هل ينقلب الحريري على ذاته ويجدّد ثورة الأرز؟

عاد الرئيس الحريري "حقاً عاد" تأخر عن موعد طائرته خمس سنوات، إلا في زيارات خاطفة ولساعات، واعتكف عن حاضنته اللبنانية السنية ما بين باريس والرياض...

في 14 شباط 2016، وبعدما تمظهرت تصدعات كتلة المستقبل وقوى 14 آذار إلى العلن ولم يعد يخفى على أيّ من الأطراف السياسية أنّ الحريري لم يعد القائد الروحي للثورة التي ولدت من دماء الشهداء في العام 2005، لا سيما بعدما قوبلت مبادرته بترشيح فرنجية بمعارضة شعبية واسعة، وبمواقف سياسية علنية وب”نكايات سياسية” أبرزها موقف ريفي الحاسم وما قام به جعجع من احراج للمبادرة الباريسية عبر اتفاق معراب وتبنيه للجنرال عون مرشحاً رئاسياً.

إقرأ أيضاً: سعد الحريري: عُد إلى لبنان

طريق الرئاسة التي لم تعد مفاتحيها الآذارية بيد الحريري، والشارع الذي انقسم بينه وبين المعارضين لمواقفه الأخيرة، والحاضنة الطرابلسية الأهم سنياً التي لم تعد في محوره لأسباب سياسية متعددة، وصولاً إلى توتر العلاقات مع الساحة المسيحية والحليف المسيحي الأقوى الدكتور سمير جعجع.
كل هذه التطورات التي تلاحقت وصولاً للإنفجار الكتروني على تويتر على خلفية تغريدة الحريري بأنّ ريفي لا يمثله، ليدخل ريفي بقوة تحت العباءة السنيّة، مما نبّه الحريري إلى ما خسره في غياب 5 سنوات عن لبنانه ومواطنيه ومحوره السياسي.
عشية اغتيال الحريري الحادية عشر اتخذ زعيم المستقبل قراراً بالعودة، ألقى خطاباً جماهيرياً بعدما وزع القبلات على من توترت العلاقات بينه وبينهما، كان مبتسماً مرر بعد “التلطيشات”، ونجح في القول “أنا الشيخ سعد ابن رفيق الحريري والمشروع مستمر”.
في اليوم الثاني بدأت التحركات، زيارات سياسية ورسمية لتأكيد جديّة العودة، ومن ثم صلاة جمعة في طرابلس تليها صلاة في طريق الجديدة، خطوات اعتمدها ابن الشهيد لإعادة الشارع السني إلى الخط الحريري.

زيارة الحريري إلى طرابلس
زيارة الحريري إلى طرابلس

الحريري الذي أكد بتأديته أوّل صلاة جمعة بعد مجيئه إلى طرابلس أنّه ما زال وفياً لها، والذي أكد بصلاته الثانية في طريق الجديدة للمراهنين أنّه ما زال هو نفسه “سعد الحريري 2005″، لم يتوقف عند أهم نقطة والتي هي مفصلية في تثبيت وجوديته، ألا وهي أنّ جميع هذه التحركات ليست كافية وأنّ المتوقع من سعد الحريري لن يتفاعل أكثر مع بيئته، بأكثر من خطاب وأكثر من صلاة وأكثر من زيارات دبلوماسية وسياسية.
المطلوب منه كزعيم سني أولاً وكزعيم تيار ثانياً وكتأكيد على استمرار ثورة 14 آذار ثالثاً، قلب الطاولة وإيقاف الحوار العقيم مع حزب الله، وإنهاء المهزلة السياسية.
فكل من الشارعين السني والمسيحي، ضاقا ذرعاً بحزب الله وبالتداعيات التي جرّها عليهم، فضلاً عن التخوف من الإنقلاب العربي على لبنان، “والخافي أعظم”، ولا ندري صحة القرارات التي تتداولها وسائل الإعلام والتي لم يعلم حتى اللحظة إن كانت إنذاراً أم أنّها ستصبح قراراً.

إقرأ أيضاً: سعد الحريري.. هو حضنٌ أولاً
هؤلاء، والذين هم أغلبية الشعب اللبناني يريدون زعيماً قوياً على الأرض، زعيماً يحرك المبادرات السنية – السنية، فيوحد صفه أولاً ومن ثم يوحد ساحته بكل مذاهبها وأطيافها، زعيما ًيقف مع المظلومية ويناهض القرارات الجائرة، زعيماً يقول كفى ويقول لهم “ثوروا… انتفضوا”، يريدون من الحريري أن يملأ ساحات 2005 بشعب 2016 وأن يواجه عنجهية حزب الله بإستقالة وبتظاهرات حضارية سلمية استطاعت ذات يوم أن تطرد الوصاية السورية..
يستطيع اليوم بذلك الانقلاب إن أراد الرئيس الحريري، أن ينتزع الجذور الإيرانية من لبنان، وأن يجرد السلاح الممانع من شرعيته، وأن يعيد العرب دون اعتذار أو وثيقة أو استجداء للسفارات إلى لبنان.

السابق
السيّد محمد حسن الأمين يتحدّث حول صراع الولاءات في لبنان
التالي
اقفال طريق جلالا بالاطارات المشتعلة احتجاجا على الفيديو المسيء لنصرالله