اللواء: نزيف طرابلس يهدّد الإستقرار نحو من 100 قتيل وجريح

كتبت “اللواء ” تقول: اتخذت الأحداث الدامية في طرابلس، أبعاداً خطيرة، مع التراشق بين النائبين علي فياض “حزب الله” وأحمد فتفت “تيار المستقبل”، والذي امتد إلى اتهامات تخطت لبنان إلى دول خليجية وإيران، في حملات كلامية من شأنها أن تسعر نيران الخلافات الداخلية، ليس على جبهة الأمن فقط، بل أيضاً على الجبهة السياسية والحكومية المفتوحة على التبشير اليومي بفراغ محدق برئاسة الجمهورية في أيار المقبل.
وتأتي هذه التطورات في وقت تشهد فيه الاشتباكات الدائرة في طرابلس محطات مدّ وجزر وسط مخاوف من تعثر الخطة الأمنية، بعدما ترددت معلومات عن أن انتشار الجيش اللبناني الذي كان مقرراً في جبل محسن في الرابعة بعد ظهر أمس تأخر إلى ظهر اليوم، علماً أن معلومات رسمية أكدت دخول الجيش إلى جبل محسن، من دون أن يتمكن من وقف الاشتباكات ورصاص القنص.
وكشف وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال مروان شربل أن عدد القتلى في اشتباكات طرابلس وصل إلى 12 قتيلاً، بعدما سقط ثلاثة قتلى، أمس، كان آخرهم الرقيب في الجيش اللبناني يوسف كمال الذي توفي متأثراً بجروحه، فيما تردد أن عدد الجرحى فاق الـ 85 جريحاً، كان آخرهم ثلاثة نقلوا إلى المستشفى الإسلامي في التبانة وحارة البرانية، نتيجة رصاص القنص.
ومع هذه المحصلة، ارتفعت المخاوف من أن يكون العجز عن وقف النزيف في طرابلس له انعكاسات بالغة الخطورة على الوضع السياسي يتخطى الشأن الحكومي أو الشأن النيابي، بما في ذلك العودة إلى الحوار.
وفي رأس المواقف المحذرة من استمرار النزيف في العاصمة الثانية، ما قاله أمس الأول الرئيس سعد الحريري من أن “هناك مدينة لبنانية كبيرة يصفونها بأنها العاصمة الثانية للبنان، تتعرض يومياً، على مرأى ومسمع من جميع المسؤولين الرسميين والأمنيين والعسكريين لحرب مشبوهة تستهدف أمنها وسلامتها ودورها وكرامتها”.
وسأل: “هل يجوز أن يتحول الجيش اللبناني بقواته المجوقلة وغير المجوقلة إلى شاهد زور في الحرب المعلنة ضد طرابلس؟ وهل يصح أن تكتفي الأجهزة الأمنية ومسؤولوها المحليون بمراقبة الوضع وإعلان العجز عن مواجهة الأخطار التي تتهدد المدينة؟”.
وخلص محمّلاً الدولة بكل مؤسساتها الرسمية والأمنية والعسكرية مسؤولية التخلي عن حماية المدينة وأهلها، والعمل على تركها ساحة مسيبة للفلتان الأمني.
ومجمل هذه التطورات، بأبعادها الطرابلسية والسياسية، فضلاً عن حصيلة الجلسات التي عقدت مع الرئيس نبيه بري، سيعرضها الرئيس فؤاد السنيورة مع الرئيس الحريري في باريس والتي كان وصل إليها أمس في إطار المشاورات الجارية بين مكونات 14 آذار حول ما يمكن القيام به للخروج من المآزق السياسية والدستورية القائمة في البلاد.
في هذه الأجواء، يتحدث الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله في الذكرى 25 سنة لإنشاء مستشفى “الرسول الأعظم” في الضاحية الجنوبية الثالثة بعد الظهر اليوم، حيث سيتناول تطورات الوضع في لبنان، بالإضافة إلى الوضعين السوري والإقليمي.
ويتزامن حديث نصر الله اليوم، مع تصعيد في التراشق الكلامي بين الحزب و”المستقبل”، بعد اتهام الحزب لقوى إقليمية وتحميلها مسؤولية تفجير الأوضاع في طرابلس، وإعاقة تشكيل الحكومة وعدم انعقاد الجلسات التشريعية للمجلس النيابي، إلى حد دفع نائب الحزب علي فياض إلى القول بأن “لبنان بات مأخوذاً كرهينة من قبل هذه السياسات التصعيدية على المستوى الإقليمي”، وقوله أيضاً أن “لبنان بلد المدنية والحضارة بات رهينة لسياسات بدوية تقوم على العقلية الثأرية وعلى الحقد والكراهية المذهبية”، الأمر الذي دفع النائب أحمد فتفت إلى الرد عليه، معتبراً بأن الحزب هو التنظيم المذهبي والطائفي، انطلاقاً من قناعاته والتزامه بولاية الفقيه، متهماً الحزب أيضاً بأنه يمارس نوعاً من سياسة تغطية ما يقوم به الحزب العربي الديموقراطي ورفعت عيد من جريمة شنعاء بعد تفجير المسجدين في طرابلس، لافتاً إلى أن الحزب لم يعد يتطلع عربياً، بل فارسياً إلى إيران، وأن هجومه على العرب هو فعلاً نهاية طريقه، وأصبح واضحاً التقاطع بين سياسة إيران وسياسة إسرائيل وسياسة حزب الله (…) الى حد أن الحزب أصبح الحليف الفعلي لإسرائيل في المنطقة (…)، إلى ذلك، أكدت مصادر سياسية مطلعة لـ?”اللواء” أن الاجتماعين الأمني والقضائي اللذين شهدهما قصر بعبدا بشأن احداث طرابلس شكلا مفصلاً اساسياً في أهمية معالجة ما يجري والتحرك في اتجاه تهدئة الأوضاع، مع العلم أن ثمة من يعتقد أن ما حصل في عاصمة الشمال مرشّح للتفاقم.
وأوضحت المصادر أن الأجهزة الأمنية في هذه المدينة حصلت على الضوء الأخضر السياسي للتحرك، مشيرة إلى أن أي اجتماع على هذا المستوى غير مستبعد في حال توترت الأجواء مجدداً من دون اغفال إمكانية عقد المجلس الأعلى للدفاع، ولفتت إلى ان هناك اقتناعاً لدى عدد من المسؤولين الذين تداولوا في الملف الأمني في طرابلس، بأنه بات من الصعوبة بمكان لجم الانفعالات بعدما تأكد أن هذه المدينة تستخدم كصندوق بريد.

استئناف المشاورات الحكومية
وفي مجال آخر، فُهم من مصادر مواكبة للاتصالات الجارية بشأن الملف الحكومي أن انصراف المسؤولين إلى متابعة احداث طرابلس لم يحجب الاهتمام بالمشاورات المتصلة بهذا الملف، موضحة أن حراكاً جديداً يتوقع له أن يستأنف مجدداً بهدف فتح ثغرة في جدار أزمة التأليف الحكومي، وأن اللقاء الأخير بين الرئيس ميشال سليمان والرئيس المكلف تمام سلام السبت الماضي، توقف عند ضرورة مواصلة هذه المشاورات، والا فسيكون هناك كلام آخر، كما كان قد أكّد الرئيس سلام قبيل عيد الأضحى المبارك.
من جهة ثانية، أملت أوساط سياسية في 8 آذار أن تتحوّل محاولات التقارب “العوني” – الأملي إلى تنسيق عملي بين تكتل التغيير والإصلاح والرئيس نبيه برّي، في ضوء الاجتماع الذي يتم السبت بين الطرفين في عين التينة، ولا سيما على صعيدي الجلسة الحكومية لاصدار مراسيم النفط، وإعادة تفعيل عمل المجلس النيابي.
ولفت الانتباه، بالنسبة إلى الجلسة الحكومية، إعلان وزير الطاقة جبران باسيل لقناة “المنار” انه ارسل عبر البريد عريضة إلى عدد من الوزراء للتوقيع عليها، بغية الطلب من رئيسي الجمهورية والحكومة عقد جلسة لمجلس الوزراء، كان الرئيس نجيب ميقاتي اشترط تفاهماً وزارياً عليها، ولا سيما بين وزراء بري وعون.
ونقلت “المنار” في هذا السياق عن مصادر في 8 آذار تأييدها للجلسة الحكومية من دون أي شروط مسبقة.

وضع طرابلس
وبالنسبة إلى ميدانيات الوضع في طرابلس، فقد أفادت آخر المعلومات الواردة ليلاً من المدينة، أن مناوشات بالاسلحة الخفيفة والمتوسطة دارت منذ العاشرة والنصف ليلاً بين محور شارع سوريا – ستاركو في التبانة من جهة وبين جبل محسن من جهة ثانية، وأن الجيش يرد على مصادر النيران، وأفيد عن إصابة شخص يدعى محمّد البقار قنصاً في باب التبانة، وسبق ذلك تسجيل سقوط قذائف على اكثر من محور، ولا سيما في شارع سوريا وحارة البرانية وسوق القمح.
وتزامن ذلك مع معلومات شبه رسمية ذكرت بأن وحدات من الجيش اكملت انتشارها في جبل محسن مساء أمس، تمهيداً لتوسيع هذا الانتشار إلى المناطق المحيطة بالجبل، مثل القبة والتبانة، لكن المسؤول السياسي في الحزب العربي الديمقراطي رفعت علي عيد ابلغ قناة “الجديد” ليلاً، ان الجيش ممنوع عليه دخول التبانة، واضعاً ذلك برسم رئيس الجمهورية، مشيراً إلى ان وحدات من فوج المغاوير واللواء 12 موجودة فعلاً في جبل محسن وأخذت مواقع قتالية، منبهاً إلى انه إذا لم يعمل المسؤولون جميعاً بحكمة فنحن ذاهبون لحرب كبيرة.
وقال انه إذا ثبت أن حزبه متورط بجريمة تفجير المسجدين في طرابلس، فانه مستعد لأن يطلب من وزير الداخلية حل الحزب، لكن في المقابل، إذا ثبت أن الشاب المتهم بالتفجيرين بريء أليس من الأجدى حل شعبة المعلومات في قوى الأمن؟

السابق
المستقبل: انتشار الجيش في جبل محسن.. يلجم التدهور
التالي
معركة القلمون.. النيران تقترب من لبنان!