شمس: أنا صوت يدعو للسلام لا للتكفير

إنها شمس الكويتية، التي لها في إسمها نصيب، إذ إنها واضحة وجريئة كالشمس. حقّقت في حياتها الإحترافية إنجازات ونجاحات، فكانت أفضل مطربة خليجية والأفضل عربياً، وها هي اليوم سفيرة لحقوق الإنسان في منظمة الأمم المتحدة.

التقيناها في بيروت التي تزورها لتصوير مسلسل خليجي لم تشأ الإفصاح عن تفاصيله، وآثرت التحدث في الفنّ والسياسة والوطن والإنسان الذي يشكل هاجسها.
هل أنت متمرّدة، أم مشاكسة، أم مجرد امرأة من بيئة خليجية محافظة؟
– عندما يكون المجتمع “كتير مسايرجي” ويبرز فيه شخص طبيعي، يعتبر مشاكساً. نحن في مجتمع يكذب على نفسه، وعندما أصرح برأيي أتوجه للناس الذين يستوعبون أفكاري، ولست أسيء الى أحد.
ولماذا رفضت الشاشات بثّ أغنيتك “دين أبوكم إسمو إيه”؟
– كل وسائل الإعلام التي عرضت عليها الأغنية إعتبرتها قاسية. وتضيف (ساخرة): قد تكون نشرات الأخبار وبعض البرامج التي يعرضونها ألطف مع ما فيها من ذبح واغتصاب. أما أغنية تدعو الى السلام والتعايش فهي “قاسية كتير”. الأغنية إعترض عليها المسلمون والمسيحيون.
محمد المهدي، ماذا تقول عن الأغنية بوصفك ملحنها؟
– شمس آمنت برسالة الأغنية التي كتبها الشاعر جمال بخيت قبل انطلاق انتفاضات “الربيع العربي”، فكان غريباً أن نتحدث عن التطرّف الديني، في وقت كان الناس متفائلين بالثورة العام 2011. لكن فكرة الأغنية كبرت عندما بدأ القتل على أساس طائفي، وبدأنا العمل على الأغنية ونحن نتوقّع أن تواجه ممنوعات، لكننا آمنا بأن شعبية الأغنية ستكبر مع الوقت.
شمس، إلى أين يتجه الإعلام العربي، برأيك، إذا كان يرفض أغنية تدعو للسلام؟
– كل جهة لديها تلفزيونها وجريدتها، وعالمنا العربي متجه للتطرّف منذ ثلاثين عاماً، وأعتقد أن التقسيم الطائفي بدأ من لبنان.
ألا ترين أن لبنان، رغم ذلك، لا يزال البلد الوحيد الديموقراطي في المنطقة؟
لبنان لا يمتلك أي نوع من الديموقراطية. فالديمقراطية لا تتفق مع التعصّب، بل تأتي من حال ليبيرالية نكون فيها أنا وأنت متساويتين. المسألة ليست أن أشتم رئيساً ما.
ألا تخشين أن ينزعج اللبنانيون من كلامك؟
– هذا ليس اتهاماً فالديموقراطية ليست موجودة في أميركا حتى، ولا في معظم أوروبا حيث عشت سنوات. والدليل أن النازيين نالوا أخيراً أكثر نسبة أصوات في الإتحاد الأوروبي، وهذا يحصل للمرة الأولى منذ أيام هتلر.
كنت جريئة في تقديم أغان إنتقادية سياسية أو إجتماعية مثل “من حقنا نسوق” فماذا تقولين عنها؟
– أنا لم أطالب بقطع الرؤوس أو بتفجير الناس، بل بأمر أقل من عادي، وهو أن تقود المرأة السعودية السيارة بنفسها، فهل الدين ينصّ على أن يشاركها في السيارة رجل غريب هو السائق؟
هل ترين أن المرأة في بلادنا لا تزال مواطناً ناقصاً؟
– أصلاً ليس لديها صفة المواطن، بل موجودة غالباً كأم أو كزوجة و كأخت لتخدم وتقوم بواجبات المنزل. أكيد ثمة نساء لديهنّ كيان، وفي لبنان والمغرب العربي يبقى وضع المرأة أفضل من دول الخليج.
في أغانيك تتطرقين دائماً إلى الموضوع السياسي، مثل أغنيتك عن الرئيس الأميركي السابق جورج بوش “أهلاً إزيّك”؟
– قديماً كان أهل القرار يجتمعون ويقررون مصائرنا ويبثون لنا الأخبار كما يصوغونها. اليوم نحن في زمن السوشال ميديا وفي قلب الأحداث، وأنا كفنانة إبنة مجتمعي أتحدث عن الإنسانية لا عن السياسة. أغنيتي لجورج بوش كانت لمناسبة إبداء امتعاضه من ذبح دجاج الحبش في عيد الشكر، بينما قضى أكثر من مليون طفل عراقي بمرض السرطان من جرّاء الحرب التي شنها.
في حوار تلفزيوني كانت لك تصريحات طالت الفنان المعتزل فضل شاكر، فماذا عنها؟
– توقعت أن يحصل مع فضل شاكر ما حصل، والكلّ هاجمني. حتى أنه اتصل بي هاتفياً وهددني بالقتل. أنا تكلمت على الفكر نفسه كفكر إرهابي، وليست لديّ مشكلة مع فضل نفسه، وقلت كيف ضحك علينا فضل، الذي علمنا أن نحب ونحسّ ونغني؟ فلماذا ذهب الى الفكر المتطرّف، فالفنان الحقيقي لا يتحول من طالب للحب إلى طالب للقتل.
لماذا لا تظهرين في الإعلام إلاّ نادراً؟
– نادراً ما أتجاوب مع دعوة لحوار تلفزيوني. أريد من الحوار أن يفيد المشاهد من أفكار الحياة وليس الحديث عن جمال الفنان وأزيائه. من النادر أن تشاهدي برنامجاً وتحترميه، فالمطلوب أن تكوني جميلة وتافهة، وغالباً ما يروّج الإعلام للتسطيح. أذكر أن ثمة محطات كانت تشدّد على اللباس المحتشم، بينما الآن تشاهدين عبر شاشاتها الـ”بورنو”، فما تفسير هذا التغيير المفاجئ؟
قيل إنك طلبت يد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للزواج فهل هذا صحيح؟
– (تضحك) نعم، قلت إني أرغب في الزواج منه أو من شخص مثله، لأنه بالنسبة إلي كقائد عسكري أنقذ مصر والأمة العربية من الوقوع في الحفرة. الشأن المصري يعنيني جداً فهو صمام أمان للعالم العربي، وعرض الزواج بالسيسي كان تعبيرا عن محبة، وإذا نظرت إلى التويتر فستجدين أسماء كثر خطبوني أو تزوجوني.
منذ فترة وجيزة عيّنت سفيرة لدى الأمم المتحدة لحقوق الإنسان وشؤون اللاجئين فما المهمات التي بدأتها؟
– أساعد حالات فردية لأشخاص يعانون أمراضاً خطيرة، أما حقوق الإنسان فهي أمر يشبه “كاسبر” أي غير منظور في العالم العربي (تضحك)، لكني أؤدي صلة وصل بين رجال الأعمال من أهل الخير وبين المرضى المعوزين.
موسيقياً كيف تقوّمين عالمنا العربي، ألا تشعرين بوجود نقص في الكتاب والشعراء ومبدعي الألحان؟
– أرى أنه كلما تطورت السوشال ميديا يزيد الكسل، إضافة إلى أن إبداع الكاتب والملحّن يأتي من عدم الحاجة. فالوضع الأمني والإقتصادي جعل العالم العربي يمرّ بأزمة إبداع ويعيش مراحل من الفن الرخيص، كما أرى تاريخياً أن موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب أبدع حين احتضنه البلاط الملكي ووفّر له الرفاهية.
هل تقصدين بالفنّ الرخيص الأغاني التي تقتصر على الترفيه والرقص؟
– لا، على العكس، فالرقص والفرح ليسا رخصاً وإنما هما اليوم واجب، يتيح فسحة للناس وهم محتاجون الى هذا الفرح وسط هذه الظروف اللصعبة، والدليل أغنية حسين الجسمي “بشرة خير” التي حققت أرقاماً خيالية عند الجمهور. الفن الرخيص، في نظري، هو الذي لا يتفاعل مع الناس.
مع من تتعاملين الآن من الشعراء والملحنين؟
– مع الملحّن المصري محمد المهدي والشاعر الكويتي نصّار الظفيري، فقد شكلنا فريقاً وستكون الأسطوانة المقبلة كلّها من النمط الخليجي الهادئ وفيها أغنية واحدة راقصة.

السابق
’سليماني’ يُعلن الحرب من ’الأهواز’ الى الناقورة!
التالي
كيف تصنع مكيف هواء بارد بأدوات بسيطة