اللواء: بري يستبق محضر الإثنين بالمطالبة بمشروع قانون

ربط اللقاء التشاوري الذي ترأسه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي للاقطاب الموارنة، وحضره الرئيس امين الجميل والنائبان ميشال عون وسليمان فرنجية وغاب عنه الدكتور سمير جعجع، ما يمكن وصفه "بنقطة متابعة" للازمة المستجدة على صعيد ما احدثه الجنوح نحو تبني الاقتراح الارثوذكسي لقانون انتخاب جديد، والمعروف انه يتضمن ان تنتخب كل طائفة او مذهب نوابها، في ضوء التصدع الذي اصاب المشروع، و"النقزة" الاسلامية منه، المعلنة والمضمرة على حد سواء.

وبصرف النظر عن الملابسات السجالية بين محطة OTVوالدائرة الاعلامية في "القوات اللبنانية" حول تسريب نبأ التفاهم على عقد اجتماع للاقطاب الموارنة، والسبب الحقيقي الذي جعل جعجع يعتذر من عدم الحضور لاسباب وصفها بيان بكركي وبيان "القوات" بأنها "ذات طابع امني"، فإن مصادر متابعة لمجرى الاحداث منذ مساء الاثنين الماضي، عندما تحدثت المعلومات عن تأييد كتلتي الكتائب و"الكتائب" و"القوات اللبنانية" للمشروع الارثوذكسي، الى جانب كتل 8 آذار الاربعة (التنمية والتحرير والوفاء للمقاومة والتغيير والاصلاح و"المردة")، اعتبرت ان الهدف من الاجتماع انقاذ الوضع الماروني من الانقسام، والتخفيف من الحراك الوطني بوجه الاقتراح المذكور، نظراً لتداعياته الخطيرة على العيش المشترك والطائفة والمناصفة والوحدة الوطنية.

وعكس البيان الذي صدر عن اجتماع بكركي والذي صيغ بعناية وفقاً لمصادر كنسية، تعليق الحماس للمشروع الارثوذكسي، واجراء مقاربة جديدة، استبعدت اوساط نيابية ان تكون في اطار المناورة، تقضي باستبدال هاجس التمثيل المسيحي بالتوافق "على ضرورة التوصل الى قانون انتخاب يؤمن افضل تمثيل وعدالة وسلامة لكل الطوائف اللبنانية"، على حد ما جاء في البيان الختامي للاجتماع.

وينسجم هذا التوجه مع ما اعلنه البطريرك الراعي لـ"اللواء" في عددها امس، وجاء فيه: "انا ضد اي مشروع ماروني او ارثوذكسي ومع قانون لبناني"، والذي أحد ما يمكن وصفه باعادة اعتبار لما يجمع وطنياً ولا يفرق طوائفياً، على الرغم من محاولة النائب البطريركي العام المطران سمير مظلوم اعطاء صورة ضبابية للموقف الماروني في معرض التوضيحات التي حاول اعلانها اعلامياً لاحتواء "الضجة الايجابية" لتصريحات البطريرك الراعي.

3 مؤشرات ايجابية
في المقابل، وصفت مصادر سياسية مقربة من 14 آذار تطور المسار المتعلق بقانون الانتخاب بأنه دخل في سياق تقطيع الوقت،لان الوقت لم يحن بعد لتنضج طبخة الانتخابات النيابية قانوناً وتوقيتاً ونتائج.

ولاحظت ان مؤشرات ثلاثة اسفر عنها هذا المسار امس:
اولاها: موقف الرئيس نبيه بري الذي ابلغه لنائب "القوات" جورج عدوان الذي زاره امس لاطلاعه على اجواء جلسات اللجنة الفرعية النيابية المكلفة البحث في قانون الانتخاب، بان ما انجزته اللجنة لغاية الآن، ليس سوى مادة وحيدة من قانون الانتخاب، وطالبه بمسودة كاملة للمشروع، وهذا الموقف يعني ان مشروع القانون غير مكتمل من الناحية التقنية، وانه على اللجان النيابية المشتركة مواصلة البحث في باقي مواد القانون، وفي ذلك اشارة واضحة الى وقت اضافي يمكن ان تأخذه اللجان، والى انه في امكان طرح اكثر من مشروع، ليس بالضرورة ان يكون المشروع الارثوذكسي، علماً انه "عندما تنتهي اللجان من صيغة القانون يمكن دعوة الهيئة العامة، وعندها "ينجح من ينجح ويسقط من يسقط"، على حد تعبير رئيس المجلس.

ثاني هذه المؤشرات، ان بيان بكركي لم يتحدث للمرة الأولى عن صحة التمثيل المسيحي، ولا عن حقوق المسيحيين والقانون الذي يمثلهم خير تمثيل، بل تحدث عن "ضرورة التوصّل إلى قانون انتخاب يؤمن أفضل تمثيل وعدالة وسلامة لكل الطوائف اللبنانية"، وهذا يعني ان بكركي بدأت تتلمس الهواجس الإسلامية، التي سبق أن تحدثت عنها بيانات كتلة "المستقبل"، وربما أيضاً في كواليس غيرها.

وفي تقدير مصادر مطلعة أن ردة الفعل الإسلامية والمسيحيين المستقلين القوية ضد المشروع الارثوذكسي دفعت بالبطريرك الماروني إلى عقد اجتماع القيادات المارونية للاحزاب الأربعة التي تبنت المشروع، للنظر في الخطوات الواجب اتخاذها لتطويق التداعيات والمخاوف التي ظهرت في اليومين الماضيين، وخاصة في الساحة المسيحية.
ولم تستبعد المصادر أن يكون اللقاء السريع الذي تمّ مساء أمس الأوّل بين الرئيس ميشال سليمان والبطريرك الراعي، على هامش العشاء التكريمي للرئيس القبرصي، قد شجع على التعجيل في عقد هذا اللقاء التشاوري لتفادي المزيد من المضاعفات التي من شأنها ان تحدث انشقاقاً طائفياً عدا عن الشرخ الوطني، بعدما أعلن كل من "المستقبل" والحزب التقدمي الاشتراكي معارضته للمشروع.

واعتبر مرجع ماروني بارز لـ?"اللواء" أن الأحزاب المارونية الثلاثة وقعت في فخ المناورات والمزايدات، وأصبح بعضها أسير مواقف لا يقتنع بها أصلاً، وبالتالي فان اجتماع بكركي قد يساعد على إيجاد المخرج المناسب من هذه الورطة.

اما ثالث المؤشرات، فهو غياب سمير جعجع عن الاجتماع، وقد عزا بيان بكركي ذلك إلى "أسباب ذات طابع امني"، في حين اتهمت المحطة التلفزيونية الناطقة بلسان "التيار الوطني الحر" جعجع بتسريب خبر اللقاء في بكركي إلى وسائل الإعلام القريبة منه، حتى تتوافر له الحجة للتفلت من التزامه بقانون الانتخاب الارثوذكسي، من أجل سديدا فاتورة لتيار "المستقبل".

وأضاف مراسل المحطة نفسها من بكركي أن "احد أعضاء الدائرة الإعلامية في "القوات" كان قد أكّد في اتصال معنا أن جعجع لن يحضر، ورد ذلك إلى أمور ترتبط بالعلاقة مع البطريرك الراعي في المرحلة السابقة".

وردت الدائرة الإعلامية للقوات على خبر الـO.T.V بوصف هذه الرواية بأنها "اختلاقات هزلية لمبتدئين"، وأكدت أن هذا الكلام هو "محض كذب يليق تماماً بصاحبه".
وبغض النظر عمّا إذا كان غياب جعجع لأسباب أمنية، فان عدم مشاركته في لقاء بكركي مؤشر سياسي،

وخصوصاً أنه جاء متزامناً مع دخول الرئيس سليمان على الخط، عبر الاجتماع اللافت للنظر الذي عقده مع الوزير السابق فؤاد بطرس، وهو صاحب مشروع المزاوجة بين النظامين الأكثري والنسبي، وأيضاً مع الوزير السابق ميشال إده الذي كان في مرحلة سابقة رئيساً للرابطة المارونية، والذي قال المكتب الإعلامي في رئاسة الجمهورية أنه تناول "التشاور معهما في مشاريع القوانين والطروحات الانتخابية، والصيغ التي تعتبر الأفضل للبنان وتتلاءم مع روح الدستور وميثاقيته"، وهو التعبير الذي سبق أن استخدمه الرئيس سليمان في معارضته للمشروع الأرثوذكسي.

لجنة التواصل
ومهما كان من أمر، فإن اللجنة الفرعية أو لجنة التواصل الانتخابي، توصلت في يومها الرابع، وبعد سبعة اجتماعات متواصلة، تخللها خلافات وسجالات على الصيغ الانتخابية، إلى إنجاز جدول أعمالها، وختمت المحضر، ورحّلت تلاوته إلى الاثنين المقبل، في حضور عضو اللجنة النائب آلان عون، والذي سبّب تمسكه، أمس الأول، باختتام المحضر، قبل الدخول في موضوع عدد المقاعد النيابية، أخذاً ورداً مع النواب، و بالتالي انسحابه من الجلسة.

وسيوقّع رئيس الجلسة النائب روبير غانم المحضر الاثنين لرفعه إلى رئاسة المجلس تمهيداً لإحالته إلى الهيئة العامة، وربما أيضاً إلى اللجان المشتركة، بحسب ما ألمح الرئيس بري للنائب عدوان، في حين كان يعقد على هامش اللجنة اجتماع ثلاثي في مكتب النائب سامي الجميّل مع النائبين أحمد فتفت وأكرم شهيّب.

وكانت اللجنة خصصت اجتماعها أمس، في غياب عون، لبحث موضوع المقاعد النيابية، وتراوحت الطروحات بين زيادة العدد ستة نواب، وبين تخفيض العدد إلى 108 (اقتراح عدوان) فيما تبنى النائب علي فياض (ممثل حزب الله) لمشروع الحكومة الذي يتضمن زيادة ستة نواب للمغتربين فقط، وطالب النائب علي بزي (ممثل أمل) بانتخاب جميع النواب، وليس فقط ستة للمغتربين.

واللافت أن النقاش انتهى بالنسبة لما طرح حتى الساعة، ولم ينته في موضوع النظام الانتخابي،. وأكدت المصادر أن التواصل سيبقى مستمراً على مستوى اللجنة الفرعية، وقد تكون الصيغة الالتفافية لوضع النواب في أجواء ما يجري في اللجان المشتركة في حال أصر نواب المعارضة على مقاطعتها.
  

السابق
المستقبل: لقاء بكركي يدعو إلى قانون يؤمّن عدالة لكل الطوائف
التالي
الأخبار: فتح لقاء بكركي للقيادات المسيحية مساء أمس قانون الانتخاب العتيد