اللواء: ميقاتي يردّ على بري: أنت شريك في الحكومة وتتحمّل المسؤولية

حتى ساعة متقدمة من فجر اليوم، لم يكن متاحاً التأكد ما اذا كان وقف اطلاق النار على جبهة المحاور التقليدية في طرابلس، والذي تم الاتفاق على بدء سريانه اعتباراً من الخامسة والنصف من عصر امس، سيصمد، ام انه مجرد وقف هش للنار قابل للخرق في اية لحظة، خصوصاً وان الاتفاق لم يكن محصناً في السياسة، حتى يمكن للمواطن الطرابلسي ان يتنفس الصعداء، ويرتاح الى ان المعالجات هذه المرة جدية.
ذلك ان استمرار الاشتباكات التي تجاوزت ايام عيد الفطر، كانت موضع قلق دولي، عبرت عنه واشنطن وباريس ومعهما الامم المتحدة التي دعت الى تقديم المزيد من الدعم الدولي لحماية لبنان من تداعيات النزاع في سوريا.
وكان لافتاً، في هذا الاطار، قول مساعد الامين العام للامم المتحدة جيفري فيلتمان، ان الوضع في لبنان اصبح اكثر خطورة، مع استمرار تدهور الازمة في سوريا، واصبح تقديم الدعم الدولي المستمر لحكومة لبنان وقواته المسلحة يزداد اهمية.
واضاف، في اجتماع لمجلس الامن حول الشرق الاوسط ان "التوترات التي سببتها المخاوف الداخلية والامنية لا تزال مرتفعة في هذا البلد ويمكن ان تتفاقم بسهولة بفعل التطورات في سوريا".
وتزامن القلق الدولي من تداعيات النزاع السوري على لبنان، مع بيان غير مسبوق لقيادة الجيش، حذرت فيه البعض في طرابلس من صب الزيت على النار، واستغلال الاوضاع الاقليمية المتوترة لتصفية حسابات داخلية. وأكدت ان قوى الجيش لم تنسحب لحظة من مناطق الاشتباكات او محيطها. وهي تنفذ خطة عسكرية كاملة، لكنها تتعاطى مع الوضع بحكمة لمنع تحويل المدينة الى ساحة للفتنة الاقليمية.
واعلنت القيادة عن مبادرة الى اجراء حوار مباشر مع القيادات الميدانية المسؤولة في المدينة من اجل وأد الفتنة ونزع فتيل التفجير، مع تأكيد حسمها في ضبط الوضع.

خوف طرابلسي
ميدانياً، تجددت الاشتباكات قرابة الحادية عشرة ليلاً، فيما سجل قبل ذلك بين الخامسة والنصف وحتى الثامنة مساءً تطور امني تمثل باشتباك بين الجيش وجماعة رفعت عيد في جبل محسن، بالتزامن مع استمرار اطلاق النار، مما ادى الى مقتل اثنين في الجبل واصابة اكثر من عشرة اشخاص بجروح في منطقتي الجبل والتبانة، وعمل الجيش على الرد على مصادر النيران بالمثل.
واعربت مصادر طرابلسية عن قلقها من تجدد الاشتباكات في المدينة، كما تخوفت من تكرارها في المستقبل، مشيرة الى ان الظروف السياسية والامنية ما تزال تشكل ارضية صالحة لتجدد المعارك، متخوفة بالتالي من انعكاسها على مختلف أوضاع المدينة واستقرارها وأمنها.
وتمنت هذه المصادر، في المقابل، أن يُشكّل بيان قيادة الجيش بالتوجه نحو الاستمرار بالمساعي لتثبيت المصالحة وتكريسها ضمن المتابعة الأمنية وملاحقة المتورطين، فرصة حقيقية للبدء عملياً في معالجة الخلل الأمني في طرابلس.
غير أن عضو كتلة "المستقبل" النيابية النائب محمّد عبداللطيف كبارة، بدا ليلاً متفائلاً بإمكان صمود وقف النار، وأبلغ "اللواء" بأن الجو بين باب التبانة وجبل محسن يسوده الهدوء، وهناك التزام كامل بوقف إطلاق النار، والجيش يقوم بدوره كاملاً، وهو استطاع ان يؤمن الهدوء، وهناك ارتياح كبير لدوره، ونحن يهمنا استقرار النّاس في جميع مناطق طرابلس.
وقال: "أنا لغاية الآن متفائل بهذا التجاوب والتعاون مع الجيش، وهناك إدراك كامل من سكان التبانة لأهمية مصلحة طرابلس، ولا توجد بيننا وبين اخواننا العلويين في جبل محسن أية مشكلة، لكن هذه العصابة التي تشكّل ثكنة عسكرية وتأتمر بأوامر المخابرات السورية هي التي تفتعل المشاكل لضرب استقرار طرابلس، وهي لا تمثل العلويين الذين تربطنا بهم روابط اخوية ووطنية، ونرفض اليوم، كما رفضنا سابقاً عوامل الفتنة التي يصدرها إلينا النظام السوري.

قطع طريق الملولة
وكانت الاتصالات التي جرت بين المراجع السياسية والعسكرية على أعلى المستويات، قد أسفرت عن اتخاذ تدابير حاسمة م جانب قيادة الجيش اللبناني لإعادة فرض الهدوء في طرابلس، وتطويق الاشتباكات منعاً لامتدادها إلى مناطق أخرى، خاصة بعدما عمدت جماعة رفعت عيد إلى قصف الطريق الدولية التي تربط بين طرابلس وعكار عند مستديرة الملولة، وتعطيل حركة المرور فيها، خلال اليومين الماضيين.
وعلمنا  في هذا المجال، ان قيادة الجيش وجهت انذاراً مباشراً إلى عيد بضرورة وقف القصف والقنص على هذه الطريق تمهيداً لإعادة فتحها أمام حركة سير طبيعية وآمنة، بعدما كان أخطر أهالي الشمال إلى استخدام طريق مجدليا – مرياطة وصولاً الى البداوي، تجنباً لعمليات القنص والقصف الصادرة من جبل محسن.
وفي السياسة، حرص المجتمعون في منزل النائب كبارة، على احاطة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بما يمثل في هرم السلطة وكنائب عن طرابلس، بأوضاع المدينة المتردية، وضرورة اتخاذ خطوات رادعة لحماية أمن المواطنين وممتلكاتهم من القصف العشوائي الذي استهدف اكثر من منطقة وحي، خارج دائرة الاشتباكات، واوقع عشرات الشهداء والجرحى. وقد تعهد الرئيس ميقاتي بإصدار التعليمات اللازمة للجيش والأجهزة الامنية لاتخاذ كل التدابير لمنع امتداد نيران الاشتباكات الى الاحياء الطرابلسية البعيدة نسبياً، حتى ولو أدى ذلك الى استخدام القوة والرد على مصادر النيران.

سجال بري – ميقاتي
وكان ميقاتي الذي اجتمع عصراً في بعبدا مع رئيس الجمهورية ميشال سليمان، قد جدد تخوفه من محاولات توريط لبنان اكثر فأكثر في الصراع الدائر حالياً في سوريا، مؤكداً ان المطلوب من الجميع، مسؤولين وقيادات، التعاون لابعاد لبنان قدر المستطاع عن النار المشتعلة من حوله وحمايته من الاخطار، مشدداً على استمراره في تحمل المسؤولية حتى تنضج الظروف التي دعا اليها، بعد لقاء طاولة الحوار في بيت الدين، لتشكيل حكومة استثنائية.
وبدا واضحاً من تصريحات ميقاتي التي نقلها عنه زواره امس، انه كان يرد على الرئيس نبيه بري الذي قال عنه انه "لا يريد ان يحكم"، مع انه (اي ميقاتي) اكتفى عندما سئل عن كلام بري بقوله ان في "فمه ماء"، لكنه زاد بقوله: "إن بري شريك وهو طرف سياسي في الحكومة، والمسؤولية تقع على جميع الاطراف، والرئيس بري في مقدمهم".
أما الرئيس بري فلم يشأ ان يصدر عنه امس اي موقف في سياق لقاء الاربعاء النيابي، لكن مصادر نيابية لاحظت انه ممتعض من طريقة تعاطي الحكومة في معالجة الملفات، لا سيما الملف الأمني، متسائلاً عن الاسباب التي دفعت إلى عدم انعقاد مجلس الوزراء في هذه الفترة التي شهدت تطورات غير مريحة.
ولفتت إلى ان موقف بري من عمل الحكومة كان قد ابلغه إلى الرئيس ميقاتي خلال لقائهما الأخير، الذي وصف "بالبارد" وان رئيس الحكومة وعد بتفعيل العمل الحكومي، لكن الامور بقيت تراوح.
ونقلت المصادر عن الرئيس بري تأكيده ان المقاربات التقليدية للأمور لم تعد تجدي نفعاً، وانه يتم التداول بأفكار محددة سيكشف عنها في حينه لمنع تكرار ما يحصل اليوم على اكثر من صعيد.  

السابق
الأنوار: استمرار المعركة في طرابلس والجيش مستعد للحوار مع قيادات المتقاتلين
التالي
الحياة: خرق وقف النار في طرابلس رغم إلتزام الجميع