معركة مكشوفة كمحور في الحرب

لبنان ليس خارج حرب سوريا، سواء في النظرة من بيروت أو دمشق أو طهران أو العواصم العربية والدولية. ليس خارجها في إطار الصراع الجيوسياسي على خارطة الشرق الأوسط، حيث يرتبط مصير لبنان ومستقبله بما ينتهي اليه الوضع في سوريا ومضاعفاته في المنطقة. ولا خارجها بالطبع في مجريات الحوادث اليومية والانخراط في حركة التصدير والاستيراد للعنف والمواقف والنازحين. ولا بالترجمة العملية الملتوية لسياسة النأي بالنفس رسمياً وسياسات إقحام النفس شعبياً. ومن الوهم الاستمرار في خداع النفس الذي يساهم به المجتمع الدولي عبر تكرار الدعم لسياسة النأي بالنفس وهو يعرف أنها غطاء لشيء آخر.
ذلك أن معركة قانون الانتخاب تُدار على أساس أن الذهاب الى الانتخابات أو الرغبة في تطييرها محور في حرب سوريا التي هي محور مهم في الصراع بين المشروع الايراني والمشروع العربي والتركي المعاكس، في ظل اللعبة الكبيرة بين واشنطن وموسكو. واذا كانت اداة الصراع الاقليمي والدولي مذهبية بالطابع السني والشيعي، فإن من طبائع الأمور أن تكون كذلك في لبنان. ومن الصعب تغطيتها بثوب مستعار اسمه التمثيل المسيحي والحرص المستجد على اعطاء الأولوية لتبديد الهواجس المسيحية.

وهي هواجس جرى تجاهلها منذ الطائف وبدت بلا أمل وتعرضت لخداع بلا خجل.
لكن التمثيل المسيحي ليس المحور المهم في المعركة، وإن أعطي عنوانها. وهو، مثل التمثيل في بقية الطوائف متأثر بالخلل الديموغرافي، بصرف النظر عن المناصفة التي حددها الطائف وليس للخلل الديموغرافي سوى حل ديمقراطي جذري هو المواطنة في دولة مدنية. أما الذهاب الى انتخابات يختار فيها كل مذهب نوابه، فإنه علاج أسوأ من المرض الذي هو النظام الطائفي والسيطرة الاسلامية بقوة العامل الديموغرافي على عدد من النواب المسيحيين.
واللعبة مكشوفة بلا قفازات مخملية ولا أقنعة، وخطرة بكل المقاييس. فاللجان المشتركة التي وافقت على مشروع اللقاء الأرثوذكسي وسط الخلافات الحادة وبرغم الانسحابات الوازنة، قفزت من فوق الشراكة الوطنية على حافة الهاوية الى الهاوية. ولا أحد يعرف إن كانت هناك لعبة مستورة في الكواليس توظف اللعبة المكشوفة في الخروج من الهاوية بعد صدمة الوقوع فيها. لكن من الصعب القول إن اللعبة انتهت. فأمامها سلسلة حواجز في المجلس النيابي ورئاسة الجمهورية والمجلس الدستوري ورفض المجتمع المدني وحسابات التوقف أمام الرفض القاطع لمكونات طائفية أساسية.
وأخطر ما يحدث، على كثرة المخاطر، هو تجاهل حدود الدور التقليدي للانتخابات في لبنان، والذهاب أو عدم الذهاب اليها كجزء من حرب سوريا وصراع المحاور في المنطقة.

السابق
لا يكفي إسقاط الأسد والقذافي
التالي
“المستقبل”: بري لن يفعلها