تجمع لبنان المدني: لدعم اعلان بعبدا حمايةً للكيان

تجمع لبنان المدني

ان رئيس الجمهورية صفةً وموقعاً، هو رئيس البلاد والساهر على تطبيق الدستور وعلى حُسن فصل السلطات وتعاونها. وما يقوم به رئيس الجمهورية اليوم من خطوات، إنّما يهدف إلى حفظ الكيان واستنقاذ الدولة من التلاشي في مهالك الصراعات اقليمية، ووحول الأزمة السورية، وبالتالي الى استنقاذ لبنان من الانقسامات الاهلية. وهي مهمات يقتضيها موقع الرئاسة لا شخص الرئيس.

قد نفهم النقاش السياسي حول موضوعات تقبل الأخذ والردّ والاجتهاد، لكن أن يقفز هذا النقاش إلى مبادىء تتّصل بأصل قيامة الكيان والدولة، فهذا ما لا يمكن تقبّله.. بل هو الخطر الذي دفع رئيس البلاد إلى قول ما يجب قوله.

من هنا فانّ “اعلان بعبدا”، بكلّ ما تضمّنه، لا ينتمي إلى “الرأي السياسي”، بل هو، في نقاطه كلّها، يعيد التأكيد على المبادىء العامة، لدولة تستحق اسمها ودولة الحد الادنى من القواعد الدستورية والسياسية فكلّ مواطن يفكر بكيان ثابت، ودولة سيدة ومستقلة، ويؤمن بمرجعية المؤسسات الدستورية والقانونية، لايمكن له إلا إن يتبنّى هذا الاعلان. لكن أن يصبح “إعلان بعبدا” محلّ أخذ وردّ، فهذا أمر مستهجن وخلل خطير في من يرفضه أو يجافيه من اللبنانيين.

في المقابل يمكن السؤال: ما معنى أن يقرر مواطن أو جهة حزبية، باسم أطراف أخرى، القيام بعمل حربي خارج البلاد؟ وطبعا من دون العودة إلى رأي بقيّة الأطراف أو المواطنين؟ هذا التفرّد بحدّ ذاته طعنٌ بأصل فكرة الكيان والدولة، لا بل يهدّد السلم الأهلي. فلا يمكن لطرف أن يملي على الآخرين ما يريد، ويحمّلهم تبعات أفعاله.

وإزاء هذه المخاطر والأضرار التي تصيب الكيان اليوم، ليست الدعوة إلى تحييد لبنان عن الانقسام الاقليمي الذي يتخذ بعداً مذهبياً، فكرة تضاف إلى ثوابت الكيان اللبناني، بل هي فكرة عميقة في جذوره، تمّت هندستها منذ زمن بعيد، بحكم حساسية المكوّن اللبناني الميثاقي، وبسبب تعقيدات المنطقة العربية. وهذا ليس جديدا، بل قديم في لبنان، وهو كان ويبقى السبيل إلى حفظ التوازن والسلم الأهلي الداخلي. لذا فإنّ العمل على إلغائه، بتعمّد تجاهل وضعية لبنان التاريخية، ونسف الذاكرة اللبنانية للكيان، وتقويض مسار الدولة فيه، هو محاولة لتثبيت حقوق مشتهاة لدى البعض تتنافى مع ثوابت وحدة الدولة والشعب.. مع تأكيدنا أنّ أيّ مبادرة يقوم بها طرف لبناني، باعتماده استراتيجية ينفرد عبرها في مواجهة العدو الاسرائيلي، أو يقرر وحيدا التدخل في الواقع العربي، فهو يهدّد الوحدة الداخلية.

من هنا نرى أنّ ما يقوم به الرئيس ميشال سليمان ليس إلا المهمة المؤتمن عليها، أي وحدة البلاد وحماية الكيان… ومن هنا نعلن دعم الرئيس وخياراته وحريّته، لأنّ الميثاق اللبناني هو الذهب الوحيد، وكلّ ما عداه من معادلات غير ميثاقية لا يرقى إلى مرتبة الخشب حتّى.

السابق
الهمجيّة أعلى مراحل البلاء
التالي
ماذا تريد المرأة؟