السفير: رفض إسرائيلي للحل الأميركي بشأن الغاز مع لبنان

كتبت “السفير ” تقول: عاد الخلاف اللبناني ـ الإسرائيلي حول حدود المياه الاقتصادية الحصرية الى الضوء من جديد، بعدما أفادت مصادر اسرائيلية بأن الدولة العبرية رفضت مشروع حلّ وسط عرضته الإدارة الأميركية.
ويدور الخلاف على وجه التحديد في القاطع الجنوبي من الحدود البحرية اللبنانية في مثلّث مساحته 850 كيلومترا مربعاً رأسه في الناقورة وقاعدته على خط المنتصف مع قبرص بطول 15 كيلومتراً. وفي الوقت ذاته، تمارس قبرص إغراءات على إسرائيل للقيام بتصدير حوالي ربع الصادرات من حقل “لفيتان” الغازي عبر أراضيها، وليس عبر تركيا كما يريد الأميركيون والأتراك.
وكشفت صحيفة “غلوبس” الاقتصادية يوم أمس، النقاب عن رفض إسرائيل للحل الوسط الأميركي بشأن المنطقة المتنازع عليها. وكان الخلاف بهذا الشأن قد احتدم خصوصاً مع إعلان لبنان عن نيّته تلزيم مياهه الاقتصادية الحصرية في عشرة بلوكات. ويشكل البلوك رقم تسعة موضع الخلاف الجوهري مع إسرائيل، حيث يرى لبنان أن حدوده البحرية تقع جنوب الخط، الذي أعلنته إسرائيل حدودها البحرية الشمالية.
وتستند إسرائيل في ادعائها بأن حدودها البحرية الشمالية تقع شمال ما يقوله لبنان، إلى اتفاق لبناني مع قبرص كان قد أبرم قبل سنوات لتقاسم المياه الاقتصادية الحصرية بين البلدين. وفي اتفاقها على تقاسم المياه الاقتصادية الحصرية مع قبرص، رسمت إسرائيل هذا الخط وأودعته في خزائن الأمم المتحدة كما تقتضي المعاهدات البحرية. ولكن لبنان عاد وأعلن عن أن الخط المرسوم في الخريطة مع قبرص كان خاطئاً، وقدم إلى الأمم المتحدة وثائق تثبت أن الخط الصحيح يقع جنوب ما تدعيه إسرائيل. وأكد لبنان أن الاتفاق مع قبرص ليس نهائياً لأنه أصلاً لم يصدّق عليه من مجلس النواب اللبناني.
وزاد الاهتمام، خصوصاً الأميركي، بالنزاع الإسرائيلي ـ اللبناني حول هذه المنطقة لما ينطوي الوضع عليه من مخاطر بسبب وجود “حزب الله” واحتمال اندلاع مواجهات عسكرية لهذا السبب. وأوفدت أميركا على مدى الأعوام الثلاثة الماضية طواقم مختصين وديبلوماسيين في محاولة لإيجاد حل لهذه المشكلة. وأشيع مراراً أن الموقف الأميركي أقرب إلى الموقف اللبناني منه إلى الموقف الإسرائيلي بهذا الشأن.
ومعروف أن لبنان تقدم في العام 2010 إلى الأمم المتحدة بشكوى تفيد بأن إسرائيل رسمت خط مياه اقتصادية حصرية يتعدى على الحقوق والحدود اللبنانية. وسعت الولايات المتحدة منذ ذلك الحين إلى إزالة التوتر المحتمل حول ذلك بشكل مباشر وأحياناً عبر القنوات الدولية.
وكان جلياً أن جانباً من التركيز على هذه المنطقة يعود إلى واقع أن هناك احتمالات كبيرة بأن يحتوي “بلوك 9” اللبناني على حقل مشابه في حجمه لحقل “تمار”، الذي يغذي الآن إسرائيل ويوفر الغاز لصناعة الكهرباء فيها. ويعتبر رفض إسرائيل اقتراح الحل الوسط الأميركي إعلاناً بالتدخل في القرار اللبناني بشأن تلزيم البلوكات من ناحية، ومنعاً لتطوير “بلوك 9” على وجه التحديد.
من جهة أخرى، تحاول قبرص نيل موافقة إسرائيل على تخصيص حوالي ربع الكمية المراد
تصديرها من غاز “لفيتان” للمرور بأراضيها. وتريد قبرص، التي تجري مفاوضات بهذا الشأن مع دوائر رسمية إسرائيلية، تخصيص خط انتاج (Train) في منشأة تسييل يراد إنشاؤها مستقبلاً جنوب الجزيرة بتكلفة تصل إلى 12 مليار دولار.
وإذا ما منحت الحكومة الإسرائيلية الموافقة على الطلب القبرصي، فإن هذا سيفتح الباب أمام مفاوضات مع الشركات صاحبة الامتياز في حقل “لفيتان”، وخصوصاً الأميركية “نوبل إنرجي” والإسرائيلية “ديلك”. ومعروف أن هاتين الشركتين تملكان أيضاً امتيازات كثيرة في المياه الاقتصادية الحصرية القبرصية، وخصوصاً في حقل “أفروديت”.
وتجري إسرائيل وقبرص منذ ثلاث سنوات مفاوضات حثيثة للتوصل إلى اتفاق لتطوير الحقول المشتركة والمنتظر التوقيع عليه خلال نصف عام. وتتطلع قبرص إلى تجاوز أزمتها الاقتصادية عبر تطوير حقولها الغازية والتحول إلى دولة مصدرة في الطاقة وأيضاً إلى ممر لتصدير الغاز الإسرائيلي. وتأمل قبرص أن يسهم التعاون مع إسرائيل في خلق تعاون إستراتيجي يساعد في جذب الاستثمارات الأجنبية للجزيرة من ناحية، ويخلق نوعاً من الرادع لتركيا إذا حاولت المساس بالمصالح القبرصية. ولكن مصلحة إسرائيل الإستراتيجية مع تركيا أكبر بكثير وهو ما يجعل إسرائيل مترددة في الذهاب بعيداً في تعاونها مع قبرص.
وتتنافى المحاولة القبرصية مع دراسات الجدوى الاقتصادية التي أعدت حتى الآن ومع الرؤية الأميركية الرامية لاستغلال الغاز من أجل تحقيق الاستقرار في العلاقات بين دول المنطقة. وتسعى أميركا لتشجيع إسرائيل على القبول بمشروع اقتصادي تركي لتصدير الغاز إلى أوروبا برغم التوتر الراهن القائم في العلاقات بين إسرائيل وتركيا.
وفي كل حال، فإن المفاوضات الإسرائيلية – القبرصية بهذا الشأن قد تكون نوعاً من التحفيز للأتراك لحسم موقفهم السياسي من التعاون الاقتصادي مع إسرائيل في هذا المجال. ومن المهم ملاحظة أن إسرائيل بعدما أقرت المحكمة العليا حق الحكومة في تصدير 40 في المئة من انتاج الغاز تحاول استدراج عروض مريحة لها مثل تصدير الغاز إلى مصر أو الأردن والسلطة الفلسطينية أو تركيا.

السابق
النهار: الحريري و14 آذار رفضوا صيغة 9 9 6 والتمسّك بإعلان بعبدا
التالي
الديار: شعبة المعلومات تستدعي علي عيد للتحقيق معه بتفجير المسجدين