معركة كسب تربك الأسد وحلفاءه

كلما هلّل نظام بشار الأسد لتقدمه العسكري في بعض المواقع ظناً منه انه سيكون له وقع «الدومينو» الذي يجعل المعارضين ينهارون ويستسلمون، احبطت المعارضة آماله، ودفعته الى تعديل حساباته. وكان آخر الضربات التي وجهتها اليه الهجوم على كسب في منطقة اللاذقية الذي اشاع الذعر في صفوف بيئته الحاضنة ودفعه الى استقدام قوات من مناطق تحتاجها، لدرء الخطر عن المعقل الذي يُعتبر ملاذه الجغرافي الاخير. فعلى رغم حال التمنع الاميركي والدولي، والتخلي العربي، عن دعم المعارضين بما يمكنهم من اقامة بعض التوازن مع آلة النظام العسكرية الهائلة الموصولة بمخازن الجيشين الروسي والايراني، لا يزال المقاتلون يفاجئون العالم بقدرتهم على الصمود بوسائل الحد الادنى، وبإظهارهم ان ارادة التغيير لم تخبُ جذوتها على رغم التفاوت الفادح في عوامل القوة. وهم بذلك يثبتون ان ثورتهم التي لم تكن وليدة عوامل خارجية كما يدّعي النظام، ترى في مساعدة الخارج وسيلة لتسريع عملية التغيير وليس شرطاً لها.. إذا كانت معركة كسب اظهرت ان ما حققه نظام دمشق بدعم من حلفائه في الميليشيات اللبنانية والعراقية، في منطقة القلمون الحدودية مع لبنان، لم يكن بالأهمية الحاسمة التي روج لها، كما اثبتت عقم الخيار العسكري الذي تبناه رداً وحيداً على مطالب شعبه، فإنها تعني في الوقت نفسه ان ما تقدمه ايران وروسيا من سلاح ومال الى نظام دمشق لا يفيد سوى في اطالة الحرب وحصد المزيد من الضحايا والتسبب في مزيد من الدمار، من دون ان يحسم المعركة لمصلحته، وأن رهانهما عليه لم يعد خياراً ناجحاً وليس امامهما سوى قبول الحل الذي تقترحه المعارضة والعالم، لمرحلة انتقالية لا دور للأسد فيها.

 

 

السابق
طهران: لا نسعى لبقاء الأسد مدى الحياة
التالي
حرب الساحل والدور التركي يغيّـران طبيعة الصراع