النهار: مَنْ يقف وراء حرب الشائعات؟ الرصاص على الأقدام يُنذر هدنة طرابلس

كتبت “النهار ” تقول:  ماذا ومن يقف وراء يوم محموم طويل من الشائعات الجوالة التي اطلقت العنان للمخاوف الامنية التي لم تبرد بعد منذ التفجير المزدوج الذي استهدف السفارة الايرانية قبل عشرة ايام؟ وهل من صلة لموجة الشائعات باهتزاز الوضع الامني مجددا في طرابلس التي عادت تعاني خشية تفجر جولة جديدة من العنف المذهبي الفاقع في ظل ظاهرة ولا اغرب يستهدف بها عمال وموظفون من مذهب بعينه باطلاق الرصاص على اقدامهم ؟
على خطورة الوضع الناشئ في طرابلس التي عاد الفلتان فيها يهدد الخطة الامنية وينذر بانهيارها، اكتسبت موجة الشائعات الامنية طوال يوم امس متنقلة من منطقة الى اخرى طابعا مثيرا للقلق. وبدأت الموجة ببلاغ كاذب صباحا عن وجود عبوة قرب مبنى السفارة السعودية ومدرسة “الكوليج بروتستان” في قريطم مثيرة الهلع . ثم توالت حلقاتها بأنباء عن استعادة “حزب الله” الحواجز الامنية من قوى الامن الداخلي في منطقة النبطية وسحب العناصر الامنية الشرعية من الشوارع خوفا من وجود سيارات مفخخة الامر الذي نفته قوى الامن نفيا قاطعا . ومساء تمددت الموجة الى البقاع الشمالي حيث سرت شائعات عن سيارات مفخخة توجهت الى الهرمل وكثف الجيش وقوى الامن الحواجز في المنطقة، فيما تردد ان عناصر “حزب الله ” قامت بدورها بانتشار واسع. ويشار في هذا السياق الى ان منطقة الضاحية الجنوبية من بيروت شهدت عقب تفجيري السفارة الايرانية اجراءات امنية اضافية مشددة اتخذها الحزب تحوطا لاي استهدافات ارهابية جديدة محتملة.

على حافة الانهيار؟
في غضون ذلك بدأ الوضع في طرابلس يقترب من حافة انهيار امني جديد بعدما تعاقبت بسرعة جولات الاستفزاز المتبادلة بين الجماعات المتناحرة في احياء المدينة وجبل محسن. ومع ان اشتباكات محدودة دارت مساء وأمكن احتواؤها بسرعة فان تكرار الاعتداءات على عمال وموظفين في بلدية طرابلس امس باطلاق النار على اقدامهم بات يهدد باشعال موجة جديدة من العنف، خصوصا ان المستهدفين بهذه الاعتداءات هم في غالبيتهم من الطائفة العلوية ومن سكان جبل محسن .
وفي المقابل، حصل اشتباك امس عقب رفع مجموعات في الجبل اعلاماً سورية في المناطق المطلة من جبل محسن على التبانة . واذ اعلن الحزب العربي الديموقراطي انه يعتزم تنظيم تظاهرة اليوم بعد صلاة الجمعة احتجاجا على ما وصفه بالحصار والاستهداف لجبل محسن برزت مخاوف من تحول التظاهرة اعتصاماً مما ينذر باحتكاكات واشتباكات مع الجماعات المسلحة في طرابلس .
واجتمعت مساء امس لجنة المتابعة في المدينة والتي تضم وزيرالدولة احمد كرامي والنائبين سمير الجسر ومحمد كبارة مع احد المراجع الامنية في طرابلس لمعرفة التدابير التي تتخذها الدولة لملاحقة المخلين بالامن .
وعلمت “النهار” ان من الاسئلة التي وجهتها اللجنة الى الشخصية الامنية: ماذا فعلتم من اجل توقيف مطلقي النار على شيعيين في طرابلس منذ فترة وهو امر تكرر امس؟ فكان جواب المرجع انه جرى تعقب الفاعلين لكنهم تواروا. هذا الجواب لم يقنع اعضاء اللجنة الذين اصرّوا على قيام الاجهزة الامنية بواجباتها من دون تقاعس وليس العمل وفق حسابات خاصة والمثال التحرك السريع من الاجهزة الامنية في علما بعد مطالبة النائب سليمان فرنجية بذلك.
وصرّح عضو اللجنة النائب الجسر لـ”النهار” تعليقا على التطورات الامنية في المدينة:”لا وجود لخطة امنية في طرابلس .انه كلام بكلام. الامر يقتصر شكليا على بضعة رجال امن يعدون على الاصابع ينتشرون على المداخل، فيما الحاجة الملحة تقضي بانزال نحو 600 عنصر على الاقل علما ان طرابلس مقرر لها 900 عنصر. وهكذا باتت الامور فالتة في المدينة حيث التعديات على الاملاك العامة والخاصة على قدم وساق، فيما تستمر حوادث اطلاق النار على مواطنين تحت ذرائع واهية لكن الفاعلين يبررونها بعدم الملاحقة الجدية للمتهمين بارتكاب تفجير المسجدين. وهذا ما يثير لدينا الشكوك في أن هناك اصرارا مريبا على افلات الامن في طرابلس من اجل تغطية جريمة المسجدين وهذا الامر لن نسمح به وسنكشف المتورطين فيه”.
غير ان وزير الداخلية مروان شربل قال ليلا لـ”النهار”: ان الخطة الامنية قائمة “وهي تستكمل وقد اتخذت تدابير في اجتماع عمل في مديرية قوى الامن الداخلي من شأنها ان تعطي نتائج ايجابية على الارض قريبا “. وعما يثار عن ضآلة عدد الافراد المطلوبين لفرض الامن قال شربل: “قبل ان يتهموا وزير الداخلية عليهم ان يقفوا الى جانبه فلتتخل الشخصيات عن نصف عدد المواكبة المفروزة لها وانا كفيل بتوفير عدد مهم من العناصر لكي يخدموا في طرابلس وغيرها “. وأشار الى تدخلات تجعل الوضع معقدا واقر بضرورة زيادة العدد .

السنيورة في اتجاهين
وسط هذه التطورات، برز تحرك سياسي مزدوج امس لرئيس كتلة “المستقبل” النيابية الرئيس فؤاد السنيورة . فقد علمت “النهار” انه اتصل امس برئيس مجلس النواب نبيه بري وتشاورا في التطورات واتفقا على لقاء قريب لهما. ومن جهة اخرى اوفد السنيورة النائبين احمد فتفت وهادي حبيش الى بكركي حيث اجتمعا بالبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي تحت عنوان “التحضير للمرحلة المقبلة باعتبارها مرحلة اساسية وخصوصا لجهة انتخابات الرئاسة” على ما اوضح فتفت. وفهم ان الوفد اتفق مع البطريرك على مواصلة الحوار في شأن الاستعدادات للاستحقاق الرئاسي من منطلق السعي الى تجنب احتمالات الفراغ والتركيز على دور بكركي في المفاصل الاساسية التي تحمي هذا الاستحقاق.

التجسس
في سياق آخر، اقتصرت الجلسة التي عقدتها لجنتا الشؤون الخارجية والاتصالات النيابيتان امس مع ممثلي البعثات الديبلوماسية في لبنان على عرض لقضية التجسس الاسرائيلي على لبنان وزود الديبلوماسيون الذين شاركوا في الاجتماع ملفاً كاملاً عن القضية مقترنا بمطلب “ايقاف الحرب الاسرائيلية الالكترونية الموجهة ضده “. ويشار الى ان الممثلين الديبلوماسيين لم يبدوا مواقفهم من الملف فيما شكل حضورهم سابقة من حيث مشاركتهم في جلسات لجان نيابية .
ولم يحضر اي ممثل للسفارة الاميركية الجلسة، بينما برز موقف للسفير الاميركي ديفيد هيل عقب زيارته لرئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي والرئيس المكلف تمام سلام شدد فيه على ان الولايات المتحدة فيما تكمل المفاوضات حول برنامج ايران النووي “لن تتجاهل نشاطات ايران لزعزعة الاستقرار في المنطقة وسنستمر في مواجهة نشاطاتها الارهابية ونشاطات وكلائها بما في ذلك حزب الله “.

السابق
اطلاق نار في عين الحلوة
التالي
السفير: واشنطن تستعجل تسوية نفطية .. والفتنة تلفح طرابلس