الأنوار: البابا والارشاد الرسولي يؤكدان على أهمية التعايش المسيحي – الاسلامي

في اليوم الثالث والأخير من زيارته الى لبنان، واصل البابا بنديكتوس التشديد على العيش المشترك الإسلامي – المسيحي، وخاطب ممثلي الطوائف الاسلامية قائلاً: خلال زيارتي لاحظت الى اي حدّ ساهم وجودكم في إنجاح زيارتي. وهذا التشدد من الحبر الأعظم جاء في عظاته وكلماته امس ويوم السبت، كما في الإرشاد الرسولي الذي وزّعه على رؤساء المذاهب الكاثوليكية أمس.
وقبيل مغادرته بيروت مساء أمس، قال البابا في كلمته الاخيرة خلال الوداع انه يصلي من اجل لبنان لكي يعيش بسلام ويتصدى بشجاعة لكل ما يمكن ان يدمره او يقوضه. واضاف اتمنى للبنان ان يواصل السماح بتعددية الاديان وعدم الاصغاء لصوت الذين يريدون منعها.

كما عبر عن امله في ان يعزز لبنان الشراكة بين جميع سكانه، مهما كانت طائفتهم او دينهم، وان يرفضوا باصرار ما يمكن ان يؤدي الى انقسامهم وان يختاروا الاخوة في ما بينهم.
كما وجه البابا تحية خاصة الى ممثلي الطوائف الاسلامية في لبنان. وقال اشكر بشكل خاص كل الشعب اللبناني الذي يشكل فسيفساء غنية وجميلة والذي عرف كيف يظهر لخليفة بطرس حماسته عبر المساهمة المتعددة الاشكال والخاصة بكل مجموعة. اشكر خصوصا ممثلي الطوائف المسلمة وخلال زيارتي لاحظت الى اي حد ساهم وجودكم في انجاح زيارتي.
وقال البابا انه يشعر بالأسف لمغادرة لبنان. واضاف: ان حماسكم وقلبكم يجعلانني أشتهي العودة اليكم ثانية.

وكان الرئيسان ميشال سليمان ونجيب ميقاتي وعقيلتاهما في وداع البابا على المطار.
وفي القداس الحاشد الذي اقيم على الوجهة البحرية لبيروت قبل ظهر امس وحضره ما يقدّر ب 350 ألف مواطن بحسب الناطق باسم الفاتيكان، دعا البابا الدول العربية والمجتمع الدولي الى ايجاد حلول قابلة للحياة للنزاعات التي تدمي المنطقة وسوريا بالتحديد.
وترأس البابا 85 عاماً في اليوم الثالث والأخير من زيارته الى لبنان قداساً شارك فيه رسميون ووفود عربية ومن الجاليات الأجنبية وممثلو طوائف غير مسيحية. وتم في نهاية القداس تسليم مسؤولي الطوائف الكاثوليكية الإرشاد الرسولي حول الشرق الأوسط الذي اعتبره البابا خارطة طريق للمنطقة للسنوات القادمة.

وصلى البابا في التبشير الملائكي الذي تلى القداس الحاشد من اجل سكان سوريا خصوصا والدول المجاورة التي تطلب عطية السلام. وقال للاسف ان اصوات السلاح لا تزال تسمع وكذلك بكاء الارامل والايتام! العنف والحقد يجتاحان الحياة، والنساء والاطفال هم اول الضحايا.
وتابع ادعو المجموعة الدولية، ادعو الدول العربية، لكي يقترحوا حلولا قابلة للحياة تحترم كرامة كل شخص وحقوقه وديانته.
وختم ليمنح الله بلادكم وسوريا والشرق الاوسط هبة السلام في القلوب وصمت السلاح ووقف كل اشكال العنف.
وكان البابا حيا السبت شجاعة الشباب السوري، مبديا تعاطفه مع احزان السوريين. وقال امام اكثر من 15 الف شاب وشابة تتراوح اعمارهم بين 17 و 30 عاما تجمعوا في باحات مقر البطريركية المارونية في بكركي شمال بيروت، متوجها الى الشباب السوري قولوا لعائلاتكم واصدقائكم ان البابا لا ينساكم. قولوا ان البابا حزين بسبب آلامكم واحزانكم. انه لا ينسى سوريا في صلواته واهتماماته. لا ينسى الشرق اوسطيين الذين يعانون.
وفي لفتة غير معتادة توجه البابا بكلمات الى ممثلي الشبان المسلمين، وقال انتم مع الشباب المسيحي تشكلون مستقبل هذا البلد الرائع وكل الشرق الأوسط.
واضاف يجب ان يدرك الشرق الأوسط عند النظر اليكم ان مسلمين ومسيحيين يمكنهم العيش معاً بدون حقد في إطار احترام المعتقدات، لكي نبني معاً مجتمعاً حراً وانسانياً.

الارشاد الرسولي
وفي الارشاد الرسولي الذي وزعه أمس والموجه الى مسيحيي الشرق، يدعو البابا الى تعميق فهم المسلمين.
ويقول ان الكنيسة تنظر الى المسلمين بكل اعتبار مضيفا، المسلمون يتقاسمون من جانبهم مع المسيحيين القناعة بان الاكراه في ما يتعلق بالدين غير مقبول خصوصا اذا تم بواسطة العنف. ان هذا الاكراه الذي قد يتخذ اشكالا متعددة وخطيرة على الاصعدة الشخصية والاجتماعية والثقافية والادارية والسياسية يتناقض مع مشيئة الله. وهو يستخدم اداة لتحقيق مآرب سياسية-دينية، اداة للتمييز والعنف الذي قد يؤدي للموت.
ويضيف يتقاسم المسيحيون مع المسلمين الحياة اليومية نفسها في الشرق الاوسط حيث وجودهم ليس عرضيا او حديثا انما تاريخي.
ويتابع الارشاد الرسولي ان طبيعة الكنيسة ودعوتها الكونية تتطلبان منها اقامة حوار مع اعضاء باقي الديانات الاخرى. يرتكز هذا الحوار في الشرق الاوسط الى علاقات روحية وتاريخية تجمع المسيحيين مع اليهود والمسلمين. هذا الحوار، الذي لا تفرضه بالاساس اعتبارات براغماتية ذات طابع سياسي او اجتماعي بل يستند قبل كل شيء الى اسس لاهوتية مرتبطة بالايمان.
ويقول يختبر الشرق الاوسط كباقي انحاء العالم واقعين متضاربين: العلمانية باشكالها التي احيانا تدعو للتطرف والاصولية العنيفة التي تدعي قيامها على اصول دينية.
ويتابع ان الغموض الذي يكتنف الاوضاع الاقتصادية والسياسية ومهارة التأثير لدى بعضهم والفهم الناقص للدين هي من بين العوامل التي تشكل تربة خصبة للتطرف الديني. هذا التطرف يصيب كل الجماعات الدينية ويرفض التعايش المدني معا. وغالبا ما يسعى للسلطة بواسطة العنف احيانا، على ضمير كل فرد وعلى الدين من اجل دوافع سياسية. اطلق نداء ملحا لجميع المسؤولين الدينيين اليهود والمسيحيين والمسلمين في المنطقة كي يسعوا من خلال مثالهم وتعاليمهم الى فعل كل ما هو ممكن بهدف استئصال هذا التهديد الذي يستهدف بلا تمييز وبشكل قاتل مؤمني جميع الديانات.
ويضيف بالنسبة للمسيحيين انه يجب تربية المؤمنين على ان يكونوا شهودا للشركة في جميع مجالات حياتهم. هذه الشركة ليست بالطبع دربا من الفوضى، فالشهادة الاصيلة تتطلب الاعتراف بالاخر واحترامه والانفتاح على الحوار في الحقيقة والصبر كوجه من اوجه المحبة والبساطة والتواضع.

قهوجي يهنئ العسكريين
على صعيد آخر، صدر عن قيادة الجيش – مديرية التوجيه، البيان الآتي: في ختام زيارة قداسة البابا بنيدكتوس السادس عشر إلى لبنان، هنأ قائد الجيش العماد جان قهوجي العسكريين، ضباطا ورتباء وافرادا، الذين وضعوا في حالة تأهب قصوى على نجاحهم في مهمة حفظ الأمن خلال الزيارة البابوية والمواكبة الميدانية الدقيقة لمختلف مراحلها.
ونوّه قائد الجيش بجهود الحرس الجمهوري وجميع الوحدات البرية والجوية والبحرية لقيامهم بواجباتهم على أكمل وجه في هذه المهمة الامنية الاستثنائية.
وفي مجال آخر، نفى المكتب الاعلامي لرئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي، ان يكون منزل ميقاتي في طرابلس قد تعرض لاطلاق نار من اي جهة، مشيرا إلى أن المسيرة التي تخللها إطلاق أعيرة نارية، كانت تمضي بعيدا عن منزل رئيس الحكومة.
  

السابق
اللواء: البابا مغادراً: للتصدي لما يمكن أن يقوّض لبنان سليمان يتسلح بالإرشاد في حوار الخميس
التالي
الأخبار: البابا مغادراً: المسيحيّون خدّام السلام في المنطقة