واقع عربي جديد

ومع ذلك، وفي مقابل الطريق السياسي المسدود في الحوار الاسرائيلي الفلسطيني والصعوبات التي ثارت في العلاقات بين حكومة اسرائيل وادارة اوباما التي هي مشحونة بالأخطار والأخطار فقط، فان الربيع العربي تكمن فيه تغييرات ايضا تُضاف على الأخطار تستطيع اسرائيل ان تحولها الى فرص لها. ان الأحداث الداخلية في الدول العربية وتغيير نظم الحكم قد يؤثران في السياسة الداخلية في الدول العربية ويحثان على تغييرات في سياستها الخارجية وعلى إحداث تغييرات في العلاقات بينها، فاذا سقط نظام الاسد مثلا في سوريا واستُبدل به نظام ترأسه الأكثرية السنية التي تحقد على ايران وحزب الله لتأييدهما نظام الاسد، فقد يتغير توجه سوريا السياسي وقد ينتقض بقدر كبير المحور الذي تقوده ايران. وكذلك تهييء التقلبات لتركيا فرصة ان تدفع الى الأمام بمكانتها الاقليمية وبطريقة نظام الحكم فيها باعتبارها نموذجا يحتذى لأن النموذج التركي للتغيير الديمقراطي والعكوف على الحاجات الاجتماعية الاقتصادية للجمهور تلائم التصور العام لمُحدثي الهبات الشعبية في العالم العربي أكثر من طريق المقاومة والممانعة الذي تمثله ايران. واسرائيل برغم المحاكة بينها وبين حكومة تركيا الحالية قد تستخلص في الأساس مزايا من تبني العالم العربي للنموذج التركي.
ان خروج الدول العربية ايضا من الجمود والفساد اللذين ميزاها في العقود الاخيرة قد يسهم في انشاء شرق اوسط يتميز بالتوازن بين قوى سياسية مختلفة وتلبية للاحتياجات العامة مع مضاءلة الفراغ بين النظام والجمهور الذي تطمح عناصر متطرفة الى استغلاله. وان الازدياد الملحوظ السريع لتأثير ايران الاقليمي في تلك العقود قد كان نتيجة ذلك الفراغ الذي أحدثه العجز وتهاوي نظم الحكم العربية لا قوة ايران، فهذه الدولة لا تعوزها نقاط الضعف الواضحة. وينبغي ان نفترض ان الشرق الاوسط الذي سيمتاز بقيادة مصر النشيطة سيكون عاملا يوازن ايران وتركيا ويكون مريحا لاسرائيل أكثر من شرق اوسط تكون فيه ايران هي القوة المهيمنة. وهناك تغيير آخر ينشأ أمام أعيننا على أثر العاصفة في العالم العربي هو استيقاظ العربية السعودية. فبعد ان أثبت العصيان في البحرين اقتراب الخطر من العربية السعودية أظهرت تصميما على استعمال سياسة فعالة في مواجهة الجهات التي تهدد مصالحها وعلى رأسها ايران.
تتعلق قدرة اسرائيل على المداورة داخل الشرق الاوسط المتغير سريعا وعلى مجابهة الازمات المتوقعة لها، تعلقا حاسما بقدرتها على ان تغير بصورة جوهرية خطوطا أساسية في سياستها في عدد من الموضوعات المركزية وعلى رأسها التحدي الايراني والتحدي الفلسطيني. 
 

السابق
عزل اسرائيل
التالي
الإبراهيمي يصل إلى دمشق برا