الجمهورية: الحوار نحو التأجيل ومنصور يُؤازر علي في ديبلوماسية الوقاحة

في الوقت الذي توقع فيه الجميع أن تضع مداخلة رئيس الجمهورية ميشال سليمان في مجلس الوزراء حداً لتجاوز السفير السوري علي عبد الكريم علي الأصول الدستورية، وأن تعتمد الركائز الثلاث التي وضعها سليمان كنص دستوري في المستقبل لتنظيم العلاقة مع السفراء وتحديد حقوقهم وواجباتهم على غرار كل الدول الديموقراطية، تفاجأ الوسط السياسي بزيارة التحدي التي قام بها علي إلى رئيس "تكتل التغيير والإصلاح" النائب ميشال عون ليواصل من الرابية ما كان دأب على القيام به بالتهجم على المراجع الرسمية وإطلاق مواقف التهديد والوعيد، خصوصا بعد أن كشف سليمان أن السفير اللبناني في سوريا ميشال خوري لم يحظ منذ ثلاث سنوات بموعد حتى مع وزير الخارجية السوري. إلا أن المفاجأة الأكبر كانت برد وزير الخارجية والمغتربين عدنان منصور على رئيس الجمهورية بالقول: "لسنا بحاجة الى دروس من أحد"، هذا الموقف الذي يستدعي موقفا من مجلس الوزراء بحق وزير الخارجية، فيما اللافت تجاهل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي التام لمواقف علي ومنصور.

دافع وزير الخارجية والمغتربين عن السفير السوري واصفا الحملات التي تشن عليه بـ"الأمر المعيب". واعلن منصور في حديث لقناة "المنار": "أنا من أثار موضوع التعاطي مع السفير السوري في مجلس الوزراء، ولا أقبل أن تمس وزارة الخارجية بعمل ديبلوماسي هي على قناعة تامة به ووفقا للأصول وللأعراف الديبلوماسية المتبعة"، وقال:"لسنا بحاجة الى دروس من أحد، نعرف عملنا جيداً، خدمنا في هذه الوزارة ما يزيد عن 36 عاما ونعرف الأصول الديبلوماسية والاعراف الديبلوماسية"، أضاف"إستلمنا هذه المذكرة وكنا نعرف مضمونها وأحلناها الى الوزارة المختصة، ولكن أن يثار حولها هذا الضجيج الفارغ الذي لا أساس له من الصحة فهذا لا نقبل به أبدا".

في هذا الوقت، قصد الرابية كل من السفير الإيراني غضنفر ركن ابادي بعدما كان زار السراي، مُسوّقاً مبادرة بلاده لحل الأزمة السورية، والسفيرالسوري الذي دعا لبنان، بعد لقائه النائب ميشال عون، الى التنبّه من الإنخراط في الأزمة السورية والا ينخرط أحد من الأحزاب والقوى اللبنانية فيها".

ميقاتي: الانتخابات في موعدها

في غضون ذلك استقبل رئيس مجلس النواب نبيه بري رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في عين التينة. وخلال لقائه الموظفين والعاملين والاعلاميين في رئاسة مجلس الوزراء لمناسبة الاعياد في السرايا الحكومية قال ميقاتي "إن الانتخابات النيابية ستجري في موعدها في العام 2013 وفق قانون عصري يشعر الجميع أننا في حاجة اليه"، مشيرا الى "أن مختلف الأطراف من كل الفئات السياسية سيجتمعون في مطلع هذا العام من أجل الأتفاق على قانون عصري للإنتخابات".

وشدد على "أن التهشيم بالوضع الاقتصادي في عهد أي حكومة سيرتد سلبا على كل الحكومات التي تأتي من بعدها". وسأل: "لماذا هذا السلوك الذي لا يقيم وزنا لمصلحة لبنان ولا يحسب حسابا للغد؟ وهل تستحق المعارضة من أجل السلطة ضرب مقومات الوطن؟".

وإعتبر "أن من يضرب المعول في الاقتصاد اليوم لحسابات سياسية عليه أن يعلم أنه سيتحمل لاحقا تبعات هذا الهدم الغوغائي". وإعتبر " ان من يشجع ويروج لما يسيء الى سمعة لبنان في الخارج، ومن يحرض ضد وطنه ومؤسساته لن يبقى في منأى عن الثمن الذي سيدفع يوما وسيكون حتما ثمنا غاليا".

السنيورة: الحكومة هي حكومة "حزب الله"

في غضون ذلك، حددت المعارضة شروطها للعودة الى طاولة الحوار، فبعدما قدّم رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع بديله للحوار عبر اسقاط الحكومة الحالية وتشكيل حكومة جديدة، أعلن أمس رئيس كتلة "المستقبل" النيابية فؤاد السنيورة أن "بديل الحوار هو الحوار ونحن على استعداد للعودة الى طاولة الحوار بعد تنفيذ خطوات لاعادة الثقة" مقدّراً جهود رئيس الجمهورية. وقال: "سنشارك في الحوار بعد ان يعلن الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله استعداده للبحث في وضع السلاح في كنف الدولة اللبنانية وانه لن يستخدم السلاح في اي نزاع داخلي مهما كانت الاسباب".

واعتبر أن "ممارسات الحزب اطاحت بجدوى استمرار الحوار، وانه "بعد اطلاق طائرة ايوب وارسال مقاتلين الى سوريا واغتيال اللواء وسام الحسن تم نسف اعلان بعبدا وحبره لم يجف بعد". وقال "سنشارك في اجتماعات تعديل قانون الانتخاب ونريد الانتخابات في موعدها".

ورأى السنيورة أنّ "الحكومة، وهي حكومة "حزب الله" والنظام السوري، ما زالت مستمرة على هذا الأساس بغية تأمين مصالح الحزب المحلية والإقليمية وحماية النظام السوري"، لافتاً إلى أنّ "من يصرّون اليوم على التمسك بها واستمرارها في السلطة يخدمون في النهاية الاهداف التي تألفت من أجلها هذه الحكومة، او أن من بات خاضعا لهذه القوى لا يخدم بذلك مصالح لبنان واللبنانيين".

رد اوساط بعبدا

أوساط قريبة من قصر بعبدا رأت عبر"الجمهورية" ان موقف السنيورة لم يحمل اي جديد، وقد سبق له ولكتلته ان سجل مثل هذا الموقف في لائحة الشروط المسبقة التي نشرت قبيل الجلسة السابقة للحوار في تشرين الثاني الماضي وقد أرجئت في حينه.

وتوقفت الأوساط أمام مطلب التغيير الحكومي فاعتبرت ان مطالبة رئيس الجمهورية بالتغيير الحكومي الذي تحدث عنه رئيس كتلة "المستقبل" ومن قبله رئيس حزب القوات اللبنانية ليس في يد رئيس الجمهورية، وما على المطالبين بهذه الخطوة إلا استعادة الأكثرية النيابية التي تؤدي حتما الى التغيير الحكومي المنشود، وعندها سيكون رئيس الجمهورية جاهزا للإستشارات النيابية وكل المحطات التي يفرضها الدستور.

وأعربت الأوساط عن خشيتها من ان تثير هذه المواقف اجواء من التشنج وخصوصا عندما تقارب ملف الاستراتيجية الدفاعية، ما يؤدي الى تناقض في المواقف وفق معادلة تقول: إذا اردتم البحث في هذه الاستراتيجية فلماذا نقاطع طاولة الحوار؟ وهل هذا الموقف يخدم موقف حزب الله الذي يرفض اي مقاربة للسلاح الى اليوم ام لا؟

وفي اعتقاد هذه الأوساط ان هذا الموقف يحمي مواقف رافضي البحث بهذه الإستراتيجية وخصوصا وفق ورقة رئيس الجمهورية التي شكلت طرحا متقدما على كل طروحات قوى 14 آذار.

وأشارت الأوساط الى ان سليمان وجه الدعوة الى الحوار ليتحاور المتخاصمون وليس ليجري حوارا بينه وبين الآخرين، لا مباشرة عبر وسائل الإعلام ولا من خلال لقاءاته الشخصية التي لم توفر أحدا من كل الأطراف.

رعد يتصل بسليمان

وكشفت الأوساط نفسها ان رئيس الجمهورية تلقى اتصالا هاتفيا من رئيس "كتلة الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد ليلة عيد الميلاد قدم باسمه وباسم الأمين العام للحزب التهانىء بالاعياد. ووصفت الإتصال بالودي ولم يتخلله اي عتب تجاه مواقف سليمان كما يتردد في بعض الأوساط، واعتبرت ان مواقفه المتوازنة لا يمكن ان تستفز أحدا، لا بل يعتمد في هذه المواقف ميزان الجوهرجي الذي يعكس موقعه المسؤول عن إدارة شؤون البلاد وقسمه الدستوري.

مصير الحوار وشروط المعارضة

في هذا الوقت، قالت مصادر قريبة من رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان لـ"الجمهورية" ان سليمان سيبت في اول ايام العام المقبل مصير طاولة الحوار ولن ينتظر هذه المرة الى الربع الساعة الأخير الفاصل عن موعد الطاولة في السابع من كانون الثاني المقبل.

وأشارت المصادر الى ان المواقف المرتبطة بالطاولة باتت واضحة للغاية ولا حاجة لانتظار اي جديد، فالمواقف على حالها ولا يعتقد ان هناك ما سيؤدي الى تغييرها في هذه الأجواء.

مصادر الأكثرية

بدورها، رأت مصادر في الأكثرية في شروط المعارضة للمشاركة في الحوار مجرّد شكليات "، وقالت لـ"الجمهورية": "من الواضح ان هناك فشلا كبيرا لدى تيار "المستقبل" في تحقيق اي هدف من الاهداف التي اعلنها، وبالتالي هو يسعى الى انتاج مخارج شكلية في محاولة منه لإيهام الرأي العام انه ليس في صدد التراجع او التنازل عما كان أعلنه او خطط له".

أضافت المصادر:" في الاساس ان الموضوع الأساس على جدول اعمال طاولة الحوار هو الاستراتيجية الدفاعية، اي مسألة سلاح حزب الله ولم يكتشف الرئيس السنيورة البارود. وقالت: فما دامت هناك اليوم امكانية لان تلتقي اللجنة الفرعية لقانون الانتخاب وتنهي عملها فلماذا اضاعوا الوقت تحت شعار مقاطعة الحكومة واقالتها، واين هم من تحقيق الهدفين: اقالة الحكومة، وهو كذبة كبيرة لأن هدفهم الاساس كان تطيير قانون انتخاب جديد وتغطية العملية بعناوين كبيرة. وفي مسألة الحوار لم يكن الهدف بحث سلاح حزب الله لأنهم يعرفون ان هذا مرتبط بعوامل اقليمية ودولية كبيرة جدا وهم يريدون العودة الى الحوار ربما لأن الإرادة الخارجية باتت مؤاتية لعودتهم وبالتالي ينتجون المخارج دائما للمحافظة على ما تبقى من رأي عام معهم" .

"14 آذار" لـ"الجمهورية"

دعت مصادر قيادية في قوى 14 آذار عبر "الجمهورية" إلى تطبيق المذكرة التي رفعتها لرئيس الجمهورية وتحديدا الفصل المتعلق بالعلاقات اللبنانية-السورية لجهة ضرورة طرد السفير السوري من لبنان ونشر الجيش اللبناني على الحدود وإلغاء الاتفاقات المعقودة بين البلدين تمهيدا لإعادة صياغة علاقات واتفاقات جديدة مع النظام السوري الجديد.

واعتبرت المصادر أن دفاع وزير الخارجية عن السفير السوري جاء بطلب من النظام السوري بغية مؤازرة السفير علي في حملته ضد المؤسسات في لبنان وتحديدا رئيس الجمهورية الذي شكل موقفه السيادي في مجلس الوزراء استياء من قبل محور الممانعة.

ورأت المصادر أن تغطية منصور لعلي تؤكد مجددا هوية الحكومة السورية وعجز القوى الوسطية عن مواجهة الأمر الواقع الذي يمكن هذه الحكومة من الاستمرار على رغم الإساءة المباشرة لرئيس البلاد من قبل السفير السوري ووزير الخارجية.

وعلى خط آخر قالت المصادر إن موقفها من الحوار لن يتبدل طالما أن لا تبديل في المعطيات القائمة، لأن خلاف ذلك يعني خضوع 14 آذار لآلة القتل ومواصلة الحوار مع حكومة تشرع وتغطي الجريمة السياسية ومع حزب يرفض مناقشة سلاحه الذي يعتبره أبديا سرمديا.

الأزمة السورية

ويبقى ملف الأزمة السورية متنقلا بين العواصم الدولية والعربية وآخرها بين القاهرة وموسكو، التي يصلها المبعوث الأممي الأخضرالابراهيمي اليوم، وقد جددت موسكو التأكيد أن الشعب السوري فقط من يحق له المطالبة برحيل الرئيس بشار الاسد، اما شعوب المنطقة فيجب أن تقرر مصيرها من دون تدخل خارجي، مصرّة على حل سياسي يقوم على اساس اتفاق جنيف، لا غير. وفتحت من جهة ثانية باب المفاوضات مع المعارضة السورية من خلال دعوة رئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض معاذ الخطيب للمشاركة في مفاوضات بهدف حل النزاع السوري، وقالت انه من المتوقع عقد اجتماع روسي ـ أميركي مع الابراهيمي الشهر المقبل لبحث مقترحاته لإنهاء الازمة. ولكن رئيس الائتلاف رفض الدعوة التي وجهتها اليه روسيا للمشاركة في مفاوضات، مطالبا موسكو بتقديم اعتذار لتدخلها في الشؤون السورية.

وأضاف الخطيب: "قلنا بشكل صريح لن نذهب الى موسكو"، مطالبا روسيا باصدار بيان يتضمن "ادانة واضحة" للنظام ومطالبة بتنحي الرئيس السوري بشار الأسد، وعندها فقط قد يعيد النظر في موقفه.
  

السابق
الأخبار: الجيش: تجنيد عملاء للخارج إلكترونياً وهاتفياً
التالي
الحياة: السنيورة: لم نقل لأحد قم لنجلس مكانك