الأخبار: البابا مغادراً: المسيحيّون خدّام السلام في المنطقة

أنهى البابا بنديكتوس السادس عشر زيارته للبنان التي استمرت 3 أيام، وكانت أبرز محطاتها توقيع الإرشاد الرسولي والقداس الحاشد في وسط بيروت، ومثّلت تناقضاً كبيراً مع الأحداث السلبية الجارية في المنطقة
توّج البابا بنديكتوس السادس عشر زيارته للبنان بقداس احتفالي عند واجهة بيروت البحرية، في حضور حشود كثيفة قدّرها الناطق الرسمي باسم الكرسي الرسولي الأب فيديريكو لومباردي بأكثر من 350 ألف شخص. وشاركت في القداس وفود من سوريا والاردن والعراق ومصر، وقد سجلت حالات إغماء كثيرة بين المواطنين قام الصليب الاحمر اللبناني بإسعافهم. وتقدم الحضور رئيس الجمهورية ميشال سليمان وعقيلته، وممثلان لرئيس المجلس النيابي نبيه بيري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزراء ونواب وهيئات دبلوماسية وممثلو أحزاب. وقبل القداس، قدم البابا كأساً ذهبية الى البطريرك الماروني بشارة الراعي الذي ألقى كلمة أكد فيها أن السلام هو مهمة المسيحيين. وقال: "لقد أدخلنا السينودس في ربيع روحي تحضيراً للربيع العربي الذي نتمناه ونصلي من أجل أن تنتهي المرحلة الدامية".
ثم ألقى البابا عظة أشار فيها إلى أنه يصلي للرب "كي يمنح منطقة الشرق الأوسط خداماً للسلام والمصالحة فيتمكن الجميع من العيش بهدوء وكرامة". وأكد أنها "شهادة أساسية على المسيحيين أن يقدموها هنا، بالتعاون مع كل الأشخاص ذوي الإرادة الصالحة"، داعياً الجميع إلى العمل من أجل السلام، كل على مستواه وحيث يوجد.

وسلم البابا بطاركة الكنائس الشرقية الكاثوليكية ورؤساء المجالس الأسقفية الكاثوليكية في تركيا وإيران نسخاً عن الإرشاد الرسولي الذي تمنى أن يصبح "مرشداً للتقدم في الطرق المتنوعة والمعقدة، لتثبيت الشركة في الإيمان والرجاء والمحبة في بلادكم وفي كل جماعة".
ولم تغب الأزمة السورية عن اهتمام البابا الذي قال في كلمة مقتضبة قبل صلاة التبشير الملائكي، "نتضرع للسيدة العذراء لتساعد كل شعوب المنطقة خصوصاً الشعب السوري". ودعا المجتمع الدولي والدول العربية الى اقتراح الحلول التي تحترم حقوق الانسان. ومساءً غادر البابا بيروت عائداً إلى روما.
وكان اليوم الثاني من الزيارة شهد لقاءً سياسياً وروحياً حاشداً مع البابا في قصر بعبدا، حضره الرؤساء الثلاثة ورؤساء الطوائف الاسلامية والمسيحية والوزراء والنواب ورؤساء الأحزاب، أبرزهم النائب وليد جنبلاط ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع اللذان تخطّيا الهواجس الأمنية. كذلك حضر وفد من حزب الله برئاسة النائب محمد رعد.

وألقى البابا كلمة أكد فيها "أنه يفكر في لبنان ومصيره، في اللبنانيين وآمالهم، في جميع الأشخاص في هذه المنطقة من العالم، الذين يبدو أنهم يعيشون آلام المخاض بدون نهاية. عندها طلبت من الله أن يبارككم ويبارك لبنان وكل سكان هذه المنطقة". ودعا شعوب المنطقة "الى التضامن الفاعل الذي يشكل الترياق ضد كل ما يعوق احترام كل حياة بشرية، التضامن لمساندة السياسات والمبادرات بطريقة مخلصة وعادلة، التي تهدف لتوحيد الشعوب". وأكد "أن الواجب الأول لفتح مستقبل سلام الأجيال القادمة هو التربية لبناء ثقافة سلام".
بدوره شدد الرئيس سليمان في كلمته على "التجربة اللبنانية الفريدة التي لم تنل منها الصعاب خلال العقود المنصرمة". وجدد دعوته المجتمع الدولي إلى فرض حل عادل للصراع العربي الاسرائيلي وقضية فلسطين.
وسلّم مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني الحبر الأعظم مذكرة أكدت دعم المسلمين في لبنان للمسيحيين، وأشار الى أن أي اعتداء على أي مسيحي هو اعتداء على المسلمين. وأوضح أنه لم يشارك في استقبال البابا في المطار لتزامنه مع صلاة الجمعة.

تقويم الزيارة
ووصف لومباردي الرحلة بأنها "إيجابية بشكل مطلق والحبر الاعظم مسرور من هذه الرحلة"، لافتاً إلى أن الأخير "أسهم في إطلاق النداء للتفاهم والتعايش للأفرقاء في لبنان، وأدى مهمته كرسول سلام في لبنان، وكان له ترحيب كبير للجميع والجميع تفهّم رسالته". ورأى أن "هذه الزيارة شكلت تناقضاً كبيراً مع الاحداث السلبية في المنطقة، وكلمة الحبر الاعظم كانت موجهة الى كل المنطقة، وهو يتطلع الى أبعد من الحدود، خصوصاً المستند الذي سلّمه، وهو أدى مهمته بالنسبة إلى المنطقة، ويأمل أن تكون ثمارها جيدة للسلام". وأشار إلى أن "الإرشاد الرسولي صخرة يجب البناء عليها في المستقبل والسلام والحضارة".
وعلى صعيد آخر، ردّت دار الفتوى على بيان المكتب الإعلامي لجعجع عن المصافحة بين الأخير وبين المفتي قباني، مع الإشارة إلى أن قباني دعا جعجع "الى الغداء إلا أن جعجع اعتذر بسب الظروف الأمنية". فقد أوضح المكتب الإعلامي في دار الفتوى "أن اللقاء والحديث بين المفتي قباني والدكتور جعجع اقتصر على المصافحة وتبادل التحية والاطمئنان على الصحة والدعاء بالتوفيق".
من جهته، وجه الرئيس سعد الحريري رسالة إلى البابا عبّر فيها عن ثقته "بأن زيارتكم الكريمة والمواقف المطمئنة التي صدرت عنكم، سوف تكون محطةً صلبة في تاريخ لبنان والمنطقة".
إلى ذلك، كشف عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب نواف الموسوي أن "الفاتيكان يقاوم ضغوطاً أميركية لإدراج حزب الله على لائحة المنظمات الإرهابية"، مؤكداً أن "الإدارة الاميركية تقدّم مصالح إسرائيل على مصالح العرب".  

السابق
الأنوار: البابا والارشاد الرسولي يؤكدان على أهمية التعايش المسيحي – الاسلامي
التالي
الشرق الأوسط: البابا يختتم زيارته للبنان بدعوته لمقاومة ما يمكن أن يدمره أو يقوضه