لا مكان لـ«داعش» في حاصبيا-مرجعيون

يخلص المرء أمام حجم الضخ الاعلامي السلبي عن منطقة حاصبيا – حاصبياوما يمكن أن يحدث في تلك المنطقة من غزوات للتكفيريين الآتين من الجانب السوري او الاسرائيلي، الى ان المنطقة على فوهة بركان لا يعرف متى ينفجر. لكن كل هذه المشاهد الافتراضية والسيناريوات الابوكاليبسية تنهار أمام مشهد لقاء مجموعة من ناشطي المنطقة ومثقفيها تحت عنوان “هيئة تنسيق حاصبيا – مرجعيون في منتدى التنمية اللبناني”، من أجل البحث في ما يمكن القيام به لاستنهاض المدرسة الرسمية في المنطقة او فتح فرع للجامعة اللبنانية او درس ما يمكن القيام به لتعزيز التنسيق بين التعاونيات الزراعية والحرفية في منطقة غنية جداً بزراعاتها ومواردها السياحية والطاقات الكبيرة الكامنة فيها، والتي تكاد أن تجعلها من المناطق السياحية والبيئية الاولى في لبنان، لو كان هناك دولة وحكومة وادارة في لبنان.

هموم منطقة حاصبيا – مرجعيون الواقعة اقصى حدود لبنان الشرقية الجنوبية عند مثلث الحدود السورية – اللبنانية – الفلسطينية كثيرة، وهي ليست في حاجة الى هم اضافي يأتيها من “داعش” و”النصرة” واخواتهما. والمنطقة التي عرفت كل اشكال الفوضى والاحتلالات منذ 1958 عندما كان رجال عبد الحميد السراج يوزعون سلاح الجمهورية العربية المتحدة ويرسلون مجموعاتهم بقيادة علي الوحش لاثارة الفوضى والتخريب على الجمهورية اللبنانية بدءاً من شبعا الى كفرشوبا وكل بلدات المنطقة وقراها. وهذه المنطقة بالذات ما عادت تستسيغ كل هذه التركيبات، بدليل ان قسماً كبيراً من المشاركين في اعمال المنتدى الذي اطلقه الشيوعي هاني عساف، هم من اليساريين السابقين، سواء أكانوا شيوعيين أم اشتراكيين حاليين، يحملون هماً واحداً هو حفظ التنوع الكبير في تلك المنطقة، إنماء المنطقة وتطويرها والابتعاد بها عملياً عن اجواء الفوضى الخلاقة التي تصل اصداء مدافعها واشتباكاتها الى مسامع الاهالي من جوار المنطقة السوري او من الجولان السوري المحتل.
يقول منسق المنطقة وهبي ابو فاعور في مستهل الجلسة ان “الهموم كثيرة، لكن الهم الاكبر هو حفظ الوحدة الوطنية والاصرار عليها اولاً واخيراً تحت عناوين “نعم للدولة ونبذ الفتنة والافكار المستوردة وحفظ التعددية والتصدي للافكار الجهنمية”.
أما كامل مرقص رئيس بلدية دير ميماس السابق، فيتحدث عن مشكلة النزوح السكاني والاقطاع السياسي وهموم البيئة الجميلة في تلك الناحية، وتلويث نهر الليطاني بالمشاريع العشوائية للصرف الصحي دون أي تفكير او تخطيط. ويتحدث رئيس بلدية كفرشوبا عن تجربته في المطالبة بانشاء فروع للجامعة اللبنانية وحاجة المنطقة الى فرص عمل والى كل شيء لمنع نزوح الاهالي الى خارجها. وعلى منوال التنمية، يذهب جريس عواد وسعيد الضاوي وانور علامة وفؤاد الحمرا رئيس بلدية مرجعيون السابق الى تأكيد فرادة المنطقة والحاجة الى التنمية في كل المجالات الصحية والزراعية والاجتماعية والحرفية والسياحية وحتى السياسية، وتعزيز القطاع التربوي وخصوصاً المدرسة الرسمية وصولاً الى عمل الاندية، والأهم الاشارة الى درجة الأمية المرتفعة نسبياً بين المقيمين في القضاءين والتي تصل الى 24 في المئة في مرجعيون و20 في المئة في حاصبيا، اضافة الى مؤشرات سلبية اخرى مثل عامل البطالة الذي يبلغ 7 في المئة عند المقيمين في مرجعيون و10,30 في المئة في قضاء حاصبيا. ويعود المنتدون الى خريطة الاحوال المعيشية في لبنان، والتي أعدتها وزارة الشؤون الاجتماعية وبرنامج الامم المتحدة الانمائي، ليظهروا ان قضاءي مرجعيون وحاصبيا يحتلان أسفل السلم من حيث مستويات الفقر بين أقضية لبنان، نظراً الى انخفاض مستوى الدخل فيهما، علماً أن 57 في المئة من العاملين لا يتعدى مدخولهم الشهري 400 دولار.
ويخلص المنتدون في إبل السقي الى أن تأمين مستلزمات بقاء المواطن في أرضه يتطلب، الى توفير فرص العمل، أموراً عدة ابرزها الخدمات الاساسية من مياه الشرب والصرف الصحي والبنى التحتية الخدماتية.
ثمة أناس لا ينتظرون مطابخ الاعلام وفبركاتها، بل يعملون من أجل بقائهم في ارضهم، ومشكلة “داعش” واخواتها أنها لن تجد بيئة حاضنة لها عند سفوح جبل حرمون.

السابق
غموض في ملف العسكريين وخطة حكومية لوقف النزوح
التالي
اختبار الاهلية لحملة الافادات في آداب اللبنانية في 20 الجاري