العرب إلى أين؟

تمر المنطقة العربية بمرحلة خطرة ومنعطف تاريخي فظيع ومرعب قد لا نخرج منه بسلام، فشهر رمضان الكريم الذي بدأناه بالتهاني والتبريكات تحول إلى جحيم وكابوس إرهابي مخيف على الشعب العراقي حيث راح ضحيته أكثر من 1000 قتيل مدني في شهر يوليو فقط بسبب ازدياد العمليات الإرهابية الجبانة التي زرعت المفخخات في كل ناحية وصوب ومع هذا لم نسمع أي إدانة من أخوة الدين والدم إلا من «الغرب الكافر».

وما إن جاء يوم الأربعاء الأسود بعد أن اتخذت فيه حكومة حازم الببلاوي قرارا جائرا بفض اعتصامات أنصار الرئيس المعزول مرسي بالقوة، وبالفعل اقتحمت قوات الأمن المصري ميداني رابعة العدوية والنهضة مخلفة وراءها مجزرة يندى لها الجبين، راح ضحيتها مئات القتلى وآلاف الجرحى (278 قتيلا من بينهم 43 من قوات الأمن وإصابة 2001 حسب رواية الـ بي بي سي )، فهل أعدت الأمن المفقود يا دولة الرئيس أم أدخلت مصر في أزمة أكبر وأعقد؟

نعم هناك تعسف وجور تمارسه حكومة السيسي ضد الإخوان ورموزهم فما معنى أن يحاكم مرسي بتهمة التخابر مع حماس؟ ألم يكن المخلوع مبارك وعمر سليمان مضيافين لوزيرة العدو الإسرائيلي ليفني أم كانت هذه اللقاءات ضرورة أمنية؟

نعم أستنكر قمع الإخوان ما داموا سلميين ويتظاهرون في أماكن لا يعطلون فيها مصالح الناس، لكن أن يعتدوا على الشرطة أو الشعب أو يحرقوا مراكز الشرطة ودور العبادة فهذا أمر مرفوض (قد لا يكون الإخوان هم الحارقون للكنائس مع قابليتهم لفعل ذلك، فتذكروا ان من فجر كنيسة القديسين في الإسكندرية هو حبيب العدلي لخلق فتنة طائفية) واضح أن المشهد في مصر ذاهب إلى المزيد من التصعيد في المواجهات بين الدولة والإخوان خاصة بعد دخول أطراف إقليمية ودولية في الأزمة.

كنت أتمنى أن يتراجع الإخوان عن مواجهة الدولة ويعكفوا على مراجعة تجربتهم كي يتعلموا من أخطائهم التي أدت إلى الثورة عليهم، فصناديق الاقتراع التي نجحوا من خلالها ليست شيكا على بياض أو تفويضا مطلقا يحق لهم فيه فعل ما يريدون، بل هي تعاقد قد يفسخ في أي لحظة وأن «الديموقراطية» لا تعني حكم الأغلبية من غير حفظ حقوق الأقلية.

أتمنى أن تتجاوز مصر المحروسة هذه المحنة القاسية باقتدار وبعزيمة أبنائها المخلصين، وما إن ننتقل إلى المشهد اللبناني بعدما تعرضت الضاحية الجنوبية لبيروت يوم الخميس الماضي لعملية إرهابية استهدفت المدنيين عن طريق تفجير سيارة مفخخة في منطقة الرويس قتلت 22 ضحية وأصابت 336 بالجروح وهذه العملية هي الثانية في ظرف شهرين والمراد منها هو تسخين الحرب الأهلية وإدخال لبنان في المجهول، وبلا شك عندي أن المستفيد الأول من هذا الوضع السيئ للأمة العربية هو إسرائيل وحلفاؤها، فقد أطلقت مؤخرا سراح 26 أسيرا فلسطينيا تكحل فيهم مقلتا محمود عباس وستتقدم بمشروع اسيتطاني ضخم يهدف إلى بناء 1100 وحدة سكنية لليهود بالضفة الغربية والقدس الشرقية أما نحن العرب فسندخل حروبا طاحنة دينية ومذهبية وطائفية وإذا تبقى منا نفر حي فسنفاوض الصهاينة على حل الدولتين.

السابق
لماذا الاعتدال عدو حزب الله؟
التالي
الربيع العربي حرب إعلامية