فبركة إعلام لبنان: مروان حمزة لم ينتحر في AUB

مروان
سيارة مشبوهة هنا، شاب انتحر هناك، فتاة خطفت واغتصبت.. عناوين لافتة تستخدم في وسائل الاعلام كأخبار عاجلة قبل التأكد من صحة الخبر. وآخر الألعاب على أعصاب الناس خبر عن الطالب في الجامعة الأميركية مصطفى حمزة، الذي لم ينتحر وليس مريضا نفسيا او عصبيا ولم يرمه صديقه من الشرفة، كما قال تلفزيون "الجديد"، بل كان حادثا عرضيا: إرحموا المشاهدين وأعصابهم.

التضخيم هو واقع حال الاعلام اللبناني، وابتكار القصص في سباق محموم ورخيص للوصول الى سبق صحفي، هو عنوان المرحلة الحالية. إذ تنقل التلفزيونات والمواقع الإلكترونية أخبارا غير مؤكدة، ليصبح من الصعب التماس الحقيقة وتحديد الرأي الصحيح في ظل الضوضاء التي تصطنع حول أيّ قضية، وادارة المؤسسات الإعلامية لا تأبه لمشاعر المشاهدين او المعنيين بها.

أمس قضى الطالب مروان مصطفى حمزة (21 عاماً) في حادث بالجامعة الأميركية. هو ابن بلدة كفررمان قضاء النبطية، سقط من الطبقة السادسة في مبنى الهندسة في حرم الجامعة الاميركية ببيروت. على الفور استبق الاعلام التحقيقات الامنية وانتشر الخبر على انه “انتحار”، دون ان يكترث ناشرو الخبر لوقع خبر كهذا على اهل الفقيد واصدقائه واقربائه.

إنتحر، سقط سهوا، فقد توازنه، أسقطه صديقه، يعاني من امراض عصبية ونفسية… كلها افتراضات انتشرت بعد ساعات من خبر وفاة الشاب. واعتمدت معظم وسائل الاعلام على عبارة “انتحار “، على اعتبار أنّ وقع كلمة “انتحار” سيكون وقعها أقوى من “سقط بغير قصد”، أو ربما لان “انتحار” تطرح تساؤلات عديدة امام المشاهد، لا سيما وان الطالب في الجامعة الاميركية، ويقيم في مسكن داخل الجامعة، وبالتالي يرجح ان احواله المادية مريحة، ويعيش في رخاء، فما الذي قد يدفعه الى الانتحار؟

نقل تلفزيون “الجديد” معلومات عن ان الشاب “انتحر” لأنّه “يعاني من امراض نفسية وعصبية وكان موضع متابعة ومعالجة من والده الطبيب م. حمزة، ومن اختصاصيين”، وقد جاء هذا الخبر قبل التحقيق، او صدور بيان من ادارة الجامعة.

وفي تفاصيل الحادثة أنّ الشاب كان يزور أحد اصدقائه في الطبقة السادسة وكان يدرس لامتحان قريب، وسقط بعدما اقترب من حافة السطح. هو الذي كان في السنة الثالثة هندسة، يبيت في المسكن kerr في الطبقة الثانية، لكن سقوطه كان عن السادسة من مسكن مجاور هو penrose . واشارت معلومات صحافية الى أن عامل التنظيف في هذا المسكن كان رآه يجلس على حافة الشرفة وبين يديه laptop يعمل عليه. وعندما وقع تمسّك بغصن شجرة، لكن هذا الغصن لم ينقذه.

هذه القضية شبيهة بقضية السيارات المشبوهة، والمفخخة التي ذاع صيتها في الآونة الاخيرة، وباتت محور الرسائل العاجلة التي تبعثها وسائل الاعلام المختلفة الى الهواتف، فتربك المواطنين، وتقلقهم. فبين الاشتباه بسيارة على طريق ما، الى وصول القوى الامنية للكشف عليها، وضرب الجيش طوقا امنيا حول المكان، ليرسل في النهاية خبر أنّه تبيّن خلوّ السيارة من أيّ عبوة، بانتظار ما ستؤول اليه التحقيقات.

وهكذا، بانتظار التحقيقات مع صديقه الطالب الفقيد، الذي كان بجواره ساعة وقوعه، وعامل التنظيفات الذي رآه أثناء سقوطه، وبعد التأكد من كاميرات المراقبة المنتشرة داخل حرم الجامعة، لا يمكن سوى تقديم العزاء لاهل الفقيد واصدقائه، والملامة لوسائل الإعلام التي لم ترحم أهله ومحبّيه، طمعا في رفع نسب المشاهدة لتحصيل دولارات لا يمكن أن تكون أغلى من قلب أمّ أو حسرة أب أو خسارة صديق.

السابق
شربل من طرابلس:لانطلب تسليم السلاح لكن الاجهزة الامنية لن تكون شاهد زور
التالي
المفتي مالك الشعار: ليس هناك مكان ممنوع أن يصل اليه الأمن