تاجرة مخدّرات عائلية.. وثلاث أخوات متزوّجات تعملن بالدعارة

هنا حكاية تاجرة مخدّرات تساعد زوجها. وثلاث أخوات، متزوّجات، تعملن في الدعارة، بين ضاحية بيروت الجنوبية والجنوب.

ببرج البراجنة في حيّ الجورة قصّة بلد غير البلد الذي نعيشه في حارة حريك او الحمرا او الاشرفية. ثمة مجتمع تختلط فيه المهن والمهام.

فالمرأة في هذا الحي ليست فقط معلمة او موظفة او مديرة، بل هي أيضا تاجرة سلاح وتاجرة مخدرات.

في الماضي البعيد شاهدنا فيلما للفنانة ناديا الجندي (الباطنية). واليوم يُطلق على حيّ الجورة اسم (الباطنية). لماذا؟ لأنّه موئل تجارة المخدرات والممنوعات والمسروقات.

ثمة نساء هنا تتدرّبن على كلّ شيء غير ان تكون سيدة منزل تعمل وتربّي وتعلم وتنشئ جيلا ذا مواطنية صحيحة. فالسيدة (ف.م) ليست الا ناقلة للبضاعة وتقسيمها وتوزيعها وتخبئتها.

تولت هذه المهمة منذ زواجها بـ(م.م) منذ اكثر من عشرين عاما. كانت تعمل في بيع الخضر مع والدها في البقاع الى ان انتقلت الى حيّ الجورة وصارت زوجة التاجر “تاجرة”. فهي تسدّ غيابه بالعمل اثناء سجنه الذي ما ان يخرج منه حتى يعود ويدخل اليه في السجن المركزي برومية.

العمل لا ينتظر. فسرّ المهنة مع “المعلمة”. والزبائن يعرفون الموقع المحصن بالكاميرات والبوابات الحديدية.

هي امرأة تهتم لدينها والتزامها واخلاقياتها. فلا تكفّ عن التنظير بالاخلاق ولا تكف عن زيارة المقامات الدينية في العراق وايران والشام والسعودية. ولا تكف عن مساعدة من يحتاج للمساعدة ولو كانت هذه المساعدة “شمة” او “حبة”.

في هذا المحيط الفقير ظاهريا تندهش بمستوى العيش ومستوى الرفاهية والتبذير على شؤون وشجون الحياة، عدا العلم واتقان مهنة يعتاش منها المحيطون بها بشرف وكرامة واستقرار.

من اعلى مستوى معيشي الى ادناه تنتقل عوائل تجار هذه الفئة، كما يقول المثل: “يوم لك ويوم عليك” فجأة. فعندما يقبض الامن على الزوج التاجر، تهدأ الحركة لفترة.

فتجار السيارات المسروقة والموتوسيكلات والتلفونات والمخدرات تراهم يقيمون هناك في تكاتف رهيب وتستر غريب دون ان يعمدوا، ولو لمرة واحدة، الى تسخير بعض هذه الاموال في تنمية الحيّ من خلال تزفيت او تزيين او تنظيف. علما ان الاحياء هناك غير شرعية على صعيد البناء.

لكنّ اللافت أنّ احدهم، وهو شقيق التاجر(م.م) قال عندما سُئِلَ عن التناقض بين تدينّه وتجارته بالممنوعات قائلا: “انا أضر الاجانب، وأبيع الغربيين”.

بالعودة الى (ف.م) فهي تنتقل بين بيروت ودبي، ناقلة بضاعتها بحجة شم الهوا. هي التي لا تعرف أبعد من الحي الذي تقطن فيه.

السؤال البارز هنا: هل ان المرأة في المجتمعات المحافظة تعتبر ان مشاركة زوجها بتجارة الممنوعات جزء من “حسن تبعلّها” ام ان المال يرفع المحرمات؟ وماذا تفعل في حال كان زوجها يعمل في اطار الدعارة؟

تماما: هي الدعارة التي تتغطّى بالحجاب.

فقد تفاجأت كاتبة هذه السطور بشاب يروي كيف أنّ سيدة محجبة تعمل في اطار الدعارة منذ ان كانت عزباء، رغم ان حجابها الذي ترتديه يدل على التزامها الديني القوي.

والعجيب انها من اجل اجراء مقابلة صحفية لـ”فضح هذه الفئة المتسترة بالدين” طالبت ببدل مالي لاجراء المقابلة. وهي رغم انها انتقلت الى كنف زوجها الا انها استمرت بعملها (الشريف). تشاركها بذلك اختاها الاثنتان، المتزوجتان ايضا.

فمال بال هذا المجتمع؟ وما الذي يجري فيه؟ واين هي المعايير الاخلاقية؟ وهل لا زالت صفة “مجتمع محافظ” صالحة لوصف بيئتنا ومجتمعنا؟ أم خرجنا من اثوابنا التقليدية؟ ودخلنا في مهوار الفلتان والتسيب؟

ففي احدى القرى الجنوبية تم كشف 5 حالات خيانة زوجية نسائية الصيف الماضي. وفي أحد التحقيقات الصحفية التي اجرتها “جنوبية” كشف احد العاملين في احد المحاكم الشرعية في النبطية أنّ 30 % تقريبا من حالات الطلاق سببها “خيانة المرأة”، في دلالة إلى المتغيرات الهائلة والمرعبة في الجنوب.

فهل سقط القناع؟ ام انّ المعايير الاخلاقية سقطت مع المتغيرات الاقتصادية؟ وهل انتهى دور رجل الدين الواعظ؟ ومن يستمع إلى هذا الواعظ الاخلاقي بعد ان تهشمت صورته لدى العامة كونه خاض في الحياة خوضا عميقا؟ فتخلّى عن دوره الحقيقي وانتقل الى اداور سياسية؟

هذا رغم أنّ النفير قد انطلق منذ زمن عبر بعض النصوص النقدية لخطورة تعاطي رجل الدين باب السياسة وتخليه عن دوره الوعظي التنويري، فقد  قوبلت انتقادات رجال الدين بالاستنكار والرفض. فبتنا اليوم في القاع. لذا على علماء الاجتماع والنفس والاخلاق دخول حرم هذا المجتمع المتخبط لايجاد الحلول.

سابقا دخلت المرأة سوق العمالة والاستخبارات والدعارة، لكن من كانت تقوم بهذه الاعمال كانت تُنفى من بيئتها وجماعتها واهلها. لكن المجتمع، الذي يسمي نفسه مجتمعا محافظا، بات يقبل بهذه الاعمال من جهة تجاهلها وقبول مردودها المادي.

لعل الحاجة الى القوانين باتت ملحة اكثر فأكثر نظرا لسقوط ما كان يحكم بيئتنا المحافظة كـ(العيب) و(السمعة الجيدة).

السابق
توقيف المتهم بقتل جميل فياض في التليل بعكار
التالي
هيئة الحوار الوطني شجعت على احترام الاستحقاقات الدستورية