السفير: سليمان متردد وبري متجاوب وميقاتي متحمّس وسلام مرتاب

كتبت “السفير ” تقول: مع تفاقم تداعيات الفراغ المؤسساتي، والتقدم التدريجي لبند الانتخابات الرئاسية على غيره من الاستحقاقات المعلقة.. ارتفع منسوب الكلام حول إمكانية عقد جلسة لحكومة تصريف الأعمال في موعد قريب، قد يكون قبل نهاية العام أو مع بداية العام الجديد، بعدما طال أمد تصريف الأعمال الذي دخل في شهره الثامن، فيما لا يزال تشكيل الحكومة الجديدة ممنوعاً من الصرف حتى إشعار آخر.
إلا أن هذا الخيار المتسلح بقاعدة “الضرورات تبيح المحظورات”، يواجه اعتراضات تتراوح بين ما هو دستوري يتصل بتعريف مفهوم تصريف الأعمال والحدود التي يمكن أن يبلغها، وبين ما هو سياسي يتعلق بحسابات هذا الفريق أو ذاك.
كما ان “الأسباب الموجبة” الكامنة خلف البحث في إمكانية تعويم الحكومة، لا تعفي من طرح تساؤلات حول دوافع تزخيم هذا الطرح الآن بالتحديد، وليس من قبل، وهل ينطوي ذلك على رسائل سياسية، ثم لماذا استقالت الحكومة أصلا، وهل تشي محاولة تجديد خلاياها بالرغبة في العودة عن “خطيئة” الاستقالة؟
وإذا كان الرئيس نجيب ميقاتي قد أصبح أكثر ميلا الى عقد الجلسة، فإن رئيس الجمهورية يبدو حتى الآن في موقع الـ”بين – بين”، ذلك أنه يجد نفسه مضطراً الى الأخذ بالحسبان ضرورة تسيير الشؤون العالقة للبلد من جهة، والضرر الذي سيرتبه هذا الخيار على معنويات الرئيس المكلف تمام سلام من جهة أخرى.
والأكيد، ان الرئيس سلام سيكون من أكبر المتضررين من انعقاد مجلس الوزراء في هذا التوقيت، لأن أي أمر من هذا القبيل سيُفسَر على انه استدعاء للحكومة المستقيلة الى الخدمة مجدداً، وبالتالي تأجيل تشكيل الحكومة الجديدة الى أجل غير مسمى.

ولا تخفي اوساط سلام “نقزتها” وخشيتها من أن تكون العودة الى انعقاد الجلسات بمثابة مقدمة لتوسيع النظرة الى تصريف الأعمال، بحيث تعود الحكومة الى العمل، مع ما يعنيه ذلك من وضع مسألة تأليف الحكومة في مرتبة متأخرة من الاهتمام.
ويبرز في سياق متصل موقف “تيار المستقبل” الذي يرفض تعويم حكومة تصريف الأعمال لأنها تضم “حزب الله”، الى جانب خشيته من أن ينتهي الأمر في السياسة الى “تعويم” الرئيس نجيب ميقاتي، وبقاء الرئيس سلام على “مقاعد الاحتياط” وقتاً أطول.
والى حين أن يتخذ رئيسا الجمهورية والحكومة القرار النهائي، تبعاً لحصيلة المشاورات الجارية، قال الرئيس نجيب ميقاتي لـ”السفير” إن تصريف الأعمال يكون لفترة قصيرة، فيما نحن دخلنا الشهر الثامن، وليس ثمة ما يؤشر الى اننا قد لا ندخل الشهر التاسع والعاشر وربما اكثر، وبالتالي الوضع لم يعد يحتمل، وبات يتطلب القيام بخطوات ومبادرات.
وأضاف: أنا جدي جداً في إعادة إحياء جلسات مجلس الوزراء، وأعتقد أنه لا يوجد أي مانع قانوني أو دستوري يمنعني من أن أمارس صلاحياتي كاملة.
وأشار الى أن ثمة اموراً تهم الدولة والناس باتت اكثر من ملحة، ولا ينطبق عليها منطق الموافقات الاستثنائية بل تتطلب مجلس الوزراء، وثمة عشرات لا بل المئات من هذه الامور التي تتراكم في الأدراج. ولفت الانتباه الى أنه “وفي جانب آخر، ومنعاً لتعالي أصوات تقول إن رئيس الجمهورية ورئيس حكومة تصريف الأعمال يستأثران بالموافقات الاستثنائية، فليأخذ مجلس الوزراء دوره ويتخذ القرارات المناسبة في كل القضايا الضرورية والملحة، الى حين تشكيل حكومة جديدة”.
وأوضح أن لموضوع النفط أولوية في سلم الضرورات، وبالتالي ليس مستبعداً أبداً أن يكون أحد البنود التي ستبحث على طاولة مجلس الوزراء إن تسنى لها الانعقاد، “والمهم أن يتأمن الإجماع حول هذه المسألة الحيوية للبنان”.

وقال الرئيس نبيه بري لـ”السفير” إنه سيلتقي الرئيس ميقاتي ويناقش معه الأوضاع الراهنة، “وبطبيعة الحال سنتداول في إمكانية عقد جلسة لمجلس الوزراء”. وأضاف: لا أريد أن أستبق الامور قبل اجتماعي مع الرئيس ميقاتي، ولكن من حيث المبدأ، أنا أؤيد عقد جلسة للحكومة إذا كانت ستخصص للبحث في الملف النفطي الملح والذي لا يحتمل أي تأخير في رزنامته، كما ان الملف الأمني بات ضاغطاً ويتطلب متابعة لمحاصرة التوترات المتنقلة وتعزيز الاستقرار، لا سيما في طرابلس.
وإذ كرر بري ان صيغة 9-9-6 هي لمصلحة قوى “14 آذار”، قال: يكفي ان الرئيس المكلف متعاطف معهم، وهذه ضمانة يجب ان تدفعهم الى المشاركة في الحكومة، فكيف إذا أضيف اليها أيضاً امتلاكهم للثلث الضامن والنصف زائداً واحداً.. أعتقد انه لا يبقى في هذه الحال أي مبرر للرفض، إلا في حال كانوا لا يملكون الحرية الكاملة لاتخاذ القرار.
ورداً على سؤال حول تعليقه على كلام رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع بأنه مطالب ليس فقط بتوجيه الدعوة الى عقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية ضمن المهلة الدستورية، وإنما ايضاً بأن يطلب من نوابه حضور الجلسة، أجاب بري: هذا ما أفعله دائماً، ونواب “كتلة التنمية والتحرير” يشاركون في كل الجلسات التي أدعو اليها، لكنني أسأل الآخرين: لماذا لا يحضرون هم، كما حصل حتى الآن مع الجلسات التشريعية التي دعوت اليها، لا سيما أنه لا يمكن لعاقل أن يدّعي أن البلد لا يحتاج الى تشريع.. وهناك جلسة أخرى في 18 الشهر الحالي، فهل سيشاركون فيها؟
في المقابل، أبلغت أوساط بارزة في “كتلة المستقبل” النيابية “السفير” ان الأولوية يجب أن تكون للإسراع في تشكيل حكومة جديدة، مؤكدة رفض عقد جلسة لمجلس الوزراء، انطلاقاً من اعتبارين:
الاول، ان الحكومة المستقيلة هي خارج المساءلة والمحاسبة لأنها فقدت الثقة الممنوحة لها، وبالتالي لا يجوز ان تتخذ قرارات من دون ان تتحمل مسؤوليتها، ويجب ان تكتفي بتصريف الأعمال ضمن أضيق الحدود.
والثاني، عدم وجود ثقة في الفريق الوزاري المسؤول عن الملف النفطي الذي قد تصدر قرارات في شأنه عن أي جلسة للحكومة.

وشددت الاوساط على ان التئام مجلس الوزراء في ظل الواقع الراهن سيكون بمثابة سابقة مرفوضة.
إلا ان مصادر وزارية في “8 آذار” أبلغت “السفير” ان انعقاد جلسة للحكومة “بات ضرورة ملحة”، مشيرة الى انه “يمكن الاتفاق على مواضيع البحث، التي نرى ان من بينها الوضع الامني الضاغط وموضوع تلزيم بلوكات النفط، والمسائل الحياتية الطارئة في ظل موجة السيول والعواصف، ومسألة النازحين السوريين، إضافة الى الوضع المالي للدولة، لا سيما في ظل بروز مسألة تمويل المحكمة الدولية من احتياطي الموازنة، والذي هو موضع خلاف من حيث المبدأ والتفصيل لا بد من حلّه، لأننا لا نستطيع تشريع الخطوة التي اقدم عليها رئيس الحكومة ووزير المال”.

السابق
الشرق: رئيس الجمهورية: السلاح خارج الدولة آداة للهيمنة والحروب الاهلية
التالي
الأخبار: طرابلس تستعدّ للجولة الـ 19