ماذا تنتظر الحريرية السياسية؟

تفاءل اللبنانيون عموماً والحاضنة السنية خصوصاً بعودة الحريري التي لم تحمل هذه المرة طابع "وان تيكت"، ليشكل خطابه في 14 شباط والسقف العالي للنقد والإنتقاد، شعارات رددها محبوه الذين سارعوا بالعودة إليه حينما عاد هو إليهم..

عرب وسنبقى عرب، لا للهيمنة الإيرانية، 14 أذار مستمر مشروعها، أسس أكدها الحريري في ذكرى اغتيال الشهيد الحادية عشر، مستتبعاً إياها بزيارات سياسية و روحية، للتأكيد أنّ سياسته اللبنانية أولاً.

خطوة الحريري قوبلت بإيجابية، فها هو السيد علي الأمين يعنون مقاله بـ “سعد الحريري: هو حضن أولاً” في إشارة للصورة التي تجلّت في البيال، ومن جهتها الزميلة الهام سعيد فريحة عنونت مقالتها بـ “سعد الحريري وشرف المحاولة”، أما الإعلامي نديم قطيش فكتب في المدن في تعليق على مشهدية الذكرى “الناس بألف خير”، في حين كتب عمر البردان في اللواء “مواقف الحريري في «14 شباط» أعادت الروح إلى انتفاضة الإستقلال”

إقرأ أيضاً:إلى السعودية: أضيئوا شمعة الدعم بدل أن تلعنوا ظلام الخذلان

وإن كان هناك من سيأتي ويقول أنّ استشهادي هو حصرٌ في المقالات الموالية، فحتى المعارضة منها لم تجد ما تنتقده في خطاب الحريري غير القشور فعلى سبيل المثال نجد مقالاً في جريدة الأخبار لنقولا ناصيف معنون بـ “الحريري عائداً: إستحقاق الرئاسة أم رسائل إلى حزب الله”.في حين حاول آخرون التصويب على لطشة الحريري لجعجع ملتزمين بغض الطرف عن سائر الخطاب والمواقف.

خلاصة الأمر، الحريري عاد “واثق الخطى” و 14 آذار خدعتنا أنّها موحدة، هذه الهمروجة التي ما لبث ان استفاق اللبنانيون منها على ما أعلنته المملكة العربية السعودية من وقف الهبة للبنان، هذا الموقف الذي خيّب التوقعات التي حسبت أنّ عودة الحريري إنّما خلفها قرار بعودة السعودية إلى لبنان.

الهبة التي أوقفت بسبب ثقافة الشتم التي التزمها محور الممانعة ضد السعودية والخليج، وصولاً لاتهام العرب السنة بالعمالة مع اسرائيل، هذا القرار الذي أظهر الحريرية السياسية في موقف الضعيف ليراهن اللبنانيون على موقف حاسم يحفظ ماء الوجه ويقول للخليج “نحن عرب وعراس السطح”.

قرار السعودية استتبع بإستقالة وزير العدل أشرف ريفي في موقف منفصل عن تيار المستقبل، ومفاجئ، معلناً أنّ الاستمرار في حكومة خاضعة لهيمنة حزب الله هو شهادة زور.

الحريري يوقع على الوثيقة
الحريري يوقع على الوثيقة

بعد استقالة ريفي، اجتمعت قوى 14 آذار انتظرنا استقالات جماعية وعودة إلى الساحات، وانتظرنا 2005 مكررة، ورفض للوصاية الإيرانية التي يحاول فريق سياسي فرضها من الشهداء ورياض الصلح، ولكن ما جاء بيان خجول ركيك تحفظ عن مساءلة جبران باسيل على خطيئته بحق العرب، كما لم يستدر إلى إيران ودورها.
لحد الآن لم تقلب الطاولة الشعبية على الحريري وتياره وعلى 14 آذار، ليصب المتابعون هذا الموقف الضعيف في خانة انتظار بيان الحكومة واتخاذ موقف حاسم.

يوم الإثنين اجتمعت الحكومة لمدة 7 ساعات، ليصدر بياناً على صيغة ما سبقه، يليه وثيقة مليونية من الحريري، وتنتهي الصورة غير المتناسقة بشرخ واضح بين تيار المستقبل التي تمظهرت بين ريفي والمشنوق يوم أمس..
وثيقة مليونية هي السبيل للرد على حزب الله الإيراني التوجه، الذي يشتم المملكة على كل منبر لتصل “وقاحة” سياسيه لمطالبتها هي الإعتذار، وثيقة الحريري والوفود التي أمّت للسفارة لم تغفر للبنان بوصلتها التي فرضها حزب الله، لتعلن المملكة سحب رعاياها من لبنان، وليتقاطع معها كل من الإمارات والبحرين “والحبل عالجرار”.
فماذا تنتظر “الحريرية السياسية” المعروفة بثوابتها اللبنانية، والعربية؟ ويخاف اللبنانيون الغيرون على لبنان أن يكون ما يقوم به تيار المستقبل ومن معه لم يعد اعتدالاً وإنّما مسايرةً على حساب لبنان، وثوابت سياسته الداخلية.

إقرأ أيضاً: هل سيتحرّك الرئيس برّي لإنقاذ المغتربين في الخليج؟

إن العودة إلى النصاب العربي أكثر من مطلوبة، على قاعدة “الثوابت الحريرية” التي عززت لبنان، قوياً عربياً، معافى، لا يخاف، ومعه الناس. إن شعب 14 آذار، حيُّ في ضمير ووجدان لبنان كله. وأي خطوات سيتخذها الحريري الابن ستكون مستندة إلى لحظة 14 آذار التاريخية وقاعدتها القوية والثابتة.
المهم أن لا يتراجع الرئيس الحريري، حامل الإرث وشعب لبنان معه بقوة لوقف كل التداعيات التي أضرّت بـ14 آذار وبلبنان، بدون شك.

السابق
بشرى الخليل: حسن يعقوب قبض مالا من معمّر القذافي
التالي
السعودية تتهم حزب الله: يستهدفنا بتهريب المخدرات