خليل: الأدوية المشبوهة ضبطت في المرفأ والصيدليات والمستودعات

عملية تزوير جديدة كشف عنها أمس، تمثّلت بتزوير أربع شركات توقيع وزير الصحة علي حسن خليل وختم وزارة الصحة وأوراق «مختبر جامعة بيروت العربية» وأختامه وتحاليله، لإدخال حوالي 93 «طبخة دواء» إلى لبنان، يتم وصفها لعدد متنوع من الأمراض.
وفي إجراء فوري، سحب خليل «طبخات الأدوية» المزورة أوراقها، وحفظها في المستودعات، تمهيدا لإعادة تصديرها على نفقة المستورد، كذلك أرسل ملف المتورطين في القضية إلى النيابة العامة.
ويبدو أن عملية التزوير هذه لم تكن الوحيدة، حيث علمت «السفير» أنه خلال المتابعة والتحقيق ومحاضر التفتيش التي فاقت الستين محضراً في هذه القضية، تبين أن هناك عمليات تزوير مشابهة حدثت في العامين 2008 و2009.
ويوضح خليل لـ«السفير» أن «هذا الملف تحديداً متابع من قبل أجهزة الوزارة منذ أسابيع»، مشيرا إلى أن «قسماً من هذه الأصناف، أوقف في المرفأ، وآخر سحب من الصيدليات، وقسم آخر ضبط في المستودعات».
وعند سؤاله عن مصدر هذه «الطبخات»، يشير إلى أن «المشكلة لا تكمن في الأدوية نفسها، إنما في عملية التزوير التي تمّت، لإدخالها إلى البلد»، مضيفاً «نحن اليوم لا نتحدث عن مشكلة صحية، وهذا الأمر يجب أن يكون واضحا للمواطنين، إنما عن تزوير إداري ونتائج مخبرية، ومعاملات متشعبة بين الجمارك والتفتيش»، موضحاً أن «الإجراءات التي اتخذت في هذا الملف تمثلت بتوثيق كل مراحل التزوير بمحاضر للتفتيش حددت فيها المسؤوليات، وإحالات إلى الأجهزة الرقابية، والنيابة العامة بواسطة هيئة القضايا في وزارة العدل، ومصادرة الأدوية المرتبطة بالقضية، وسحبها من الصيدليات والمستودعات، وتجميعها وإلزام أصحاب العلاقة بالعمل على تصديرها»، إضافة إلى «إبلاغ النقابات المعنية؛ الصيادلة ونقابة المستوردين، وإبلاغ إدارة الجمارك التأكد من كل المعاملات السابقة، حيث جرت عملية مقارنة شاملة كل الفترة».
ويلحظ خليل أنه «تبين من هذه العملية، أن هناك إصرارا متعمدا، ومنذ فترة لتجاوز القوانين، وهذا ما تمَّ وضع حد له، عبر مجموعة إجراءات اتخذت لا ترتبط بهذه القضية فقط، بل بكل ما يتصل بالدواء».

أسماء المتورطين لدى القضاء

وبعدما يثني خليل على تعاون إدارة الجامعة العربية في هذه القضية، يكشف لـ«السفير» أن «أسماء المتورطين في هذه القضية لدى القضاء، وقد عُرف منهم اثنان، ولا زلنا بانتظار استكمال التحقيقات لمحاسبة كل المسؤولين عن التزوير ومعاقبتهم». ويشير إلى أن الوزارة «اتخذت اجراءات جديدة لمتابعة ملف الدواء ورصد ادخاله إلى البلد، عبر ربط الوزارة بخطوط إلكترونية مع الجمارك والمختبرات والتفتيش، بغية المتابعة اليومية».
وفي مؤتمر صحافي عقده مساء أمس في الوزارة، قال خليل: «ما نعلنه اليوم لا يأتي رد فعل على كلام قيل، ونقدّره ونعتبره جزءا من مسؤولية الرأي العام على أعمال الحكومة وأجهزتها، بل هو في سياق جملة من الإجراءات التي بدأناها منذ أشهر، وتوجت في الأسابيع الماضية، بوضع آليات رقابة وتفتيش ومتابعة دقيقة لمسار الدواء من الاستيراد والاستخدام والجودة وكل ما يرتبط بصحة المواطن».

«إنجاز يسجل لوزارة الصحة»

وأوضح أن «ما اعتبره البعض فضيحة هو في الحقيقة إنجاز يسجّل لوزارة الصحة العامة وأجهزتها، إذ ونتيجة المتابعة تم اكتشاف عملية تزوير مركبة لتحاليل وتواقيع من أجل إدخال أدوية إلى لبنان بوجه غير شرعي»، مشيرا إلى أن «الإجراءات التنظيمية التي باشرت بتطبيقها الوزارة سمحت بإجراء رقابة دقيقة لعملية إدخال الدواء ومراقبته وجودته، وهذا ما ساعد خلال أسابيع خلت على ضبط عملية التزوير، وفي الوقت المناسب وضعت اليد على هذا الملف، واتخذت الإجراءات بناءً على ما نصت عليه القوانين، فكانت أن طبقت كل الإجراءات الرقابية والتفتيشية وإجراءات المصادرة المرتبطة بالقضية».
وفيما أشار إلى أن «هناك شركات أدخلت الأدوية باسمها بناءً على تواقيع مزورة، ونتائج تحاليل مزوّرة، تم كشفها»، شدد أنه «لا تهاون على الإطلاق مع المسؤولين عن هذه الجريمة، وعن كل من ساهم وساعد فيها، ولا غطاء لأحد على الإطلاق لا سياسياً ولا شخصياً ولا لأي اعتبار آخر».
وإذ لفت الانتباه إلى أن «هناك أمورا سابقة قد تكون حصلت في أوقات سابقة»، قال: «لكن عملية التنظيم التي وُضعت لقطاع الدواء في مختلف المراحل وصولاً إلى المستهلك، صححت المسار في هذا القطاع، وهذا ما سمح لأجهزة الوزارة باكتشاف ما تم وضع اليد عليه».
وأعلن أنه أضيف إلى الملف «ثلاثة ملفات إضافية، وقد أبلغنا نقابتي الصيادلة والمستوردين عما إذا كان هناك إجراءات يسمح بها القانون لسجن ومعاقبة ومحاسبة كل المتورطين ليُصار إلى تطبيق الإجراءات تلك وتنفيذها في حقهم».
وقال: «ربما يسأل البعض لماذا مستودعات الشركات المعنية لم تقفل؟ نقول: إن القانون واضح ويتحدث عن أصول التراخيص واستردادها، وعندما يثبت في محضر أن هناك صيدلياً متورطاً ستُتخذ الإجراءات في حقه وسيتم استرداد رخصة الاستثمار».

«تزوير في شهادة الكولوكيوم»

وكشف خليل أنه «خلال الأسابيع الماضية أقفلت الوزارة مستودعات وصيدليات، وسحبت إجازات من أكثر من صيدلي بعدما وجدت تزويراً في شهادة الكولوكيوم. وتم خلال الفترة الماضية أيضا، إيقاف صيادلة وإقفال صيدليات ومصادرة أدوية، وبالتعاون مع النقابة تم سحب الكثير من المستحضرات والمتممات الغذائية من الأسواق، وهذه عملية يومية ومستمرة». وقال: «لن نسمح لأي اعتبار بأن يؤخَّر تطبيق العدالة والمحاسبة، ولن يقفل الملف إلا بعد أن تقفل أبواب السجون على كل المتورطين»، مضيفا «الأمر لا علاقة له بالاصطفافات السياسية، وهو يهم المعارضة كما الموالاة، وبالتالي فإن الاعتبار الوحيد هو مصلحة اللبنانيين وهذا ما نقوم به في الوزارة»، كاشفا أن «الوزارة اتخذت إلى اليوم 35 قراراً إدارياً يرتبط بتنظيم الأدوية وضبطها، ولا شيء يمنعنا عما نخطط له، وهو تنقية سوق الدواء».

«لا تفرّق بين 8 و14 آذار»

وكان رئيس «لجنة الصحة العامة والعمل والشؤون الاجتماعية» النائب عاطف مجدلاني قد عقد مؤتمراً صحافياً كشف خلاله عن «فضيحة ادخال أدوية جينريك من قبل الشركات الأربع من دون مراقبتها من المختبرات المعتمدة من قبل وزارة الصحة». وقال: «إن هذه الأدوية المشبوهة كانت تنتشر في الأسواق على أساس أنها شرعية ومراقبة، في حين أنها لم تخضع عملياً لأية فحوصات أو تحاليل». واعتبر أن «هذه الفضيحة تمسّ صحة كل مواطن، ولا تفرّق بين 8 و14 آذار، بين مسلم ومسيحي، بين غني وفقير، ولو أنها تستهدف الفقراء أكثر، على اعتبار أن أدوية الجنريك، وهي الأرخص، يُقبل عليها المواطنون العاديون». وطالب فورا بـ«اقفال مكاتب ومستودعات الشركات المتورطة في الجرم بالشمع الأحمر»، و«إحالة المسؤولين عن هذه الجرائم إلى القضاء المختص»، و«منع من يدان من ممارسة المهنة، سواء كان صيدلياً، أو تاجراً يستورد الأدوية، بحيث يمنع من العمل في هذا القطاع في المستقبل». وشدد مجددا على «ضرورة وجود مختبر مركزي ينجز كل أنواع الفحوصات لمصلحة الدولة ومؤسساتها ودوائرها ووزاراتها».  

السابق
سـلامـة الانتقـال المـدرسي مسـؤوليـة الجميـع
التالي
شعبولا تزوج من لبنانية