المشنوق مع إعادة التوازن إلى الخطة الأمنية ومواقفه لم تفاجئ حزب الله

كتبت الحياة تقول: “كثرت التفسيرات للأسباب الكامنة وراء الموقف الذي أعلنه وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق في الخطاب الذي ألقاه مساء أول من أمس بمناسبة الذكرى الثانية لاغتيال اللواء وسام الحسن، مع ان بعضها لم يظهر الى العلن وبقي قيد التداول بين أطراف على صلة وثيقة بقوى «8 آذار، فيما بعضهم الآخر يقول إنه لم يعد في وسع وزير الداخلية إخفاء الأسباب التي أدت الى الخلل في تطبيق الخطة الأمنية في طرابلس والبقاع الشمالي بعدما شعر بأن تحذيراته لم تؤخذ على محمل الجد من قبل معنيين أساسيين في إنجاح الخطة.

ومع ان من يعترض في السر على المواقف التي أطلقها المشنوق يعزو السبـــب الى ان تيار «المـــستقبل ذهب بعيداً في حملته على المجموعات الإرهابية من «جبهة النصرة
الى «داعش وأنه بات مضطراً لأن يعيد النظر في موقفه منهما بذريعة انه أخذ يشعر بأن جمهوره ومحازبيه في مكان آخر ويتعاطفون مع هذه المجموعات ضد «حزب الله، وبالتالي لا بد من الاعتماد على المشنوق شخصياً لتبديل موقفه، فإن من يؤيد مواقفه يستغرب لجوء بعضهم الى البحث عن ذرائع يريد منها الهروب الى الأمام لأنها تتناقض كلياً مع واقع الحال الذي أعاق تطبيق الخطة الأمنية في شكل متوازن.

أسئلة مؤيدي المشنوق

ويسأل الذين يدعمون موقف المشنوق المعترضين على كلامه، من أين ابتدعوا مثل هذه الذريعة التي لا يصدقها عاقل خصوصاً أنه لم يوقف هجومه على المجموعات المسلحة وكان آخر محطات هذا الهجوم الموقف الذي صدر عنه قبل يوم من خطابه في قصر الـ «يونيسكو وتحديداً في المهرجان الذي أقامه مجلس العمل البلدي والاختياري في «حزب الكتائب، وفيه خاطب قتلة شهيد الجيش اللبناني الجندي جمال جان هاشم قائلاً: «أكرر للقتلة ان لا لحاكم ولا صلاتكم ولا راياتكم ستحميكم من القصاص، نحن لكم بالمرصاد، سينتصر الاعتدال في لبنان؟

كما يسأل هؤلاء، إذا كان المشنوق يريد الإعداد للتراجع تدريجياً عن مواقفه ضد المجموعات المسلحة والإرهابية، فإنه ليس مضطراً لتجديد موقفه منها عشية حلول الذكرى الثانية لاغتيال اللواء الحسن؟ وهذا ما يدحض ما أخذ يشيعه بعضهم من الفريق الآخر في قراءته مواقف وزير الداخلية من ان زعيم تيار «المستقبل الرئيس سعد الحريري كان وراء تراجعه لأنه أحس بأن شعبيته داخل الطائفة السنية وخصوصاً في طرابلس وعكار الى تراجع لأن موقفه الأخير كان واضحاً عندما قال: «نحن في موضوع «داعش لا نساوم على الإطلاق فهؤلاء إرهابيون قاتلوا اللبنانيين والجيش اللبناني ونحن سنقاتلهم لأنهم لا يمثلون الإسلام ولا علاقة لهم به، وإن من يدافع عن هذه المجموعات حتى لو كان من فريقنا السياسي عليه ان يذهب إليهم”.

طفح الكيل

لذلك يعتقد الذين يدافعون عن مواقف المشنوق بأنه لم يكن مضطراً ليقول ما قاله في «الأونيسكو لو لم يشعر بأن «الكيل طفح وأن لا تجاوب مع التحذيرات من ان الخلل في تطبيق الخطة الأمنية سيدفع بفريق الى الشعور بأنها موجهة ضده ولمصلحة الآخر الذي يجني ثمارها من دون أن يلتزم بها.

ويكشف هؤلاء بأن المشنوق بدأ يتحرك منذ أكثر من شهر لضمان التطبيق المتوازن للخطة الأمنية من خلال تصحيح الخلل الذي يعترضها لا سيما في منطقة البقاع الشمالي، ويؤكدون بأنه التقى لهذه الغاية رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس «تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ومسؤول الارتباط والتنسيق في «حزب الله وفيق صفا، إضافة الى ان رئيس الحكومة تمام سلام وقائد الجيش العماد جان قهوجي وقادة الأجهزة الأمنية على علم بتحركه وبالدوافع التي أملت عليه مصارحة جميع من التقاهم بالخلل الذي يعيق تحقيق التوازن في تطبيق الخطة الأمنية.

ويعتقد مؤيدو المشنوق بأن جميع هؤلاء هم شهود على ما قاله لأنه وضعهم في الأسباب الكامنة وراء عدم ارتياحه الى الخطة الأمنية، بعد ان توصل الى قناعة بأن لا نتائج ملموسة لتحركه هذا في اتجاه القيادات السياسية.

وينقل هؤلاء بعض ما جاء في لقاء المشنوق – صفا ويؤكدون قول الأول له: نحن نريد الشراكة في البلد ونطمح الى تنقية الخطة الأمنية من الشوائب التي تُشعر فريقاً بأنها موجهة ضده، ولن نتحول الى «صحوات كما هو حاصل في العراق لأن من دون الاعتراف بالشريك الآخر ودوره لن يقوم البلد وليس لدينا سوى التعاون لتصويب ما يعتري الخطة الأمنية من خلل.

ويؤكدون أيضاً بأن المشنوق عقد لقاءات مع القيادات الأمنية ورؤساء الأجهزة الأمنية في كل القطاعات ويقولون إن الرئيس سلام كان حاضراً وإن بعضها حصل بين وزير الداخلية وأحد كبار المسؤولين الأمنيين وإن اللقاء تمحور حول وجوب تفعيل الخطة الأمنية.

ويضيف هؤلاء بأن حواراً حصل بين المشنوق والمسؤول المذكور حول دور جهازه في تفعيل الخطة وأن وزير الداخلية تقدم بأكثر من اقتراح في حضور قادة القوى الأمنية ويكشفون بأن من أبرز الاقتراحات التي تقدم بها المشنوق، تشكيل قوة ضاربة قوامها ألف عنصر (500 من الجيش و300 من قوى الأمن و200 من الأمن العام) على ان تكلف بضرب الجزر الأمنية أينما وجدت إضافة الى التشدد في مواجهة عمليات الخطف من قبل عصابات مسلحة تشترط دفع فدية مقابل الإفراج عن المخطوفين أو تقوم بسلب المواطنين، لا سيما في منطقة البقاع الشمالي وجوارها.

27 عملية خطف وسلب في ظل الخطة!

ويتابعون بأن المشنوق أثنى على دور القوى الأمنية لكنه سأل في المقابل ماذا سنقول للبنانيين في ضوء تزايد عمليات الخطف والسلب مع بدء تطبيق الخطة الأمنية والتي بلغت أكثر من 27 عملية من قبل عصابات معروفة؟ ويؤكدون بأن المشنوق لم يتهم أي جهاز بالتقصير، لكنه في المقابل رأى ان هناك ضرورة لتفعيل الأجهزة الأمنية لأن التوازن في تطبيق الخطة يقطع الطريق على من يلجأون الى المزايدة في الشارع بذريعة انها تطبق على فريق من دون الآخر.

ويرى هؤلاء أيضاً بأن هناك من يحرّض على الحكومة في الشارع السني ويحاول استغلال عدم التوازن في تطبيق الخطة، ويؤكدون ان من يحاول ان يدعي بأن كلام المشنوق يستهدف بطريقة أو أخرى قيادة الجيش، سيكتشف أنه يبني رهانه على أوهام لا أساس لها من الصحة.

ويعتقدون بأن المشنوق أراد من قوله إن، الخطة الأمنية تحولت الى مسار لمحاسبة البعض في لبنان من لون واحد وصرف النظر عن البعض الآخر لأن حزباً سياسياً يوفر الحماية ولأن جهازاً رسمياً تفتقر رئاسته إلى الصفاء الوطني، أراد أن يوفر الحماية للأجهزة الأمنية وأن ينبه «حزب الله من انه قادر على رفع الغطاء السياسي عمن يتولون عمليات الخطف من ناحية وعلى تقديم المساعدة للدولة لملاحقتهم وتوقيفهم.

ويبقى السؤال: هل ذهب المشنوق بعيداً في المواقف التي أعلنها وبادر الى إقفال الباب في وجه أي حوار لإعادة الاعتبار للخطة الأمنية لتكون متوازنة من خلال اعتماد المعايير نفسها في ملاحقة المخلين بالأمن وأولئك الذين يعبثون بالسلم الأهلي.

إصرار على التواصل والحوار

يقول أحد الذين قرأوا بهدوء خطاب المشنوق إنه لم يقرر إقفال الباب في وجه الحوار، وإن ما قاله يبقى تحت سقف ان هناك أزمة تعيق تطبيق الخطة الأمنية تستدعي التواصل لتحصينها وتنقيتها من الشوائب، إضافة الى انه لم يقرر إطلاق النار عشوائياً بالمعنى السياسي على «حزب الله وإلا لكان بادر الى فتح ملف مشاركته في الحرب الدائرة في سورية الى جانب نظام الرئيس بشار الأسد.

ويؤكد المصدر المذكور بأن المشنوق ليس في وارد الذهاب بعيداً في تكبير حجره لأنه يريد أن يأكل عنباً لا أن يقتل الناطور، وهو يطمح ولا يزال الى توفير الأجواء، في ظل الانقسام الحاصل في البلد، الى تصويب الخطة الأمنية لأن هناك من يتذرع بالخلل الذي تشكو منه الآن، لتبرير تطرّفه السياسي، وإلا لكان له موقف آخر غير الذي أعلنه ويتعلق بدور «حزب الله في سورية”.

السابق
حزب الله يرى في الانفتاح الدولي عليه اعترافا برؤيته للحل السياسي في سوريا
التالي
سيول العاصفة تنكب الشمال وثلوجها تجمد التفاوض