البقاع على وقع القلمون والحكومة نائية

كتبت صحيفة “النهار” تقول : إذا كانت جلسة مجلس الوزراء امس حملت توجهات ايجابية من حيث تفاهم سياسي على اقرار الموازنة والمضي في جلسات متعاقبة من اجل استكمال هذا “الانجاز”، فإن الامر على اهميته لا يحجب واقعاً “مأسوياً” يتمثل في ان الحكومة بدت “آخر من يدرك” مجريات التطورات الميدانية الجارية على الحدود اللبنانية – السورية بدليل ان أي توقف عند هذه التطورات لم تشهده الجلسة. ولعل الأسوأ من ذلك ان تغدو “حماية الوضع الحكومي” افضلية او اولوية تتقدم كل الاولويات ويجري تحت هذا الشعار “تحييد” مجلس الوزراء عن خطر داهم تجنبا لانقسام حكومي فيما بدأت مناطق لبنانية واسعة ترزح تحت وطأة المخاوف من تمدد تداعيات معارك القلمون الصغيرة والكبيرة اليها.
في غضون ذلك، لفّ الغموض الوضع الميداني المتاخم للحدود الشرقية مع سوريا في الساعات الثماني والاربعين الاخيرة، على رغم ان مناطق البقاع الشمالي وبعض البقاع الاوسط عاشت أجواء شديدة الحذر على وقع اصداء المعارك التي دارت في المقلب السوري من الحدود.
وبصرف النظر عما حملته المعلومات والمعطيات المتناقضة والغامضة عما جرى امس على الجبهة الجردية التي كان “حزب الله” منخرطاً في القتال فيها مع وحدات من قوات النظام السوري في مواجهة مع التنظيمات المسلحة المعارضة للنظام، طغى هذا التطور على الاهتمامات الداخلية خصوصا بعدما برزت ليل الاربعاء الماضي ملامح تمدد محتمل لوتيرة التسخين الميداني نحو البقاعين الاوسط والغربي الامر الذي أشاع مزيدا من الاجواء المشدودة.
وقالت مصادر وزارية معنية بمتابعة هذه التطورات لـ”النهار” ان المعطيات العامة المتوافرة لدى الجهات الرسمية عن الحدود الشرقية تفيد أن هناك 18 فصيلاً للمعارضة السورية تشارك في القتال الذي يدور حاليا بصورة رئيسية بين الجيش النظامي السوري و”حزب الله” وكوادر إيرانية من جهة و”جبهة النصرة” و”الجيش السوري الحر” من جهة أخرى، وأن مسرح العمليات هو على مساحة طولها 40 كيلومترا وعمقها 17 كيلومتراً وهي تقع في منطقة ضبابية حول الحدود بين لبنان وسوريا بحيث يصعب أحيانا معرفة أين هي الاراضي اللبنانية وأين هي الاراضي السورية. وتحدثت عن محاولات إعلامية لتوريط الجيش اللبناني في هذه المعارك مما استدعى تحركا رسميا في اتجاه الدول الكبرى المعنية لتأكيد عدم صلة لبنان بها والتشديد على أن دور الجيش اللبناني محصور بحماية الحدود اللبنانية والسكان داخل الاراضي اللبنانية، كما سبق للجيش ان أكد ذلك تكراراً.
وفيما بدا من الصعوبة بمكان تثبيت ما اذا كانت المعارك التي دارت امس على بعض تلال منطقة القلمون السورية تنبئ بنشوب “معركة القلمون” الكبرى التي يجري ترويجها منذ مدة، أم انها محاولات قضم متدرجة، نقلت “وكالة الصحافة الفرنسية” عن مصدر ميداني سوري ان الجيش السوري وحلفاءه تقدموا في محيط بلدة عسال الورد وجرودها المتاخمة للبنان، مشيراً الى “مقتل العشرات من الارهابيين”. واعتبر مدير “المرصد السوري لحقوق الانسان” رامي عبد الرحمن الذي يتخذ لندن مقراً له ان “ما يجري عملية قضم وليس عملية عسكرية كبيرة”، موضحاً ان قوات النظام و”حزب الله” تمكنت من السيطرة على تلال عدة مشرفة على عسال الورد بعد قصف مكثف استخدمت فيه صواريخ “بركان” الايرانية وصواريخ ارض – ارض متوسطة المدى”. وأضاف أن المعارك “مستمرة منذ اول من امس بقيادة حزب الله ومشاركة قوات من الجيش السوري ولا سيما منها لواء الحرس الجمهوري”. الا ان عبد الرحمن شدد على ان التقدم الذي احرز امس “ليس استراتيجياً والمعارك ليست بالحجم الذي يصوره الاعلام”، مشيراً الى “تضخيم اعلامي” لما يجري.
وبثت “قناة المنار” الناطقة باسم “حزب الله” مشاهد لمنطقة المعارك وقالت ان الجيش السوري والحزب سيطرا على تلال عدة من أبرزها تلة استراتيجية معروفة باسم قرنة النحلة وان مقاتلي الحزب سيطروا على عسال الورد على نحو يحقق التواصل بينها وبين جرود بريتال.
وفيما سقطت صواريخ مساء على اطراف بعلبك من دون وقوع اصابات، ساد حذر شديد امس منطقة المصنع الحدودية والقرى المحيطة بها لجهة البقاع الغربي بعدما عاشت هذه المناطق للمرة الاولى ليلا مضطرباً على اصوات دوي القذائف وسط غياب المعلومات عن طبيعة الاشتباكات التي دارت في المقلب السوري المتاخم. وتردد ان اشتباكات حصلت بين الجيش السوري ومجموعات كانت تتسلل الى لبنان من دون اي تأكيد لهذه المعلومات.

 

السابق
ايران بلا بيئة حاضنة في سوريا… ولعبة داعش انتهت
التالي
«رباعية» جنبلاط: النظام السوري وراء الاغتيالين