موسكو تستعدّ لوساطة بين الرياض وطهران

يعتقد سياسيّون متابعون أنّ انعقاد مؤتمر «جنيف ـ 2» لحلّ الأزمة السورية في موعده المقرّر في 22 كانون الثاني المقبل، مرهون بانطلاق المفاوضات بين دول الخليج العربي والجمهورية الإسلامية الإيرانية وتحقيقها بعض الأشواط، وإلّا فسيكون عرضة للتأجيل مجدّداً.

ويرى هؤلاء السياسيون أنّ هذه المفاوضات الخليجية ـ الإيرانية عموماً، والسعودية ـ الإيرانية خصوصاً، لا بدّ من حصولها قريباً، لأنّ الملفات التي ستتناولها لا تتحمّل أيّ تأخير، وتتطلّب معالجة سريعة، إذ من شأنها أن تفتح الطريق واسعةً أمام انعقاد مؤتمر جنيف السوري.

وإذ يُنتظر أن تكون روسيا الوسيط الاساسي في هذه المفاوضات، تشير معلومات وردت الى بعض المراجع السياسية الى انّ المفاوضات السعودية ـ الايرانية قد قطعت شوطاً، لأنّ التواصل بين الرياض وطهران لم ينقطع، خصوصاً بعد الدعوة الملكية التي تلقّاها الرئيس الايراني الشيخ حسن روحاني في موسم الحج الماضي كغيره من رؤساء الدول الاسلامية لزيارة المملكة العربية السعودية لأداء مناسك الحج واللقاء مع خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز.

وقيل إنّ البلدين تبادلا التزاور عبر وفود في الفترة التي سبقت الاتفاق النووي بين ايران والدول الغربية الستّ، في وقتٍ ظلّ الجانب الايراني يواظب على التعبير عن الرغبة في تطوير العلاقات مع دول الخليج عموماً، ومع السعودية خصوصاً، وقد سارعت طهران إثر التفجير الذي استهدف سفارتها في بيروت الى حصر الاتّهام بإسرائيل خلافاً لما صدر من مواقف وتصريحات تلمّح الى السعودية.

ويربط السياسيون أنفسُهم زيارة رئيس الاستخبارات العامّة السعودية الأمير بندر بن سلطان الاخيرة لموسكو واجتماعه الطويل مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بدور الوساطة الذي يُنتظر أن تلعبه موسكو في المفاوضات السعودية ـ الايرانية المرتقبة، ويؤكّدون انّ دول الخليج العربي يريدون هذه الوساطة الروسية لأنّ موسكو هي الأقدر من الاميركيّين في هذه المرحلة على تقديم ضمانات للرياض وبقيّة عواصم الخليج في أي تفاوض مع إيران.

ويشير هؤلاء السياسيون الى أنّ الجانب السعودي قد وضع مجموعة اوراق في تصرّف الجانب الروسي، الذي في إمكانه ان يحصل لدول الخليج من الجانب الايراني على أشياء كثيرة في ضوء العلاقة المتينة التي تربط بين موسكو وطهران. في حين انّ الجانب الاميركي يعيش حال ارتخاء في ضوء التفاوض الجاري بينه وبين الايرانيين في هذه المرحلة.

فالاميركي، على رغم تحالفه مع الدول الخليجية، هو في وضع يفرض عليه ان يعطي للإيرانيين، وفي هذه الحال لا يمكنه تحصيل أيّ شيء من طهران خارج الملفّ النووي ليقدّمه للخليجيّين. ولذلك برزت الرغبة الخليجية في إدخال الروس شركاءَ في المفاوضات مع إيران ليس في شأن الملف السوري فقط وإنّما في كلّ ملفّات المنطقة.

ويشير هؤلاء السياسيون الى انّ المواقف التصعيدية التي صدرت عن مسؤولين قطريين ضدّ ايران قبل يومين، تندرج في إطار جهد مكثّف تقرّر أخيراًَ لتكوين موقف خليجي موحّد في المفاوضات المرتقبة مع إيران، بحيث يكون هذا الموقف على وتيرة واحدة، ولا تنفرد أيّ دولة خليجية في التفاوض مع طهران، وذلك بعدما شاعت أخيراً معلومات عن هذا التفرّد إثر ما قيل عن تواصل قطريّ مع إيران، وكذلك إثر زيارة وزير الخارجية الاماراتي الشيخ عبدالله بن زياد للعاصمة الايرانية وما تلاها من جولة خليجية لنظيره الايراني شملت دولة الإمارات والكويت وقطر وسلطنة عمان، وعبّر خلالها عن رغبة بزيارة السعودية مطلِقاً مواقف إيجابية تجاهها.

وفي رأي هؤلاء السياسيين انّ الخلاف في وجهات النظر حول الملف السوري لم يذلّل خلال محادثات الامير بندر في موسكو، حيث تمسّك الجانب السعودي بموقفه الرافض ان يكون للرئيس السوري بشّار الاسد دورٌ في المرحلة الانتقالية، لكنّ هذا الملف سيُترك للمعالجة في نهاية هذه المرحلة الانتقالية التي سيحدّدها مؤتمر جنيف ـ 2، ولكنّ إنعقاد هذا المؤتمر كان وسيبقى مرهوناً بانطلاق المفاوضات السعودية ـ الإيرانية وتحقيقها تقدّماً معيّناً يُبنى عليه.

السابق
رسالة النقاط الست الأميركية: محاربة «الإرهاب التكفيري»
التالي
نازحو العرقوب لن يحولوا المنطقة إلى عرسال 2