لماذا لم تنتفضوا حين عذب السجناء الإرهابيون حرّاسهم واحتجزوهم؟

نهاد المشنوق
لعلّ أسوأ ما جاء من مشاهد التعذيب والتعنيف في الفيديوهات المسربة من سجن رومية هو تحويل قضية إنسانية بحت إلى قضية طائفية، لينسى المتابعون جرمهم ويصبح الدفاع عنهم أعمى. كأنّ ما جرى يمسّ فقط طائفة واحدة، على الرغم من أن ما جرى هو إساءة إلى اللبنانيين أجمعين وإهانة للإنسان كإنسان.

من المؤكّد أن تعذيب المساجين مهما كان جرمهم، وعرقهم وطائفتهم أمر غير مقبول لا انسانيًا ولا قانونيًا. فالتعذيب مدان حتى للارهابيين والقوانين تمنع اذيتهم الا إذا حكم عليهم بالاعدام.

إذاً هذه أمورٌ بديهية يوافق عليها الجميع. لكن وسط هذه المعمعة كلّها هناك فكرة ضاعت ولم ينتبه لها أحد. فأكثر من نصف اللبنانيين يقرّون أنّ هؤلاء المساجين يستحقون العقاب القاسي، لا سيّما أن بعض هؤلاء السجناء شاركوا في التخطيط وربما تنفيذ عمليات إرهابية.

فضيحة تسريبات سجن رومية هي قضية إنسانية بحت، ويجب الكفّ عن أخذها إلى منحى طائفي

هؤلاء أيضًا كانوا يديرون امارة رومية، ولم تسرب حينها فيديوهات عن حياة الترف التي كانوا يعيشونها ويديرون من خلالها عمليات أمنية خارج السجن. نهاد المشنوق أنهى هذه الامارة وهذه المهزلة. ومن ثم حدثت تجاوزات في المبنى (دال) من قبل المساجين، فلماذا لا نتذكّر الفيديوهات حين كان هؤلاء المساجين يحتجزون حراسهم ويضربونهم ويكبلونهم. وبالتالي هل يمكن، خلال مداهمة العسكريين لهؤلاء المساجين، أثناء تمرّدهم وبعده، أن يسيطر الوزير على ردات أفعال الدركيين واحداً واحداً؟

كفّوا عن الدفاع عن المجرمين كما لو أنهم أبرياء وعُذّبوا لأنهّم من أهل السنّة وليس لأنّهم إرهابيون ولأنّهم تمرّدوا وحاولوا اختطاف عسكريين وقتلهم

للأسف القضية أخذت غير منحاها الطبيعي، بل تحوّلت إلى قضية طائفة وتهمة نهاد المشنوق أنه لم ينحَز إلى سنيّته بل تصرّف كوزير للداخلية وفقًا لما تنص عليه القوانين والأعراف. خطأ المشنوق أنه معتدل لم يهلل بشعارات طائفية لكسب الرضى. فمن قال إنّه من واجب المشنوق أن يبقي لهؤلاء حياة الترف والنعيم داخل الإمارة السابقة؟ حتى وان كانوا أبناء الطائفة التي ينتمي إليها؟ ومن قال إنّ بعض من هؤلاء المساجين يمثِلون الطائفة السنية؟ فهؤلاء حين احتجزوا احتجزوا على خلفية جرمهم لا غير.

رومية

ولمن علّق ساخراً من لقاء المشنوق بالمسجونين الثلاث المعتدى عليهم وهم مكبلي الأيدي ألم يسأل نفسه: هؤلاء هم مجرمون وكما احتجزوا عناصر من القوى الأمنية، لا يستبعد أن يحتجزوا أيضًا المشنوق. فمن يضمن ردود أفعالهم؟

فضيحة تسريبات سجن رومية هي قضية إنسانية بحت، ويجب الكفّ عن أخذها إلى منحى طائفي. وكفّوا عن الدفاع عن المجرمين كما لو أنهم أبرياء وعُذّبوا لأنهّم من أهل السنّة وليس لأنّهم إرهابيون ولأنّهم تمرّدوا وحاولوا اختطاف عسكريين وقتلهم ربما.

السابق
لا رئاسة قبل رسم التوازنات في المنطقة
التالي
فيديو روميه: كيف تنقل النقاش من الملعب الشيعي إلى الملعب السني