دحر «الدولة الإسلامية» يقتضي قوات برية

حوادث كوباني(عين العرب) تظهر حدود الفائدة المرتجاة من الضربات الجوية في مثل هذه الأحوال. ويسود رأي في واشنطن فحواه أن ضربات «الدرون» قادرة على حل كل المشكلات. والرأي هذا في غير محله، وخير دليل ما نراه في كوباني. فالتحالف الدولي وجّه سلسلة من الضربات لم تحل دون تقدم «الدولة الإسلامية». وليست كوباني الشاهد اليتيم، فالضربات الجوية طوال أسابيع، لم تقلب موازين القوى في مشارف بغداد ومحافظة الأنبار. وتبرز الحاجة إلى قوة برية كبيرة من أجل صد «الدولة الإسلامية»، وحريّ بالأتراك التدخل في كوباني، فالأكراد خاب أملهم من موقف أنقرة السلبي.

ويقرّ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بأن تدخّل قوات برية في كوباني ضرورة حيوية، لكنه يرهن مشاركة بلاده بتدخل دول أخرى. والكلام هذا لا حظوظ له في الواقع. فإذا قصد أردوغان بكلامه مشاركة قوات عربية اقليمية، كان كلامه في مثابة حلم أجوف. ولن يهب ائتلاف عربي – سنّي لنجدة النظام العراقي المقرب من ايران، ولن يساعده في قتال «الدولة الإسلامية». وهذه الدول لا تقوى عسكرياً على مثل هذا التدخل. وقد يقصد اردوغان بكلامه عن قوات برية الأكراد. وهؤلاء يقاتلون وسيواصلون القتال، لكن قدرات العدو تفوق قوتهم الهشة. وهم يطالبون الأميركيين وغيرهم بسلاح ثقيل من المدرعات والمركبات المحصنة والمدافع، لكنهم لا يلقون آذاناً صاغية. فالأميركيون لا يرغبون في تسليحهم بمثل هذا العتاد، فشاغلهم هو عراق موحد يلم أجزاءه ويشد أواصره. والأكراد لا يرغبون في القتال في أراض عربية، وأسرّ لي أحدهم بأن لسان حالهم هو سؤال «لماذا نقاتل ونموت من اجل السنّة، في وقت لن يحركوا ساكناً من اجلنا؟». وشاغل الأكراد حماية وحدة مناطقهم.

وفي مثل هذه الحال لا يبقى امام العملية البرية غير معينين: الجيش العراقي أو قوة خارجية. هذا الجيش نزلت به هزائم كبيرة، وثبت انه غير قادر على القتال والصمود، وفقد ثقته في نفسه. ولن يسعه قتال «الدولة الإسلامية» وهو في هذه الحال من الضعف، ما لم تغيّر بنية قيادته، ويلتزم عمليات تدريب وإعادة تنظيم تدوم أشهراً طويلة. ويحتاج «إحياء» الجيش العراقي هذا إلى خبرات آلاف من المستشارين والمدربين الأميركيين الذين يقتضي إرسالهم أشهراً، إذا بادر أوباما الى مثل هذا القرار. وعليه، من العسير تحديد قصد اردوغان.

أعتقد بأن الرئيس باراك أوباما سيضطر الى ارسال قوات خاصة أميركية. فالحاجة ملحّة الى قوات قادرة على طرد «الدولة الإسلامية» من معاقلها. واستراتيجية الضربات الجوية هي جسر إلى الركود والمراوحة من غير تبدل موازين القوى. ويرجح أن تتكيّف «الدولة الإسلامية» مع هذه الضربات، وتسعى في توسل ثغراتها ومكامن ضعف الحملة الجوية. ويعم الإحباط اوساط العسكريين وخبراء الأمن ازاء الوضع هذا.

والمعركة اليوم هي معركة استخبارات وجمع معلومات عن الأهداف البارزة، وتبرز الحاجة الى ارساء نظام جمع معلومات يعتدّ به. وهذا يقتضي قوات برية تساهم في توجيه القوات الجوية. وفي 2007، حين قاتلت القوات الأميركية «القاعدة» وسعها الجمع بين الوسائل البرية والجوية والاستخباراتية: قوات خاصة وغارات من اجل مصادرة هواتف خليوية وأجهزة كومبيوتر محمولة وقوات تقليدية وطائرات “.

السابق
أهالي العسكريين المخطوفين: غداً سيكون أسود في بيروت
التالي
كمائن ليلية للمقاومة في جنوب وشمال الليطاني