نداء إلى مؤسسة الأزهر

مشيخة الازهر

يحقّ لأيٍّ كان أن ينزعج من رسوم “شارلي ايبدو”. يحق لأيٍّ كان ايضاً أن يمتعض، ألاّ يتمتع بحسّ السخرية، وأن يضع مقدساته “فوق كل الاعتبارات”- فوق كل الاعتبارات تقريباً، إلاّ حياة الانسان. المجلة المذكورة لم تترك ديناً، تقريباً، من كاريكاتورها: المسيحية، اليهودية، البوذية وهلمّ. لمن لا يصدّق، فليبحث، على سبيل المثال لا الحصر، عن غلاف عدد 14 تشرين الأول 2011، أو عدد 8 تشرين الثاني 2012 الذي كاد، في المناسبة، يتسبب بذبحة قلبية لبابا روما آنذاك. وُجِّهَت الى المجلة كل الاتهامات الممكنة: التجديف. الكفر. معاداة السامية. التعرّض للمقامات. التحريض على التمييز العنصري وعلى الكراهية. جرت تظاهرات مندِّدة بالمجلة، رُفعت عليها دعاوى، وكُتِبَت ضدّها عرائض لا تحصى. لكن لم يصل أيٌّ من المستفَزّين أو المهانين أو المجروحين أو المحقَّرين الى حدّ القتل.

لا حقوق لأحد في العنف، ولا خصوصاً في القتل. لا حقوق لأحد في تأييد القاتل، ولا في التبرير. خصوصاً التبرير. أياً يكن القاتل. لا يستطيع المرء أن يكون صاحب حقّ، وأن يكون في الآن نفسه صاحب فكر تكفيري، وأن يقتل الآخر بسبب الاختلاف في الرأي معه وفي كيفية التعبير عنه. كلّ تبرير لفعل القتل، بالقول إن المجلة فعلت كذا وكذا، مما لا يُقبَل، ولا يُحتمَل، إنما يندرج في باب المشاركة العلنية الموصوفة في القتل. ليس مقبولاً الحديث عن “فعل وردّ فعل”. ولا الحديث عن العنف الذي “يستدعيه” الاستفزاز. ولا عن “القهر الذي هو الأصل والسبب”. لم يعد مقبولاً السكوت، ولا التجاهل، بحجة أن هؤلاء “الهمجيين ليسوا منا ولا يمثلون الاسلام فلماذا نتبرأ منهم؟”.
كتب المحامي عبد الحميد الأحدب في “النهار” (عدد 9 كانون الثاني 2015) أن “الثقافة السائدة بين المسلمين تحتاج الى ثورة تصحيحية سريعة على عاتق المثقفين المسلمين الذين يملكون الجرأة ويتحدّون الفتاوى”.
حقاً. بل أكثر. فقد بات من واجب كلّ شخص؛ تالياً من واجب كلّ مسلم مثقف، أن يتحلّى بالشجاعة اللازمة للمساءلة والمراجعة و”الثورة”.
“هذا ليس الإسلام الحقيقي”، يقول المستنكرون، وهم كثر. والحال هذه، بات اذاً من واجب المؤسسة الدينية العليا في الإسلام، كما من واجب العلماء والشيوخ المسلمين المتنورين أن يضعوا حداً نهائياً لهؤلاء التكفيريين الإرهابيين، بالقول إنهم خارج الإسلام، وإن الإسلام منهم براء.
إذا أراد “الأزهر” أن يصنع أعجوبة، فأن يقول بالفم الملآن: هؤلاء ليسوا من الإسلام في شيء!

السابق
قطر تسحب منتجات لـ«فيكتورياز سيكريت»
التالي
واشنطن تؤيد لقاء القاهرة للمعارضة السورية وتنأى بنفسها عن التخطيط لاجتماع موسكو