالٍ من ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة.

إقرأ أيضًا: من يحكم لبنان؟
في البلد القائم على مفاهيم الكذب والتكاذب الوطني المشترك والإستزلام والمحاصصة يجد الأكفياء أنفسهم من طائفة المهمّشين.
في البلد العاجز عن إنتخاب رئيس ماروني للجمهورية اللبنانية، في عملية دستورية طبيعية وتلقائية، والعاجز عن صياغة قانون عصري للإنتخابات النيابية، والعاجز عن إقرار موازنة، والعاجزعن وقف البذخ على حساب الدولة، وعن إيجاد مفهوم واحد لفلش الزفت والعاجز عن تطبيق قانون الإثراء غير المشروع.
في البلد العاجز عن جلب متهمين بجرائم صغيرة أو كبيرة فقط بسبب إنتمائهم الطائفي الميليشيوي.
في البلد الذي ينادي الطائفيون حتى العظم والأحزاب الطائفية بإلغاء الطائفية السياسية والإقدام على العلمنة ويتلطى العلمانيون بعباءات رجال الدين.

إقرأ أيضًا: هل الدولة في لبنان حقيقة أم كذبة؟

في البلد الذي يصدّر مرتزقة (من طائفة واحدة) للدفاع عن طغاة ومقامات دينية وخيارات إنقلابية.
في البلد الذي يتشدق سياسيوه “الطائفيون” بنظافة أكفّهم الطاهرة، محذّرين دائماً وأبداً من اللعب على الوتر الطائفي.
في هذا البلد المبني على ميزان طوائفي، تستمر الحرب ناعمة بانتظار لحظة وطنية كبرى!

السابق
وهاب يعلق على جنبلاط بـ «الدعارة»
التالي
مقدمات نشرات الأخبار المسائية ليوم الاثنين 18-4-2016