إحباط مركز

ليلة أمس الأول تلقى نشطاء الليكود رسالة قصيرة على هواتفهم تحوي اقتباسا من أقوال نتنياهو في المؤتمر الصحافي: مقابل الاستنزاف، حماس ستتلقى الطحن. طحن منشآتها، مخربيها، قادتها. سياستنا تجاه حماس بسيطة: يطلقون النار سنضربهم. ليس مجرد ضرب، بل أضعاف ذلك».

هذه رسالة هامة لسببين. أولا، لأنها أرسلت في ذروة الحرب. وغريب أن يحرص رئيس الحكومة في هذه الأيام على إرسال رسائل لنشطاء الليكود. قال أمس مسؤول كبير في الليكود ان الوحيد الذي يرسل هذه الأيام رسائل قصيرة في الليكود، هو آفي ديختر، الذي يعلن عن إطلالاته الإعلامية. أما أن يهتم رئيس حكومة بإرسال فحوى كلامه في مؤتمر صحافي فهذا يناسب فترة انتخابات وليس فترة حرب.
لكن الأساس هنا، لأن هذا يشهد على أن نتنياهو لم يفقد اهتمامه بحزبه. وقد اختار ديوانه العبارة الأشد ديماغوجية، الأشد صراخا والأكثر استيعابا، أو بكلمات أخرى الأكثر تعبيرا عن نتنياهو، لإرسالها لنشطاء الليكود. أما التعبير المثير للفضول الذي استخدمه نتنياهو، عن الأفق السياسي الجديد، فأبقوه على أرضية مكتب التحرير.
في الحلبة السياسية حاولوا أمس تفسير كلام نتنياهو. غير أن ما قيل هناك لا ينبغي فحصه بتعابير حزبية. فلم تقل هناك أمور لم تقل من قبل، بما في ذلك عبارة الأفق السياسي التي سبق وترددت سابقا. كان هذا مؤتمرا صحافيا عاطفيا، مريرا. لم يعدّ أصلا لهذا الغرض. كان في الأساس تنفيسا لغضب رئيس الحكومة.

نفاد صبر

يصعب اتهامه. فبعد أسابيع طويلة من المواجهة مع طرفين يستنزفانه ويشقيان عليه حياته: حماس والكابينت، وليس تحديدا وفق هذا الترتيب. ليس رأس محمد ضيف هو ما أراد نتنياهو أن يعرض وإنما رؤوس وزرائه. إذا لم تكن قويا على حماس فعلى الأقل كن قويا على الكابينت.
لقد نفد صبره، لا كلمات لوصف ما جرى له أمس الأول. ضجر من التسريبات، من الإيجازات، من أنه في الهيئة السرية. والأهم يجلس أناس يصغون، يتحدثون، يصوتون وبعد ذلك يركضون إلى الخارج ويعرضون موقفا معارضا لما صوتوا عليه في الكابينت.
ضجر نتنياهو من أنه في ذروة الحرب، ينتقد وزراء كبار سياسته، سلوكه، بل انهم يعطون علامات لأدائه. والأمر ليس فقط ليبرمان وبينت. أيضا ليفني ولبيد بل المعارضة التي كانت تثني عليه حتى الآن على اعتداله وضبط النفس، فقدت صبرها. فقط ينبغي أن تفتح فيسبوك كي ترى كيف ينظر إليه كبار وزرائه، بمن فيهم أعضاء في الكابينت. كل واحد يضع تغريدة يعرض فيها خطته وأفكاره وتحفظاته، كما لو أنه لم يتحدث عن هذه الأمور قبل دقائق في مداولات الكابينت.
وليس صدفة أن المؤتمر الصحافي تقرر بعد مداولات عاصفة في الكابينت تبودلت فيها أقوال قاسية جدا بينه وبين بينت. والموضوع كان جوهريا، لكنه كان الموضوع الجوهري الوحيد هناك. ما بقي كان مجرد انفجار بركان مشاعر وغضب. يبدو أنه ليس هناك في الحلبة السياسية من هو مؤهل لإخراج نتنياهو عن طوره أكثر ممن كان سابقا رئيس مكتبه، وحاليا وفق استطلاعات الرأي، يقود الحزب الأكبر الثاني.
كان المؤتمر الصحافي لنتنياهو معدا لتحسين المواقع. للسيطرة على الخطاب. وكان واضحا له أن هذه مسألة دقائق قبل أن يغدو جداله مع بينت علنيا. إنه جدال يخرج فيه بينت مرة أخرى قويا في مواجهة حماس. بينت، الذي يمثل اليوم من كانوا حتى وقت قريب معسكر نتنياهو. بينت هو نتنياهو الذي كان في الماضي.
حاليا نتنياهو يريد الهدوء. هدوء مقابل هدوء. وليبرمان يصف هذه المقاربة بأنها «عاميدرورية» على اسم من كان رئيسا لهيئة الأمن القومي. تقول هذه المقاربة: نتصارع معهم، في النهاية تأتي مصر وتجلب لنا الهدوء. يمكن الافتراض أن ليبرمان يقول ذلك ساخرا. موقف وزير الخارجية واضح، ويشمل أمورا عديدة ليس بينها الهدوء.
إلى ما قبل شهور كان لدى نتنياهو كل شيء: دعم قوي في قاعدته الشعبية، ودعم في أوساط قيادة حزبه وائتلاف مسيطر عليه. لكن الشهور الأخيرة خصوصا الحرب أدت إلى خسارته نقاطا لدى مؤيديه التقليديين، وخسارة تأييد وزرائه وفقدان السيطرة على الائتلاف. من كان يصدق أن ليفني وبينت يقتربان في مواقفهما أكثر من رجال يمين مثل نتنياهو وبينت، أو نتنياهو وليبرمان.
هذا الأسبوع عدّد بينت أمامي نقاط التوافق بينه وبين وزيرة العدل: إنه يؤيد خطة من طرف واحد يواصل فيها الجيش ضرب حماس، السيطرة على المعابر ويسمح فقط بمرور المساعدات الإنسانية. ليفني تؤيد هذا. والاثنان يعارضان التفاوض مع حماس أو التسوية معها. وبحسب بينت، أريد الاتفاق ليس مع حماس وإنما مع العالم ضد حماس، بما في ذلك مجلس الأمن، للتوصل إلى إعادة إعمار مقابل نزع سلاح.
عندما سألته وماذا عن السلطة الفلسطينية، والمفاوضات السياسية التي تريدها ليفني، قال بينت: كلانا يفهم أين نتفق وأين نختلف.

 

 

السابق
إيران تُسقط طائرة تجسس إسرائيلية قرب نتانز
التالي
اسرائيل تقتل محمد طلعت الغول