جريمة عرسال.. الجيش لا يمكن ان يسكت أو يتراجع

لا يمكن ان يدّعي عاقل واعٍ تابعَ تطورات الأحداث في لبنان، انه فوجئ بما جرى من اعتداء وجريمة موصوفة بحق الجيش في عرسال، لأن الذي حصل ليس اكثر من محطة في مسار وحلقة في سلسلة بدأت يوم اتخذ الافرقاء في لبنان قرار الانخراط في العدوان على سوريا.

ومع السكوت الرسمي عن انتهاك سياسة النأي بالنفس، تحوّلت مناطق لبنانية ثلاث الى مناطق تحشد، و قواعد انطلاق للارهابيين عبر الحدود اللبنانية (عرسال وادي خالد وعكار)، وعندما وصف وزير الدفاع اللبناني حال عرسال منذ سنة ونصف تقريبا قائلا بأن تنظيم القاعدة لجأ اليها، هبّ تيار المستقبل ومعه قوى «14 اذار» ورفضوا الموقف، وذهبوا الى عرسال متعاطفين معها، مستنكرين وصفها بانها ملجأ لارهابيي القاعدة.

ومنذ اسبوع نصب كمين لدورية من الجيش قامت بتنفيذ مهمّة امنية محدودة انتهت بتوقيف احد المطلوبين للعدالة لارتكابه جرائم قتل وخطف وافعال تقع تحت توصيف اعمال الارهاب التي التزم لبنان و يفاخر امام المجتمع الدولي بانه يقوم بحرب عليه.
وبعد ان وقعت الدورية في الكمين المُعد، احتجز العسكريون وهم بلباسهم العسكري ونقلوا الى بلدية عرسال دون ان يكون اي شبهة او التباس حول صفتهم وهوياتهم، ثم تم الاجهاز على ضابط ورتيب و بصورة وحشية تأباها الشرائع كلها والقوانين، و كان ما كان من امر التمثيل بالجثث و التشفي من اصحابها .
وانه لمن شديد الاشمئزاز والالم معا، ان نسمع بعد هذه الفظاعة اصواتا تحاول تبرير الجريمة، وتبرئة مرتكبيها، ومن المضحك مع ذلك ان نسمع نائبا ينظر حول اصول القيام بعملية امنية، ويقترح ان يتقدم الجيش بطلب الترخيص والاذن من اهل البلدة ليدخل اليها.

في مقابل هذه الحقائق المُرّة يطرح الآن التحدي بوجه الجيش، وهو تحدٍّ معقّد اذ لا يكفي الجيش سلوك الجناة ضده، الا انه يشعر وبمرارة ايضا من سلوك بعض مَن في السلطة حيث يجدهم يتعاملون مع القضية وهي الجريمة الموصوفة التي يعرف الجاني فيها و بكل وضوح يتعاملون معها و كأنها "مجرد اشكال".
ان الجيش و أمام هذا التحدي يجري حساباته و تقدير الموقف لاستخلاص القرار والعِبر، وهو يعلم انه مهما كان من امر السياسة وتجّارها الساقطين، يبقى له وحده ان يمارس حقه في الدفاع عن نفسه والمحافظة على هيبته، وهو بمقتضى القانون مُلزم بالمحافظة على نفسه، وبالمحافظة على معنويات جنوده لانه بذلك يحفظ الوطن، و له ان يمارس مهامّه هذه من غير استئذان، والقانون اكد له على هذا الحق والواجب والصلاحية معاً.

السابق
خدمة لإكتشاف خيانة الشريك
التالي
حوري: ليس في لبنان طوائف مع الشرعية وطوائف ضدها