البقاع وأزلام الأسد: عن الشيخ عرفان الذي خرج ولم يعد

الشيخ عرفان وابنته
في صبيحة الثالث من آذار 2013، خرج الشيخ عرفان رضا المعربوني من بلدته بر الياس (في البقاع الأوسط) متوجهاً إلى مسجد "خير النساء الهاشمي" الكائن في بلدة جلالا المجاورة حيث يعمل إماماً ولم يعد. عامان مرّا على الاختفاء وأصابع الاتهام تشير إلى النظام السوري، لكن هل من متابع للقضية؟

“كيف لأمك أن تفرح في يوم ميلادها وأنت بعيد عن ناظريها … الله يرجعك بخير وسلامة”.

بهذه العبارات الممزوجة بالعبرات المسكوبة على صفحتها “الفيسبوكية”، حاولت ماريا شقيقة الشيخ المخطوف عرفان رضا المعربوني لفت الأنظار مجدداً إلى معاناة أسرتها المستمرة منذ أكثر من عامين.

في صبيحة يوم الأحد الواقع في الثالث من شهر آذار مارس عام 2013، خرج الشيخ عرفان الذي لم يكمل عامه الثلاثين بعد، من بلدته برالياس (في البقاع الأوسط) متوجهاً إلى مسجد “خير النساء الهاشمي” الكائن في بلدة جلالا المجاورة حيث يعمل إماماً … خرج الشيخ ولكنه لم يعد.

لم تتأكد حتى الآن على الأقل بالدليل القاطع ملابسات عملية الاختفاء أو الخطف وأسبابها، إلا أن الشبهات تحوم وفق ما تؤكد ماريا في حديث خاص لـ “جنوبية” حول أنصار وشبيحة النظام السوري، وما أكثرهم في لبنان، تقول شقيقة المعربوني.

تشير ماريا إلى أن ثمة ما يدعم هذه الفرضية (اختطاف أخيها من قبل أزلام النظام السوري)، فقد وصلت العائلة معلومات شبهة مؤكدة حول قيام مجموعة تابعة للجبهة الشعبية القيادة العامة التي يتزعمها أحمد جبريل باقتياد الشيخ المناصر للثورة السورية من المسجد عنوة إلى جهة مجهولة.

لم تقف العائلة مكتوفة الأيدي أمام سيل الأنباء وتضارب الفرضيات البوليسية، فحاولت بشتى الوسائل والسبل معرفة ولو صغير تفصيل عن ابنها المختطف من الأجهزة الأمنية المعنية بهذا الملف، إلا أنها لم تحصل على جواب شاف وواضح، بل خرجت بمزيد من الفرضيات والتخمينات.

سلكت الأسرة الحائرة مسلكاً آخر يمر بمكاتب المسؤولين الموالين وحتى أولئك المعارضين للنظام السوري علّها تجد ضالتها المنشودة بالحصول ولو على معلومة بسيطة تفيد بمكان وجود عضو هيئة العلماء المسلمين، ولكن طرق أبواب المسؤولين لم يأت بما هو أكثر من فنجان قهوة وكوب شاي وبضع عبارات تضامن وتعاطف ووعود لا تسمن ولا تغني.

“الله وكيلك الوالد ما ترك حدا، راح عند وزراء نواب ورؤساء بلديات وغيرن وكأن شيئاً لم يكن” تقول ماريا، بيد أنها تتوقف كثيراً عند ما وصفته بتلميح أحد الوجهاء والشخصيات من أن الشيخ عرفان قد يكون موجوداً على الأرجح في فرع فلسطين الشهير في العاصمة السورية دمشق.

بعد أيام قليلة وتحديداً في السابع والعشرين من نيسان أبريل الجاري تكمل مريم ابنة الأزهري الذي وقفت دار الفتوى هي الأخرى عاجزة أمام محنته المستعصية على الحل، عامها الخامس وهي تبحث عن والدها في دموع جدتها التي لم تجف منذ رحلة الرحيل القسري لفلذة كبده.

في واحدة من الخطب الأخيرة التي ألقاها قبل الاختفاء اللغز وحصلت عليها “جنوبية” يقسم الشيخ عرفان بأن “نصرة الشعب السوري المظلوم واجب بالمال والسلاح …”. وربما من المفارقة جزمه النهائي في سياق الخطبة ذاتها بأن “النظام السوري تفوّق في إجرامه وإرهابه على التتار والمغول …”، قد تكون كلمات الشيخ الدليل الأصدق وربما الأوحد على هوية الخاطفين ومشغليهم.

السابق
اقفال معمل البان وأجبان في زحلة ومطعمين في بعلبك
التالي
جعجع: لبنان وطن الشعوب المقهورة ونريده واحة للحرية لا متراسا للقمع والظلم