هل تعيد إيران حساباتها في سورية؟

انتشرت في عدة صحف في الآونة الأخيرة انسحاب القوات الإيرانية من سورية وبالأخص قوات الحرس الثوري الإيراني، وذلك بعد أن شهدت خلال الأشهر الماضية المزيد من الخسائر في الساحة السورية، مع انتشار شائعة إصابة قائد فيلق القدس من الحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني في حلب.

وبالتالي هل الحملة الإيرانية لدعم الرئيس السوري بشار الأسد قد ضربت عرض الحائط أخيراً؟ وهل سيتراجعون الآن؟

عندما بدأت روسيا حملتها العسكرية في شهر أيلول الماضي في سورية حشد الحرس الثوري الإيراني حوالي ألفين مقاتل داخل سورية تعزيزاً للحملة الروسية ومن أجل ترسيخ الضباط الإيرانيين بشكل وحدات صغيرة في العمق الميداني، مع العلم بأنه في الفترة السابقة أقتصر عمل هؤلاء الضباط بالدعم الاستشاري لجيش النظام، مع نشر الميليشيات الوطنية والأجنبية على الخطوط الأمامية في ساحة المعركة.

وتعتبر هذه التحركات المريبة للحرس الثوري الإيراني أشبه بالتكتيكات الأمريكية في حرب العراق بداية عام 2007، من خلال نقل القوات المتخصصة خارج المقر إلى قواعد التشغيل الأمامية، من أجل القضاء على الثوار السوريين، وما لبثت هذه القوات بالعمل حتى بدأت سلسة الخسائر الإيرانية.

ومن المحتمل حالياً انخفاض عدد المقاتلين الإيرانيين المتواجدين في سورية، ليقارب عددهم لـ 700 مقاتل. لماذا الآن؟

هناك تفسير واحد لذلك! ألا وهو نتيجة الخسائر التي تكبدتها إيران أثناء المعركة والتي دفعت بذلك الرئيس حسن روحاني إلى تخفيض عدد المقاتلين للنصف، إضافة لتخوف روسيا من انزلاقها في المستنقع السوري وهذا سيعرضها لمشاكل خطيرة في الاستمرار على المدى الطويل، حيث أشار عدة مسؤولون روس احباط موسكو من أداء جيش النظام، ولكن ربما المقصود هنا الحرس الثوري أيضاً.

إلا أن هذا التفسير ضعيف بعض الشيء، ليس بمجرد نفي نائب وزير الخارجية الإيراني عبد اللهيان للشائعات حول تراجع إيران في سورية، حيث لم تحقق الحملة الروسية السورية المشتركة مكاسب مذهلة، وفي الوقت نفسه لم تعاني من خسائر فادحة، فهي لم تفشل ولكنها جعجعة دون احتدام.

وإيران لم تتغير اتجاه نظام الأسد من أجل المحافظة عليه رغم النكسات التي تعرضت لها ومن غير المرجح أن يؤدي ذلك إلى إعادة تقييم ووضع استراتيجيات جديدة. في حين شكك المسؤولون الغربيون من مدى نجاح إيران في ذلك.

وقد تكون الشائعات حول “التراجع” الإيراني هي أيضاً تضليل من قبل طهران أو موسكو. بغية تحقيق مكاسب سياسية، فهي مجرد حيلة مفيدة في ظل المحادثات الدبلوماسية الساخنة حول وقف إطلاق النار المحتمل والتحولات السياسية. حيث طالبت السعودية إيران بتخفيض وجودها العسكري والأمني في سورية إذا ما أرادتها أن تدعم أي تسوية سياسية. فتصور الانسحاب الإيراني يمكن أن يساعد في تخفيف إصرار السعودية على عدم مشاركة الأسد في أي حل سياسي نهائي.

هذه الحركة من قوات الحرس الثوري على الأرجح قد تكون إعادة نشر للقوات وربما تكون الخسائر الفردية قد فاجأت بالفعل القيادة في طهران، ولكن هذا من المرجح أن يؤدي إلى إعادة حسابات تكتيكية وليس تراجعاً استراتيجياً عن هدفهم العسكري في تأمين دولة سورية قابلة للحياة تحت قيادة الأسد.

وربما يكون الانسحاب أيضاً جزءاً من الخطة الأصلية بين إيران وروسيا. فكلا الجانبين قد يضغط لمدة ثلاثة أو أربعة أشهر ويكسب ما يكفي من الأراضي للنظام السوري لتحسين موقفهم التفاوضي في التسوية السياسية المحتملة. وتكون “موجتهما” قد أوشكت على الانتهاء فقط.

في كلتا الحالتين، ومع اجتماع القوى العالمية من أجل تسوية الحرب الأهلية في سورية، فإن إيران ليست مستعدة للتخلي عن مقعدها على طاولة المفاوضات، لا سيما عندما يكون في موقع قوي لتشكيل أو إفساد التسوية.

فلماذا تسحب يدها الآن؟

المؤلف: ماثيو ماكلنيز

(ترجمة السورية نت)

السابق
الانباء: أبرز هجمات «داعش» وأنصاره حول العالم في 2015
التالي
تونس تمدد العمل بحال الطوارئ لشهرين اضافيين