نحن معه ونعرف أنه قاتل

ميشال سماحة

لقد اقتربنا من وجوههم أكثر مما يجب. ها نحن تماماً مع ميشال سماحة وجهاً لوجه. يلبس الـ”روب دو شومبر” ويأكل الصبير، ويلوح بيده لمحدثه بأن اقتلهم.

 

وها نحن أيضاً أمام رسائل بشار وأسمى الأسد الألكترونية إلى أصدقائهم، وما أطلق عليه NOW” #الأسد_ليكس هو في الحقيقة “مشرق ليكس”، وهو تتويج لعقود من استئثار نخب دموية فاسدة بمجتمعاتنا وجماعتنا.

 

لا يفصل اليوم بيننا وبينهم شيئاً. من معهم، وهم كثر، إنما هم معهم ومدركون أن هذا ما فعلوه، وهذا ما قالوه. ومن ضدهم لا حول لهم ولا قوة لإزاحتهم. فها هو ميشال سماحة بريء، ورستم غزالي، المؤتمن على بندقية المقاومة، شيطان رجيم، وكشف رسائل المقربين من الأسد إلى بعضهم بعضاً لن يفت من عضد الجماعة المؤيدة.

 

 

ثمة قاتل مُعلن لا يتورع “أصحاب قضايا كبرى” من السير خلفه! لا يشعرون بأنه يسيء لقضيتهم. معظمهم يعترف بأنه قاتل، وجميعهم يعرف ذلك، إلا أنهم يسيرون خلفه. “هل تريدون من الأسد أن لا يقتل الحريري وهو يدرك حجم الخطر الذي يُشكله عليه؟”. هذا حرفياً ما سمعته من مسؤول لبناني مؤيد للأسد في مناسبة خاصة، وسمعت الشخص نفسه في مناسبة عامة يُعدد الأسباب التي تدفعه للاعتقاد بأن اسرائيل هي من قتل الحريري! هذا الرجل لم يشعر بأنه بذل ماء وجهه أمامي، وهو يعتقد أن ما فعله أمر طبيعي، وأنني أنا من تعوزه الحكمة بسبب ذهولي.

 

 

لكننا اليوم أمام معادلة مختلفة. هذا الرجل لا يستطيع أن يقول، في مناسبة عامة، أن صديقه ميشال سماحة (وهو صديقه فعلاً) بريء، وأن بشار الأسد وعلي مملوك لم يرسلاه. ثمة فيديو لا يبدو فيه سماحة مجبراً على قول شيء. قال كل شيء بسخاء وكرم.

 

 

وهذا الرجل أيضاً يعرف أننا نعرف أنه يعرف من قتل حامل “أمانة المقاومة”، ويعرف أن “الأسد ليكس” صحيحة من ألفها إلى يائها.

 

ما العمل إذاً؟ شركاؤنا في الوطن وفي الإقليم هذه حالهم، فكيف نُدير النقاش معهم؟ أرجح أن المشكلة تبدأ في أن النقاش لا ينطلق من هذه الحقائق، فهم يباشرونه كأصحاب قضية، لا كجماعة منقادة وراء من أرسل ميشال سماحة كي يقتل وكي يُفجر. في الكلام الشخصي يعترفون أمامك أن الفيديو كارثة عليهم وعلى خيارهم، ولكن ما أن يبدأ النقاش حتى يستحضرون فلسطين، علماً أنهم أضافوا إليها اليوم “الأقليات” و”التكفيريين”.

 

 

ربما كان مفيداً أن يقولوا مثلاً: “نعم ميشال سماحة فعل ما فعل، وهو أُرسل لهذه المهمة، ونحن مؤمنون بما كان ينوي فعله”. هذا كان سيُقربنا أكثر من إمكان الوصول إلى نتيجة في النقاش.

 

لا يفيد بشيء أن تقول لهم أنك مع قتال “داعش”، وأن حماية الأقليات متقدمة في قناعاتك على مساءل كثيرة، فبالنسبة إليهم بشار الأسد، على رغم الفيديو الذي يصدقونه وعلى رغم البراميل والضحايا، هو ضمانة “فلسطين والأقليات وقتال داعش”!

 

لا يفيد أن تقول لهم أن بشار قيمة مسيئة لهذه العناوين، فالمسألة في جوهرها هي في مكان آخر. أما نحن ففي هذه المرحلة لا يسعنا إلا أن نُذهل من حقيقة أن بيننا من ما زال يقف خلف بشار الأسد. هذا لوحده يكفي لأن نغادر هذه البلاد.

(Now)

السابق
باحثون في الذكرى 99 للاتفاقية: المنطقة ستبقى في «عصر» سايكس–بيكو
التالي
مديرة اليونيسكو تحذر من ان أي تدمير لآثار تدمر: سيشكل خسارة هائلة للبشرية