فلسطين، سوريا والبحرين: الكيل بمكيالين

مجلس الأمن
في البحرين، ومهما احتدم الجدل حول محركات المعارضة ودوافعها وارتباطاتها المفترضة، هناك حراك مدني حضاري سلمي، شكل في صبره وطول أناته وحيويته، حجة على ضفتي النزاع في الشرق والغرب وعلى الجبهات كافة.

في مآل الدولة الفلسطينية، كما في مسار الحراك البحريني، مشهد جريء وواقع مؤسف، لا يحظيان بالكافي من العناية الاعلامية، سواء في عرض كلتا القضيتين، أو في المواقف المتصلة فيهما، سلبا وإيجابا.

شعب شريد جريح، تتشطره انياب الطامعين المغتصبين، وأهواء المتنافسين من أهله، يأمل في ان يحظى بفرصة الحصول على إسم وهوية على خارطة هذا العالم الواسع الآخذ في الضيق على اهله. بإشارة بسيطة غير خفية من الكيان اليهودي، الذي ثبّت أحقية يهوديته، عندما نجح في جعلنا تيارات متلاطمة، اديان وطوائف ومذاهب وملل، بإشارة بسيطة تم نقض القرار الأمي (قرار الامم المتحدة) أو بالأحرى إجهاضه كمشروع قبل أن يصير قرارا.

فضيحة سياسية إنسانية بهذا الحجم، مرت في الوجدان كما في الأخبار، بما لا يضاهي خبر مباراة كرة قدم. بينما كان التعاطي مع الفيتو الروسي حيال القرارت المتصلة بالوضع السوري- على جدليته – أشبه بالتعاطي مع فضيحة أخلاقية مدوية. كل النعوت وجهت للروس ومن يسير في ركابهم ومن يصفق لهم، وكذلك لإيران. اليوم يرفض أن يكون للفلسطينيين مجرد أمل، ولا من يرفع الصوت ولا من يسحب السفراء ولا من يمارس اي ضغط من الضغوطات الممكنة.

في البحرين، ومهما احتدم الجدل حول محركات المعارضة ودوافعها وارتباطاتها المفترضة، هناك حراك مدني حضاري سلمي، شكل في صبره وطول أناته وحيويته، حجة على ضفتي النزاع في الشرق والغرب وعلى الجبهات كافة.

في البحرين يسجن أمين عام جمعية الوفاق، شيخا كان أم لم يكن، ولا حقوق انسان ولا مشاعر عربية تهتز، ولا HUMAN RIGHTS WATCH ولا ولا ولا…

حيال القضيتين هناك من يراقب بعين واحدة ونظر قصير، فأي صورة سوف تبدو له وأي رؤية سوف تتبدى، وأي موقف سوف يتخذ.

جميلة هي الصورة في كلتا العينين، إزاء أي قضية. ففي سوريا معارضة محقة لنظام غير ديمقراطي – في أبسط تقدير- وهناك ايضا نظام ينتمي -على علاته – الى محور مصالح معينة، يتم الهجوم عليه بآخر نوع من الحروب وبأبشع أدوات القتل البشرية والفكرية والآلية.

في المنطقة قوة عظمى هي إيران، تدعم كل جبهات المقاومة وقوى التحرر، لكنها في آن لم تستطع أن تقنع الآخرين، وجيرانها بالحد الأدنى، أن لا طموحات فارسية لديها ولا حنين إلى مجد تليد. هذه القوة التي اصبحت بالصدفة أو بغيرها، الدعاية المجانية لتسويق السلاح الغربي في اسواق الانظمة الخائفة بحق ربما أو بغيره.

في لبنان مقاومة ناجحة ومتفردة في تجربتها، سلاحها هو اليوم أهم أسباب الاستقرار الأمني في الجنوب، وكذلك بسالة رجالها وحسن تدريبهم عمق ايمانهم. ولكنها في آن، ونظرا للقوة التي تمتلك، ونظرا للعلاقة العضوية العقيدية التي تربطها بالخارج، أصبحت عامل عدم استقرار، وخوف لدى قسم من اللبنانيين.

السلاح يستخدم في الخارج كأداة قتل، لكن هيبته وقدسيته لدى أصحابه جعلاه ثقلا أساسيا في اللعبة الديمقراطية، الامر الذي أفقد المقاومة حيادها السياسي من جهة، وأفقد الحياة السياسية العامة، وفي بيئة المقاومة الديموغرافية بشكل أخص، الكثير من العدالة وتكافؤ الفرص. النظر الى الأمور بعينين اثنين، يريح البصر والبصيرة ويرجح الصواب في الرأي والعمل.

السابق
أرملة دراكولا في عرض مسرحي باريسي
التالي
القرنفل والموز لعلاج التفوئيد