من الأسفل إلى الأعلى « هكذا تُبنى الأوطان»

تكثُر الأزمات في المجتمع اللبناني، كما تتكاثر مع تقدم الوقت في ظلِّ غيابٍ كامل للمؤسسات الحكومية التي تُعتبر المسؤول الأول عن مُختلف هذه الأزمات.

أما من جهته، فالمواطن اللبناني يعيشُ حالات من الضياع في بيئته الإجتماعية المُهملة، مدموجة بكثيرٍ من غيابٍ لحث المسؤولية عند من يتحكمون بلقمة عيش المواطن وأسلوب تنظيم حياته، تكسوها طبقة من اليأس الكبير من الحال التي وصل إليها واقعه الأليم. هذا التوصيف المؤسف هو واقع يعيشه أكثر من ثُلثي الشعب اللبناني، ويموت بسببه أيضًا عدد كبير من هذا الشعب العظيم، الشعب المرابط في أرضه عنوة تارة وإيمانًا طورًا، ينتظر أي فرصة ليتلقفها من السماء التي يُمني النفس دائمًا بأن تعطيه أيامًا أسعد له في وطنٍ حتى الكآبة باتت قليلة على نعته بها. فما هي مقاربتنا للحل؟

إقرأ أيضاً: في لبنان فقط…
قبل الدخول في عمق الحَل، للنظر إلى المثال التالي: يُخلق الإنسان صغيرًا وضعيفًا، يتربى في حضن أهله بشكلٍ مباشر، يتدرج في الحياة بشكلٍ هرمي من الأسفل إلى الأعلى. هذا المخلوق البشري يكبُر حسب ما تربى، ويتدرج في الحياة بحسب ما أراد أن يكون تقريبًا. هذا الطفل بمراحل نموه فهو المجتمع، أما الأهل فهم الحُكم المحلي أو السلطة المحلية المسؤولة عن إنماء هذا المجتمع بشكلٍ مباشر، أما صورة مستقبله فترتبط بنشاط أهله ونواياهم الصادقة في رسم مستقبله وهنا نكون قد أصبنا الهدف الأساسي اليوم في السلطة اللبنانية، ألا وهو المجلس البلدي.
هذا الترابط بين بناء السُلطة وبناء المنزل العائلي هو مثال حقيقي عن أهمية السلطة المحلية في بناء مجتمعها، كذلك أهمية أن تكون هناك إستقلالية لامركزية في مختلف الأمور المتعلقة في بناء المجتمع بشكلٍ عام، منها الأحزاب السياسية والمشاريع الإنمائية والتقسيمات الإدارية.

إقرأ أيضاً: مستقبل «البلديات»: هل بدأ الجيش بالتحذير من إجراء الإنتخابات؟

هذه المطالبة بتعزيز دور السلطات المحلية لا تنزع أي حق من حقوق السلطة المركزية، لكنها تنتزع منها حقًا يغتصبه كل يوم عبث هذه السُلطة المركزية العبثية، فهل يرضى أصحاب هذا الشأن أن يُغتصب جزء منه في وضح النهار؟؟؟ هكذا لا تُبنى الأوطان، والمغتصب للحق سيتذوق مرارة عبثيته يومًا ما في عقر داره الذي يبنيه على ركام ما يُهدَم داخل الوطن.

السابق
رسالة إلى الشهيد «رفيق الحريري»
التالي
مصادر طبية تؤكد لـ«جنوبية» خطورة الفايروس القاتل وفضيحة التقصير الطبي‏