هل تسرّع مواقف جنبلاط تشكيل الحكومة أم تلغيها؟

الحجر الذي رماه النائب وليد جنبلاط في مياه الاصطفافات الراكدة راحت دوائره تزداد اتساعا. فالتحليلات التي تلت حديثه الى»السفير» في الأسبوع الماضي، تواصلت في الايام الماضية بين موغل في الاجتهاد، وبين حذر في التعاطي مع اللحظة السياسية الاكثر سرعة في التقلب من جنبلاط نفسه. الا ان الاهتمام تركز بشكل خاص على كيفية انعكاس موقفه على تشكيل الحكومة المنتظرة.

ينقل زوار رئيس الجمهورية ميشال سليمان عنه تزايد «انزعاجه من الاجواء التي وصلت اليها الامور في موضوع تشكيل الحكومة». هو انزعاج يشاركه فيه الرئيس المكلف تمام سلام. واذا كان الرجلان معروفان بقدرتهما على التحمل الا ان من التقاهما في الايام الاخيرة نقل عنهما استياء واضحا مما آلت اليه التطورات «التي لا تطور فيها، بل على العكس ايغالا في التعقيد والالتباسات غير البناءة».
اما كيف سيُترجم هذا الاستياء، وهل ينجم عنه حكومة في المدى المنظور، فتلك اسئلة تحتاج الى فهم «طقوس الاشارات والتحولات» بما هي ابعد من مواقف سليمان وسلام وجنبلاط.
يؤكد مصدر مطلع ان سليمان سيوقع مرسوم اية حكومة يرفعها اليه الرئيس المكلف لانه يثق بان انتظار الاخير لم يكن من دون جدوى. «فهو يجهد لتشكيل حكومة تضم الجميع لتتمكن من القيام بالاعباء الكبيرة التي تنتظرها، سواء لجهة الاستحقاقات السياسية او الدستورية او لجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية الكبيرة». وينقل المصدر عن سليمان قلقه الجدي من «استمرار عرقلة قيام الحكومة مما يهدد استقرار البلد على كل المستويات. فالوقت اصبح عبئا كبيرا ولا بد من كسر حالة الجمود السلبي الراهنة».
في المقابل، ينقل زوار سلام عنه «رغبته بالتشكيل امس قبل اليوم». ومع ذلك لا تلوح في الافق بوادر حكومة. ويعزو سلام ذلك، بحسب زواره، الى «مصالح الاطراف الصغيرة وحساباتهم المتشعبة، داخليا وخارجيا. واذا حققنا لكل طرف ما يريده، نصل الى حكومة معطلة غير منتجة، لانها غير منسجمة ولا تملك رؤية مشتركة للعمل الحكومي». لا يعلق سلام، بحسب زواره، على مواقف جنبلاط الاخيرة. لكن يمكن القراءة بين سطور مواقفه عن ارباك جديد اضيف الى ارباكاته الكثيرة في استيلاد الحكومة العتيدة».
وبحسب الزوار، فان سلام «راعى في كل الظروف مواقف جنبلاط وحساباته وتموضعه. وهو ما لم يفعله رئيس «الاشتراكي» في مقاربته الشأن الحكومي». بالتالي فان سلام يعتبر ان «الوقت بات ضيقا ويجب ان تتبلور الامور سريعا. فبعد اليوم لا يمكن لاحد ان يتهمه بالتسرع، فهو اعطى المهل الاكثر من كافية، واستمع الى الجميع، وسجل كل المطالب والطروحات، وابدى كل تفهم واستعداد لتدوير الزوايا حيث يمكن. لكن لا بد من حكومة للبلد ولا بد من ان يتحمل الجميع مسؤولياتهم في التسهيل وفي التعطيل».
هل يمكن ان يعتبر هذا الكلام ايحاء بقرب ولادة الحكومة، خصوصا بعد ان تم التداول بتحديد موعد الولادة بعيد عيد الاضحى؟
يجيب أحد المطلعين ان «التعقيدات ما زالت على حالها منذ سبعة شهور، ومواقف جنبلاط الاخيرة زادت الارباك ارباكا. فكيف ستحتسب حصته الحكومية؟ وهل يمكن تصنيفه في خانة «8 آذار» مثلا؟».
يضيف ان «سلام سيكسر الرقم القياسي بصفته رئيسا مكلفا لتشكيل الحكومة، لا بل سيسجل سابقة. فصحيح ان الرئيس الراحل رشيد كرامي سجل اطول فترة كرئيس مكلف عام 1969، لمدة بلغت سبعة اشهر، الا انه كان في الوقت نفسه رئيسا لحكومة تصريف الاعمال. وهو ليس الحال اليوم. فالرئيس نجيب ميقاتي هو من يصرف الاعمال وحكومته. ويمكن ان يتم «تعويم» هذه الحكومة لسبب او لآخر، عند الضرورات القصوى، بالتالي، فالرئيس سلام ليس في وضع يحسد عليه على كل المستويات. حتى الصورة التي رافقت تكليفه كشخص نزيه و«آدمي» فيه بعض من ملامح «لبنان ــ الحنين»، تآكلت وخسرت الكثير من عناصر قوتها».
ويختم: «ليس امام سلام الا ان يحدث صدمة حكومية، بمعنى ان يحمل الى القصر الجمهوري حكومة تراعي الميثاقية والمصلحة الوطنية ويضع الجميع امام مسؤولياتهم. هذا هو باب النجاة الوحيد، لكن شخصية الرئيس المكلف لا يمكن ان تقدم على مثل هذه الخطوة التي تفرض امرا واقعا على الجميع. لذا فانتظارات اللبنانيين ستطول».
السابق
كلُّ لبنان مخيّم سوري
التالي
أوباما لسليمان: العدوى السورية تجعل الجوار دولاً مارقة