ما أخفاه نظام الأسد عن العالم ومؤيديه حول تقدمه الأخير بالمعارك

حققت قوات نظام بشار الأسد المدعومة بسلاح الجو الروسي والميليشيات الأجنبية المتعددة، تقدماً محدوداً في شمال ووسط وجنوب سورية منذ نهاية الشهر الماضي وحتى بداية الأسبوع الجاري، وجاء هذا التقدم قبيل وأثناء مؤتمر جنيف 3 في محاولة من النظام لإيهام الرأي العام بأنه طرف أقوى بالمفاوضات لتقدمه على الأرض.

وركزت وسائل إعلام نظام الأسد على هذا التقدم في أرياف حلب، واللاذقية، ودرعا، ومارست دعاية إعلامية هدفها الأول رفع معنويات قوات الجيش المتهاوي من جهة، وطمأنة الحاضنة الشعبية الموالية له، لكن النظام أخفى “الوجه الآخر” لهذه الانتصارات المحدودة، مسدلاً ستاراً أسودَ على الثمن الباهظ من الخسائر البشرية والآليات العسكرية التي دفعها مقابل التقدم.

وفيما ضخّم نظام الأسد من تقدمه بريف حلب الشمالي و”فك الحصار” عن بلدتي نبل والزهراء المواليتين بدعم روسي، إلا أن ذلك كلفه خسارة العشرات من قواته والميليشيات المساندة لها، ويؤكد العقيد محمد الأحمد الناطق باسم “الجبهة الشامية” في تصريح خاص لـ”السورية نت” أن معارك ريف حلب الشمالي التي بدأت منذ بداية الشهر الجاري وحتى “فك الحصار” عن البلدتين أسفرت عن مقتل 180 مقاتلاً بينهم 24 من “الحرس الثوري” الإيراني، بالإضافة إلى 15 مقاتلاً من ميليشيا “حزب الله” اللبناني وآخرين من العراق وأفغانستان.

وخسرت قوات النظام في هذه المعارك عدداً من الضباط الكبار في جيش النظام، من بينهم ثلاثة من مرتبات الحرس الجمهوري وهم العميد الركن نواف حماد الخطيب من قرية بحصيص التابعة لمدينة دريكيش، والعميد الركن حافظ أحمد العبود من محافظة طرطوس، بالإضافة إلى معاون رئيس اللجنة الأمنية في حلب، العميد الركن مظهر زاهر، والذي قتل في ريف حلب الجنوبي، بالتزامن مع المواجهات بالريف الشمالي.

ويشير العقيد الأحمد لـ”السورية نت” إلى أن النظام خسر ما لا يقل عن 14 آلية عسكرية بين دبابات، وعربات “بي ام بي”، وقواعد “كورنيت” و”تركسات”، لافتاً أيضاً إلى الدور الذي لعبه الطيران الروسي في تقدم النظام، وقال إن “سلاح الجو الروسي شن آلاف الغارات” على مواقع المعارضة في ريف حلب الشمالي”.

من جانبه، يوضح مراسل “السورية نت” في حلب أن قوات النظام تكبدت خسائر كبيرة في بلدة رتيان التي استعادت قوات المعارضة السيطرة عليها الجمعة الماضية، وقال أحد القادة الميدانيين لـ”السورية نت” إن أكثر من 20 جثة لقوات النظام والميليشيات المساندة لها، شوهدت في شوارع البلدة.

وفي السياق ذاته، نوه المراسل إلى أن الخسائر الكبيرة للنظام في ريف حلب الجنوبي، أجبرته نهاية الأسبوع الماضي على جلب 16 سرية للمرابطة على الجبهات مع قوات النظام، وذلك لموت العديد من الجنود في المعارك الدائرة بمناطق الريف، وقدر مصدر في غرفة عمليات قوات المعارضة بريف حلب، أن 100 من قوات النظام والمليشيات قتلوا منذ بدء الحملة على الريف الجنوبي وحتى نهاية الشهر الماضي.

ريف اللاذقية
وليس بعيداً عن المواجهات بريف حلب، تواصل قوات النظام مسنودة بالطيران الروسي والميليشيات الأجنبية التقدم في ريف اللاذقية، واستطاعت الشهر الماضي بشق الأنفس السيطرة على بلدة سلمى الاستراتيجية بعد أكثر من 3 أشهر من المعارك.
ويؤكد الناشط الميداني في ريف اللاذقية هاشم الحاج بكري في تصريح خاص لـ”السورية نت” أنه خلال الـ15 يوماً الماضية، قتلت قوات المعارضة بين 70 إلى 100 عنصر من قوات النظام والميليشيات في الساحل، وأوضح أنه قبل 3 أيام قتل 15 عنصراً من كمين بمنطقة رويسة الروس في جبل الأكراد.

وربما تعد معارك سلمى الأكثر خسارة بشرية لقوات النظام منذ الشهور الثلاثة الأخيرة من العام الماضي وحتى الآن، وأكدت مصادر عسكرية من “الفرقة الأولى الساحلية” بريف اللاذقية، أنه خلال المواجهات بالبلدة على مدار 94 يوماً قتل ما لا يقل عن 600 مقاتل من قوات النظام والميليشيات المساندة لها، ووص–ف الناشط بكري المتابع لسير المواجهات آنذاك مواجهات سلمى بـ”مجزرة قوات النظام”.

ونقل عن مقاتلين في قوات المعارضة قولهم إن النظام حاول اقتحام سلمى 94 مرة، بمعدل محاولة فاشلة كل يوم، قبل أن يتمكن من بسط السيطرة عليها، وسبق هذه الخسائر، مقتل 40 عنصراً من قوات النظام في المواجهات التي سيطر خلالها النظام على تلة النبي يونس بعد 40 يوماً من المعارك، وذلك حسب شهادة جنود من قوات المعارضة أدلوا بها للناشط بكري.

وتعكس هذه الأرقام من ناحية أخرى، حجم الخسائر الكبيرة التي منيت بها الميليشيات الأجنبية، إذ يوضح بكري أن هذه الخسائر تأتي مناصفة بين قوات النظام (من الجنود السوريين وميليشيا صقور الصحراء) وعناصر الميليشيا لا سيما الأفغان وميليشيا “حزب الله” اللبناني.

ونوه بكري إلى الوضع المزري للمدنيين في جبلي الأكراد والتركمان جراء تكثيف الطيران الروسي لغاراته على هاتين المنطقتين واستهداف المدنيين بالدرجة الأولى، لا سيما مخيمات النازحين على الشريط الحدودي مع تركيا، مضيفاً أن ما يزيد الأمر سوءاً العقبات التي تواجههم لدخول الأراضي التركية، خصوصاً مع وجود الكثير من النساء والأطفال.

اقرأ أيضًا: حلف سنّي يتشكّل للدخول البرّي في سورية

ريف
وفي جنوب سورية عادت الجبهات للاشتعال مجدداً سيما مع دخول القوات الروسية على خط المواجهات، حيث تمكنت قوات النظام في 26 يناير/ كانون الثاني الماضي من السيطرة على مدينة الشيخ مسكين، لكن هذا التقدم كلف النظام مئات المقاتلين الذين أغفلت وسائل الإعلام الموالية ذكرهم.

مؤسسة شاهد الإعلامية المعنية برصد مجريات المعارك في الجنوب السوري، أكدت لـ”السورية نت” أن قوات النظام تكبدت خسائر فادحة خلال معاركها الأخيرة على الشيخ مسكين وبلدة عتمان. وقال مدير المؤسسة “أبو عبد الله الحوراني” إن “السياسة التي اتبعتها قوات النظام في مدينة الشيخ مسكين من خلال تقدمها البطيء في أحياء المدينة على مدى حوالي الشهر أدت إلى استنزاف القوة المقتحمة بشكل كبير حيث وثق مكتب الإحصاء في المؤسسة مقتل أكثر من 900 عنصر من تلك القوة بينهم نحو 400 عنصر أجنبي ونحو 20 ضابطاً بينهم ضابط إيراني بالإضافة، إلى عشرات من الجرحى كان يتم نقلهم بشكل يومي إلى مشفيي إزرع والصنمين العسكريين”.

وأضاف الحوراني أن قوات النظام خسرت في هجمتها الأخيرة على بلدة عتمان ما لا يقل عن 100 عنصر من قوات النظام والميليشيات المتحالفة معه خلال يومين من الاقتحام المدعوم بحملة طيران روسية مكثفة أدت في النهاية إلى سيطرة النظام على البلدة.

ولم يكن وضع قوات النظام أفضل حالاً في ريفي حمص وحماه، ويؤكد مراسل “السورية نت” يعرب الدالي نقلاً عن مصادر في قوات المعارضة بحمص، أن الحصيلة التقريبية لخسائر النظام في معارك كيسين (ريف حمص الشمالي) وحر بنفسه (ريف حماه الجنوبي) تتراوح بين 150 إلى 250 مقاتلاً، فضلاً عن تدمير العديد من الآليات العسكرية التي يقدر عددها بـ 30 آلية يتألف طاقمها البشري من 3 إلى 6 جنود.

ويشار إلى أن قوات النظام خسرت أول أمس 70 عنصراً من جنودها بريف دمشق، إثر محاولتها التقدم في منطقة تل الصوان وتل كردي بالغوطة الشرقية.

ودأب نظام الأسد منذ بداية زجه لقواته العسكرية في مواجهة قوات المعارضة التكتم عن الأعداد الحقيقية لقتلاه في سورية، فيما تستمر وسائل إعلامه بذات النهج الإعلامي منذ خمس سنوات مضت، والقائم على المبالغة في انتصاراته والتكتكم على خسائره، حسبما تقول المعارضة.

(السورية نت)

السابق
الأسد تحت الوصاية الروسية الإيرانية
التالي
استراتيجية جديدة للقضاء على الدعاية الإعلامية لتنظيم «داعش»