’سليماني’ يُعلن الحرب من ’الأهواز’ الى الناقورة!

لعلَّ الغارة الجوية الثانية التي نفَّذها الطيران الحربي السوري على تجمّعات مسلّحي تنظيم «داعش»، كانت أشبه بـ«إعلان حرب»، صدرت أوامره عن قائد «فيلق القدس» اللواء قاسم سليماني. لا بل إنَّ قرار الحرب هذا، هو الترجمة العملية لرفض رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الإقتراحات الأميركية التي نقلها إليه شخصياً وزير الخارجية الأميركي جون كيري خلال زيارته بغداد، لخروج البلد من الأزمة التي تعصف به.

هذا ما كشفه مسؤولون أميركيون في واشنطن أمام إعلاميّين على نطاق ضيّق، في وقت يسود التشاؤم أروقة الإدارة الأميركية من إمكان تطوّر الوضع الى مواجهة شاملة تُغطّي معظم دول الإقليم، وليس العراق وسوريا فحسب.
وفيما يتحدث بعض الأوساط عن حشدٍ وتنسيق عسكري عبر غرفة عمليات موحدة برئاسة سليماني نفسه، يسود التوجّس من تعميم تدمير المدن السورية «السنّية» الكبرى، على مدن العراق السنّية أيضاً.
يرى المتشائمون «أنّ ما حصل يُثبت أنّ سياسة النأي بالنفس التي تمارسها إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، كانت الخيار الأفضل، فيما بدأت أصوات جمهورية وازنة وذات دلالة، تُعبّر عن رفض حتى إرسال الخبراء العسكريّين الى العراق، والخوف من التورّط عسكرياً في هذا المستنقع الذي سيقود حتماً الى تفكيك المنطقة مجدداً، والعودة بها الى ما كانت عليه، حتى ما قبل قيام الدولة العثمانية نفسها».
وتقول تلك الأوساط: «لقد بدت إيران أمام ما يحصل في العراق، وكأنها أُخذت على حين غرة، وشعرت بأنّ أوراق قوتها بدأت تتملّص من أيديها، خصوصاً أنّ تحذيرات مسؤوليها الأمنيّين والسياسيين عن مناعة حدودها مع العراق ومتانة وضعها الداخلي، إنّما تعبّر عن خوف وتوجّس حقيقيَّين لدى قيادتها. وامتناع واشنطن عن تلبية شروط الشراكة معها في مواجهة الإرهاب التكفيري أسقط من يدها إمكان استثمار ما بدا أنه سياسة ناجحة في الإقليم.

هناك مَن يهمس في واشنطن بأنّ المفاوضات النوويّة مع ايران في طريقها الى التوقف ولأمد قد يكون بعيداً، لا بل هناك مَن يشكّك أيضاً في إمكان تجديد الإتفاق الموقت الذي تنتهي مفاعيله في 20 تموز المقبل».

وتعبّر تلك الأوساط بثقة عالية عن اقتناعها بأنّ خيارات طهران باتت ضيقة جداً، على رغم أنّها قد تميل في المبدأ الى فرضية تقسيم العراق، بل وكامل الإقليم على أسُس طائفية ومذهبية، قد تقود الى حروب طويلة في الوقت نفسه.

صحف أميركية وأجنبيّة عدة ذكرت أنّ كيري أوقف رئيس اقليم كردستان مسعود البرزاني عن اكمال حديثه حول استقلال الإقليم، وأفهمه أنّ الوقت لم يحن بعد لذلك، ومن غير الضروري أن يوسم الأكراد أنهم المسؤولون عن تفكيك دولة العراق، على الأقل في الشكل وفي هذه اللحظة التاريخية.
وتكشف تلك الأوساط أنّ زيارة كيري الى السعودية اليوم والتي لم تكن مدرجة في برنامجه الأصلي، هدفها مناقشة أفكار جديدة مع القيادة السعودية، من بينها إعادة تجديد التعاون لإحياء «الصحوات» في مواجهة «داعش» إذا ما أُريد الحفاظ على العراق موحّداً، أو إذا كان خيار التقسيم الواقعي هو الخيار الأفضل، لكن من دون التنظيمات الأصولية.
وفيما يتحدث البعض عن إمكان تكليف أوباما فريقاً جديداً للتعامل مع الأزمة السورية، يقول هؤلاء «إنّ الملف السوري سيكون في مقدّمة المواضيع التي سيبحثها كيري مع القيادة السعودية، وفي حضور الأمير بندر بن سلطان، بعدما وحّدت إيران ساحة المواجهة بقيادة سليماني، من الأهواز الى الناقورة في جنوب لبنان».

السابق
الانتحار.. أقصى انتفاخ الذات
التالي
 شمس: أنا صوت يدعو للسلام لا للتكفير