أثر الإشتباكات المسلحة على الوضع النفسي لأطفال عين الحلوة

أطفال عين الحلوة
ما هو الأثر الذي تتركه الإشتباكات المسلحة على الوضع النفسي لأطفال عين الحلوة؟ التفاصيل في مقال ينفرد موقع "جنوبية” بالتعاون مع مركز "تطوير للدراسات" بنشره من ضمن أبرز المواضيع الواردة في التقرير السادس للمركز (حلقة النقاش الخامسة)

يبدو أن الإشتباكات الأمنية التي يشهدها مخيم عين الحلوة بين الحين والآخر تؤثر على حياة الناس الإقتصادية والإجتماعية والنفسية. وباتت تؤثر أكثر على الحالة النفسية لطلاب المدارس.

في أحد زواريب حي المنشية في مخيم عين الحلوة كان أحمد الذي يبلغ من العمر نحو عشرة سنوات، يجلس على درج بيته. سألته مستغربةً: لما لست بالمدرسة؟ قال: تركتُ المدرسة، لم أعد أحبها، دائماً أسمع صوت الرصاص وأخاف منه كثيراً.

لكن عبير وهي إمرأة في الأربعين من عمرها ، حدثتني عن أطفالها الثلاثة. وكيف تعاني من التعامل معهم بسبب حالة العدوانية التي أضحت  لديهم، بعد تعرض منزلهم لعدد من رشقات الرصاص في أحد الإشتباكات، وأضافت: أثناء حدوث الإشتباكات عانوا من حالة خوف هيستيرية. وضَعُفَ تركيزهم في الدراسة وصار إستيعابهم بطيئاً جداً، وهذا ما لاحظه معظم معلميهم أيضاً. بعد أن كان مستواهم الدراسي في الأيام العادية عالياً جداً.

وفي أحد الزواريب كان بعض الفتيان عائدين من المدرسة. أحدهم واسمه محمد عمره 14 سنة، أخبرني كم يشعر بالخوف من صوت الرصاص والإنفجارات أثناء الإشتباكات وأن الأصوات تصل واضحة إلى منزلهم الكائن في حي المنشية. وأكمل كلامه، وأنا أرى الخوف في عيونه، “بعد إنتهاء الإشتباكات والعودة الى المدرسة اسمع في كثير من الأحيان تلك الأصوات تحوم في أذني وافقد تركيزي في الصف.

أما صديقه نور الدين البالغ 13 عاماً فإنه دائماً يخشى إندلاع أي إشتباك مسلح وهو في المدرسة لأنه عانى من هذا الموقف سابقاً، وهو لا يريد أن يعيش نفس الحالة مرة ثانية فصار يكره الذهاب للمدرسة.

واستوقفتني في الطريق طالبة تبلغ نحو 8 أعوام تبكي وثيابها مبلولة ومعها أمها. بادرتني الأم بالحديث: الله يسامح من أوصلنا لهذا الوضع، صارت ابنتي تعاني من تبول لاإرادي بسبب الخوف، وأوضحت: منذ نحو الثلاثة أشهر إندلع إشتباك وحوصرنا في الحمام فترة طويلة، ومن حينها أصبحت إبنتي تخاف كثيراً وتعاني من هذه الحالة وأصبحت تكره الذهاب للمدرسة حتى لا تشعر بالإحراج أمام صديقاتها ومعلماتها.

وأوضحت الإختصاصية النفسية سلام عبد الغني أن للنزاعات المسلحة آثاراً نفسية عديدة كحالات القلق والهذيان، وينتج عنها في المدى البعيد اضطرابات ذهنية وإدراكية وإنفعالية.

وأضافت: ومن أخطر هذه الاضطرابات حدوث قصور عقلي لدى الطفل، وما يعرف بتوترات ما بعد الصدمة في حال خسر الطفل أحداً من أهله أو أقاربه خلال النزاعات.

وأشارت أيضاً للآثار السلبية على التحصيل العلمي. وبحسب دراسة مستقلة لناشطين إجتماعيين في مخيم عين الحلوة تبين أن نسبة التحصيل العلمي ما قبل النزاع تكون عالية ويمكن قياسها من 6 إلى 9 من 10 وبعد النزاع، من 4 إلى 7 من 10.

هذا التأثير النفسي الذي يؤثر بالتالي على المستوى التعليمي للطلاب يجعلنا نتسائل: إلى متى سيبقى أطفالنا ضحية  نزاعات مسلحة لا ناقة لهم فيها ولا جمل.

السابق
سنة 2014 لم يبق منها إلا أيام وتسدل ستارتها
التالي
هل يعيش الجميع في «طابق جنى الحسن الـ99»