توقعات المستقبـل: 6 أشـهر لسـقوط الأسـد

إذا كانت دوائر القرار الدولية متحمسة أكثر من اللبنانيين لسياسة النأي بالنفس عن الأزمة السورية، كما بينت ذلك حصيلة مشاركة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في أعمال الجمعية العامة للامم المتحدة، فإن «تيار المستقبل» يمتلك تفسيره المتناقض مع مناخـات دولية واقليـمية تشـي بأن الأزمة السورية مرشحة لأن تطول وأن لا يخرج منها أي طرف منتصراً.

يقول قيادي بارز في «المستقبل» ان بشار الاسد «سيسقط حتما وخلال مهلة قد لا تتجاوز الستة اشهر»، وفي انتظار ذلك، «ثمة تطورات متسارعة ستؤدي الى تغيير حاسم في موازين القوى لمصلحة المعارضة السورية، وسيظهر ذلك بشكل جلي في الفترة الممتدة من الآن ولغاية نهاية تشرين الاول الجاري، وبالتزامن، سنشهد المزيد من التفكك في بنية النظام الأمنية والعسكرية، ولن يكون مفاجئا الاعلان عن انشاء منطقة عازلة على حدود تركيا تشكل قاعدة للسلطة البديلة».

يضيف القيادي نفسه «ان قدرة النظام السوري على الصمود باتت ضعيفة جدا، وتلك هي رؤية دول تتعاطى مع الأزمة السورية بشكل مباشر منذ اللحظة الاولى لاندلاعها، وبالتالي فإن كل ما يقال عن غموض في الرؤية الدولية، لما بعد سقوط النظام «لا يعدو كونه مجرد سفسطة كلامية».
ويأخذ الحريريون على ميقاتي أنه مهما بالغ أو حاول تزيين دربه الحكومي بالورود والإشادات الدولية بسياسته، «فإن النتيجة المرتقبة سوريا، لن تكون في مصلحة رجل قرر منذ سنة ونصف الانتحار سياسيا.. وستأتي الايام والشهور المقبلة لتثبت ذلك».

تلك المقاربة، يقول القيادي في «المستقبل» مبنية على «معطيات دولية وإقليمية دقيقة وكذلك على وقائع ميدانية»، ويسأل «الا يعني تحرّك الوضع الأردني شيئا والا تعني السخونة المتزايدة على الجبهة السورية التركية شيئا ايضا»؟
قد لا تجد هذه المقاربة «المستقبلية» من يعاكسها في «14 اذار»، الا سمير جعجع الذي حدد سقفا لسقوط النظام السوري لن يتجاوز تاريخ الأول من كانون الثاني المقبل، الا ان الخصوم في «8 آذار»، يسجلون عليها ملاحظتين:

الأولى، يقدم «تيار المستقبل» يوميا الدليل تلو الدليل على انه لم ينس نجيب ميقاتي، ولا «خطيئة» شراكته في ضرب الحريرية السياسية من خلال قبوله بترؤس حكومة على انقاض حكومة سعد الحريري. ومن هنا فقد يكون احد اهم منطلقات تلك المقاربة ليس نقض ما رافق زيارة ميقاتي للامم المتحدة أو ما قد يرافق اية زيارات أخرى، بقدر ما هي نكاية بميقاتي، وتصويره على انه لا يحسن قراءة المشهد الدولي على حقيقته!
الثانية، تقدم تلك المقاربة دليلا اضافيا على ان مساحة التمنيات لدى «تيار المستقبل» وحلفائه، اوسع بكثير من مساحة المعطيات، والكل يذكر عدد المواعيد والتواريخ التي ضربت مرارا وتكرارا من قبل «فريق 14 آذار» لسقوط الاسد في هذا اليوم او تلك الاسابيع والأشهر.

ويقول قيادي وسطي ان مشكلتنا مع «تيار المستقبل» أنه كان عليه أن يتلقف جيدا الانسحاب السوري من لبنان، «فنحن لم نصدق أنهم خرجوا وخرجت وصايتهم، حتى لا يتدخلوا مجددا في شؤوننا الداخلية، فلماذا نصر على حشر أنفنا في التطورات السورية، مع ما يرتبه ذلك من كلفة كبيرة على لبنان واللبنانيين»؟
ويضيف «ها هي كبرى الصحف الأجنبية تتحدث عن انكفاء سعودي وقطري عن تسليح المعارضين السوريين، وها هي الولايات المتحدة ومعظم الغرب يعيدون قراءة المشهد في ضوء واقعة بنغازي (مقتل السفير الأميركي)، ولعل الكلام الذي قالته مفوضة الشؤون الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي كاثرين اشتون بان لا بديل حقيقيا حتى الآن عن النظام القائم في سوريا، هو كلام ينطوي على كثير من العبر والدلالات».
ويشير القيادي نفسه إلى أن الغرب «حول مدينة حلب الى خط تماس إقليمي ودولي ممنوع تجاوزه، في مشهد يذكرنا بالخطوط الحمراء التي رسمت عند عتبة سوق الغرب في عهد الرئيس امين الجميل في منتصف ثمانينات القرن الماضي، وما القرار الذي اتخذه البرلمان التركي بالإجازة للحكومة القيام بعمل عسكري خارج الحدود إذا ما وجدته ضروريا، سوى رسالة دولية لعدم تجاوز «خط التماس»… وليس من اجل قذيفة سورية سقطت على الأرض التركية».

ويروي قيادي حزبي لبناني التقى السفير الروسي في بيروت الكسندر زاسبكين قوله إن روسيا أبلغت كل من يعنيهم الأمر «أنه من غير المسموح حصول انقلاب في سوريا ووضع اليد عليها». ويضيف أن روسيا ومن خلال تمسكها بموقفها من الأزمة السورية لا تدافع عن وحدة سوريا وحسب، بل هي تدافع عن وحدة روسيا، فإن سقطت سوريا، معنى ذلك ان وحدة روسيا مهددة، وان الغاز الروسي في خطر والاقتصاد الروسي في خطر والجمهوريات الاسلامية في خطر، وليس خافيا ان هناك من يرغب في ازاحة المارد الروسي الصاعد وتفكيك الاتحاد الروسي بأسوأ مما تفكك الاتحاد السوفياتي قبل ثلاثة عقود من الزمن».
هل يقرأ «المستقبل» هذه الوقائع أم أنه لا يضع نصب عينيه سوى إزاحة حكومة نجيب ميقاتي والعودة الى السلطة، مهما كان الثمن سوريا ولبنانيا؟
  

السابق
هل نفّذ حزب الله المهمة 213؟
التالي
أول فيلم عن اغتيال بن لادن