الجمهورية: موسكو تؤيد إعلان بعبدا وخطة لبري

فيما تعيش البلاد فراغاً في السلطة السياسية، وجدلاً بيزنطيّاً حول قانون الانتخاب العتيد، ومشاورات هادئة لتأليف الحكومة، وفيما كانت الأنظار متّجهة إلى الحدود مع سوريا شمالاً وبقاعاً، خشيةً على الاستقرار الأمني في ضوء الأحداث الجارية في سوريا، بموازاة تصاعد الدعوات الدولية الرافضة لانجرار لبنان إلى الوحول السورية، جاءت المفاجأة من الجنوب مع إعلان إسرائيل أنّها أسقطت طائرة صغيرة من دون طيّار حاولت اختراق مجالها الجوّي من لبنان، متّهمة "حزب الله" بإرسالها، لكنّ الحزب سارع إلى نفي هذه الاتّهامات مؤكّداً أنّه "لم يرسل أيّة طائرة بلا طيّار باتّجاه أجواء فلسطين المحتلة".

هذا التطوّر اللافت في توقيته، تزامنَ مع زيارة نائب وزير الخارجية الروسية ميخائيل بوغدانوف إلى لبنان والتي بدأها بالقول إنّ "الوضع في المنطقة معقّد"، داعياً اللبنانيين الى البحث عن الحلول المشتركة والاتّفاق فيما بينهم، مجدّداً موقف روسيا المؤيّد بشكل دائم لسيادة لبنان واستقلاله ووحدة وسلامة أراضيه. واعتبر أنّ المسيحيّين يمرّون بظروف صعبة ومعقّدة.

وعلمت"الجمهورية" أنّ بوغدانوف الذي التقى رئيس حزب الكتائب الشيخ أمين الجميّل بحضور نائب رئيس الحزب سجعان قزي ونوّاب الحزب، واجتمع في فندق "فينيسيا" مع اللقاء الأرثوذكسي، وتعشّى إلى مائدة النائب وليد جنبلاط أمس في حضور وزراء جبهة النضال الوطني، على أن يلتقيه مجدّداً اليوم في المختارة الى مائدة غداء كبيرة يقيمها جنبلاط على شرفه بحضور عدد من رجال الدين، سوف يلتقي أيضاً وفداً من "كتلة الوفاء للمقاومة".

وفي المعلومات أيضاً أنّ بوغدانوف أبلغ إلى مَن التقاهم تأييد بلاده لانعقاد مؤتمر للنازحين السوريين في بيروت، وهو سيطلب من المسؤولين اللبنانيين تسليمه خريطة انتشارهم لمعرفة كيفية التعاطي مع مشكلتهم، معتبراً أنّ المساعدات التي وصلت إلى لبنان غير كافية.

وأكّد بوغدانوف ثبات موقف بلاده من الأزمة في سوريا، وارتياحها إلى التجاوب الأميركي الجديد معها حيال حلّ الأزمة سياسيّاً.

وفي المقابل، نقلَ معارضة موسكو لتدخّل الأطراف اللبنانيين في الحرب السوريّة، ورغبتَها الشديدة في أن يلتزموا سياسة النأي بالنفس.

كما وعدَ بأنّ روسيا ستحاول تسويق "إعلان بعبدا" في المحافل الدولية.

برّي

وعلى الخط الانتخابي ، قال رئيس مجلس النواب نبيه برّي لـ"الجمهورية" إنّه بدأ تنفيذ خطة لمعاودة لجنة التواصل النيابيّ اجتماعاتها، وفي هذا الإطار أتى لقاؤه أمس مع كلّ من رئيس اللجنة النائب روبير غانم والنائبين أكرم شهيّب وجورج عدوان. وكشف أنّه التقى مساء أمس الأوّل ممثّلاً للبطريركية المارونية، مؤكّداً أنّه سيتابع في قابل الأيام لقاءاته الثنائية مع ممثلي الأطراف السياسيين المشاركين في اللجنة. وشدّد على وجوب التوصّل إلى قانون انتخابيّ توافقيّ قبل موعد جلسة المجلس المقرّرة في 15 أيّار المقبل.

وأكّد برّي أنه لا يطرح مع جميع الذين يلتقيهم أيّة أفكار، وإنّما يشدّد على وجوب أن يلتقي الجميع ويبحثوا في أفكار لصون قانون الانتخاب المنشود.

وأشار إلى أنّه لا يطلب البحث في القانون المختلط الذي كان طرحه وإن كان في إمكانهم أن يستأنسوا به إذا أرادوا، "فالمُهمّ عندي هو التوصّل إلى القانون التوافقيّ حتى نبحثه في جلسة 15 أيّار".

أضاف برّي أنّه يتصرّف على أساس أنّ الانتخابات ستجري في موعدها، ولن يتحدّث عن أيّ تمديد وخلافِه، "فإذا وصلنا إلى 15 أيّار ولم يكن هناك قانون، سأبدأ جلسة ماراتونية ليل نهار حتى نتوصّل إلى القانون العتيد".

من جهة ثانية، كرّر برّي التأكيد على أنّ المشاورات الجارية بين الرئيس المكلّف تمّام سلام والقوى السياسية تتّسم بإيجابية، ولا سيّما مع الوزير في الحكومة المستقيلة جبران باسيل، خلافاً لما أُشيع.

وقال برّي إنّ الأحجام التمثيلية للقوى السياسية ينبغي أن تحدّد وفق لوحة تمثيل هذه القوى في مجلس النواب، مؤكّداً أنّ اتّفاقاً قد تمّ نهائيّا على أن تكون الحكومة توافقية ومكوّنة من 24 وزيراً، وفي ضوء هذا الأمر ينطلق الرئيس المكلّف في مشاوراته للتأليف. واعتبر "أنّ التوافق يجعل من الكلام عن الثلث المعطل أو غيره بلا جدوى، لأنّ صفاء النيّات والرغبة في التعاون هما اللذان يمكّنان الحكومة من الاضطلاع بمسؤوليّاتها بفاعلية".

مصادر سلام

في هذا الوقت، يستكمل سلام مشاوراته، وقد التقى النائب بطرس حرب ثمّ الوزير السابق يوسف سعادة.

وأكّدت مصادر الرئيس المكلّف أنّ تصوّره لحكومة الإنتخابات هي من 14 إلى 24 وزيراً، والمثالية منها تكمن في 24 وزيراً ليكون التمثيل أفضل، على أن تشمل المداورة كلّ الحقائب.

ورأت أنّ سلام يعتبر حكومة الوحدة الوطنية أداءً قبل أيّ شيء آخر، وهو يرفض حكومة تحدٍّ أو مواجهة، "فسابقاً عرفنا حكومة اللون الواحد وحكومة الوحدة الوطنية التي أوصلت البلد إلى مكان غير مريح" . وتساءلت المصادر، نقلاً عن سلام، عن أسباب تمسّك البعض بفكرة الثلث المعطّل في الحكومة، عازيةً ذلك الى اعتياد القوى السياسية على وضع الشروط.

ولفتت هذه المصادر إلى أنّ رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان متعاون ومتفهّم الى أبعد الحدود. كما نقلت عن سلام تمنّياته إعطاءَ البلد فرصة لكي يرتاح.

وأكّدت أنّ استشارات التأليف والإجماع محطّتان قلبتا الأوضاع من مناخ سوداوي في البلد إلى مناخ مشرق، مشدّدةً على أنّ الإجماع هو مسؤولية تقع على أصحابه، فكما أجمعوا على التكليف يجب أن يجمعوا على التأليف.

وأضافت: إنّ حدود الرئيس المكلف في شأن الحكومة هي ثقة الناس، وعندما يشعر أنّ هناك تعطيلاً جدّياً فهو سيقوم بما يمليه عليه ضميره، لأنّ الناس يريدون الحكومة اليوم أكثر من الأمس.

ونقلت المصادر عن سلام أنّه لن ينتظر أشهراً لتأليف الحكومة، وهو يقول: إذا انتظرنا قانون الانتخاب فيعني أنّنا نقول للناس أن ليس هناك انتخابات، أمّا إذا تمّ التمديد لمجلس النوّاب فسأكون حاضراً لوضع الحكومة في تصرّف القوى السياسية، ولا حرَج لديّ في ذلك.

كما نقلت عنه قوله: نحن حريصون على أن لا تكون الحقائب محصورة بشخص أو طائفة، وألّا يكون فيها مرشّحون للانتخابات أو وزراء يشكّلون تحدّياً أو استفزازاً لأحد .

وأكّدت المصادر إصرار الرئيس المكلّف على التعاون مع جميع القوى السياسية مبدياً استعداده للتجاوب مع ما يُطرح من أسماء مقبولة.

وشدّدت على أنّه في حال نجحت الحكومة في إجراء الانتخابات، فذلك سيكون إنجازاً تاريخيّاً على مستوى المؤسّسات الديمقراطية، علماً أنّ النزاع السياسي كان وسيبقى.

الجيش السوري يُحضّر لعملية واسعة في "القصير"

من جهة ثانية، وعلى وقع االتطورات المتسارعة، أكد مراسل وكالة أنباء فارس أن الجيش السوري وصل الى مشارف مدينة القصير التي تعتبر المعقل الأم للمجموعات المسلحة في محافظة‌ حمص، وهو يستعدّ حالياً لعملية عسكرية‌ واسعة فيها.

وأفاد المراسل في سوريا ان "وحدات الجيش السوري نفذت عملية واسعة في منطقة "السلومية" في حمص، حيث دارت اشتباكات عنيفة مع المجموعات المسلحة في المنطقة أدت الى مقتل وجرح عشرات المسلحين وتدمير عدد من السيارات ومدافع الهاون التي كانت
بحوزتهم.

ونقل المراسل أن وحدات الجيش السوري باتت الآن على مشارف مدينة "القصير" وتتحضر لعملية عسكرية واسعة، لافتاً إلى أن أمتاراً قليلة تفصل الوحدات عن الطريق الرئيس لمدينة القصير.

وكذلك تتحضر وحدات الجيش السوري لعملية عسكرية أخرى في أحياء "حمص القديمة" التي تشهد اشتباكات عنيفة مع المجموعات المسلحة في المنطقة، فيما يواصل الجيش تقدمه في حي"باب هود" حيث وصل الآن إلى ما بعد مبنى"النفوس" في الحي.
  

السابق
الأخبار: 14 آذار لا تسوية حكومية مع 8 آذار
التالي
البناء: ماذا تهيئ أميركا وإسرائيل للبنان والمنطقة؟