جهاد: نطلب نأيا ايجابيا بالنفس

قال مقدسي لـنا: "إذا قرأنا التطورات السياسية حول سوريا نرى أنّ بلادنا كانت تعاني من أزمة داخلية وأخرى خارجية، والأخيرة هي نتاج تحالف دولي ـ خليجي ضد سوريا بنى مواقفه وخياراته على قواعد خاطئة، لا أريد أن أكون متفائلاً، لكن قد تكون هناك بداية تصدّع في هذه الخيارات.

فالأتراك وبعض الدول الخليجية نجحوا في خداع الغرب عندما صوّروا له أنّ سقوط النظام بات على قاب قوسين. أمّا اليوم فنستطيع القول إنّ الأزمة في جزء كبير منها باتت داخلية ووضع المسلّحين أسوأ من السابق".

ولفت مقدسي الى "أنّ المؤشر الثاني الى تحسّن الوضع هو أنّ البيئة الحاضنة في بعض المناطق السورية، بدأت تعيد النظر في تصرّفاتها وأولوياتها، ولسنا نحن من يقول هذا إنّما التقاريرالأجنبية التي أصبحت تسأل: الى أين يتّجه الوضع؟"

وعن دعوة القيادة السورية الى الحوار مع المعارضة، قال مقدسي:

"هناك استجابة سورية لكلّ المطالب، والدعوات السورية للحوار هي دائماً غير مشروطة ولم تتوقف، فمنذ بدء الأزمة لم تغلق الدولة باب الحوار، والحكومة السورية تجسّ نبض المعارضين بمعدّل مرّة كلّ شهرين، فتدعوهم الى الحوار وهم يرفضون، ثمّ تعاود الكرّة. أمّا بالنسبة الى المجموعات المسلّحة، فنحن لا نعتبرهم معارضة، وكلّ من يحمل سلاحاً ليس معارضاً، بل هو متورّط في تقويض الأمن السوري واستهداف سوريا، خصوصاً عندما يكون هذا الاستهداف لمنشآت حيوية خاصة وعامّة تؤثر في حياة المواطن السوري ويوميّاته".

وأضاف: "نحن منذ البداية قلنا إنّ سوريا مستهدفة والآن لننظر الى الاعلام الخارجي ماذا يقول، "رويترز" كتبت عن المجموعات المسلّحة، وروبرت فيسك أجرى مقابلات مع المقاتلين الأجانب Foreign Fighter، لا شيء يبرّر رفض أيّ كيان سياسيّ الحوارَ مع الدولة السورية الشرعية، وإذا كانوا يدّعون أنّ هذا الشارع ضد النظام السوري فلماذا عدم الإستجابة للحوار؟ ربّما لأنّ الحوار قد يكشف الوزن السياسي لبعض القوى".

وفي هذا الإطار رأى مقدسي "أنّ الخليج ليس لاعباً بل منفّذاً لسياسات، وإذا نظرنا الى قطر في بداية الأزمة نرى أنّها كانت تعطي انطباعاً بأنّها الدولة العظمى، ولكنّها الآن عادت الى حجمها دولة طبيعية وغنيّة".

وماذا عن الدور الإيراني؟ أجاب مقدسي: "إيران صديق مهمّ لسوريا ونثق بالنيّات الإيرانية الى أبعد حدود، هي تريد مساعدة سوريا في تثبيت استقرارها، والدور الإيراني هو جزء من الحلّ، ونحن نعرف أنّ مساعيها حميدة ونيّاتها صادقة".

وعن الدور الأميركي، قال مقدسي: "مشاكل سوريا مع اميركا تبرز عندما تنظرالادارة الاميركية الى سوريا بعيون اسرائيلية، نحن نشعر أنّ نموّ الدور الروسي ـ الصيني يضعف الدور الأميركي على الساحة الدولية، وهناك نوع من النظام الدولي هو في طور الولادة مع أنّه لم يصل الى الشكل النهائي، لكنّ هناك أموراً مشجّعة في إعادة التوازن المفقود".

وعن مصير سوريا، أكّد مقدسي "أنّ هذا السؤال هو برسم كلّ مبعوث أممي يرسَل الى دمشق، ونحن نعتبر أنّ 60 % من الحلّ هو في يد الحكومة السورية و40% ليس عندنا، وهنا نسأل: هل فُتح تحقيق بباخرة لطف الله ـ2؟ ومن يدفع فواتير هذا الكمّ الهائل من السلاح الذي يتمّ تهريبه الى المجموعات المسلّحة، ولماذا لا نتوقف عند ما طلبه رئيس الأركان الأميركي من أنقرة منذ أسبوع حول وقف دخول تنظيم "القاعدة" الى سوريا، وماذا يعني ذلك؟"

وعن الملف اللبناني ولا سيّما عملية ضبط الحدود اللبنانية السورية ودعوة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي سوريا الى تحمّل مسؤوليتها تجاه ضبط حدودها، قال مقدسي: "إنّ اميركا بكلّ قدراتها لم تستطع ولا تستطيع ضبط حدودها مع المكسيك ولا إيقاف التهريب، فليس هناك من دولة تدّعي أنّها تفرض سلطتها الكاملة على حدود مترامية الأطراف.

وفي هذا الإطار نعطي أمثلة صغيرة لكنّها تعكس الإصرار على تهريب السلاح الى الداخل السوري بشتّى الوسائل، فقد اكتشف الجيش السوري منذ فترة أنّ حيوانات مدرّبة محمّلة بالسلاح تشقّ طريقاً محدّدة من معبر(أ) الى معبر (ياء) بهدف إيصال السلاح الى بعض المجموعات المسلّحة".

وعمّا تريده سوريا من لبنان، قال مقدسي: "إنّ لبنان هو الخاصرة الرخوة لسوريا التي تمرّ حاليّاً في أوضاع صعبة، ونحن نعتب على أشقّائنا اللبنانيين بمقدار محبتنا، فما يربط سوريا بلبنان كثير، لذلك نحن نطلب منه دائماً دوراً أكبر من أيّ دولة أخرى".

وأكّد مقدسي "أنّ القنوات الرسمية مع لبنان مفتوحة، لكن هناك قوى في الداخل ليس لها مصلحة في استقرار سوريا، ونحن نفرّق بين لبنان الرسمي ولبنان القوى السياسية، ونتفهّم للبنان سياسة النأي بالنفس لكنّنا نريد نأياً بالنفس إيجابيّاً".  

السابق
الشك وضدّه.. في محاولة اغتيال عون
التالي
ايران تستغلّ غياب نجاد وتعتقل حليفه