خزانة الشباب تفتيشها دليل إلى عدم الثقة؟

سرّي للغاية شعار الشباب الدائم، الذي يرفعونه في وجه العائلة حتى لا يفاجئهم أحد بتفتيش خزائنهم الشخصية، سواء تم ذلك في حضورهم أو غيابهم، فتلك الاماكن تخبئ الحميميات، وتضم كل غال وعزيز عليهم، وتحمل بين رفوفها ذكرياتهم المبهجة ولحظات قلقهم الحزينة والمنسية، وأحلامهم وخيباتهم، وانتصاراتهم وهزائمهم.
فهل يوافق الشباب على أن يفتح الآباء أو الأمهات خزاناتهم؟ وماذا يفعلون إذا تم فتحها في شكل مفاجئ؟
وهل تسمح للأصدقاء برؤية ما تضم من اسرار، أم أن الحظر يشمل الجميع بلا استثناءات؟
“لا أحب أن يطّلع أحد على خصوصياتي” كانت، هي الكلمات الاولى التي تحدث بها وائل معلوف، الطالب في الجامعة اللبنانية الاميركية. “نشأت في أسرة مترابطة يجمعها الدفء العاطفي، ومن الطبيعي أن تكون الثقة متبادلة بيننا الى أبعد حد، ومن عادتي ان أجمع أشيائي الشخصية، من ذكريات قديمة ورسائل خاصة وأضعها في حقيبة وأودعها خزانتي، ولا أحبذ أن يطلب مني أحد فتحها احتراماً لخصوصياتي”.
ريتا أشقر، مدرّسة لغة فرنسية، تقول: “لو أراد أبي أو أمي معرفة أشياء شديدة الخصوصية لي فليسألاني عنها، لكن أن تخضع خزانتي للتفتيش المفاجئ فهذا أمر أرفضه”. وتستطرد: “كان من الممكن أن يحدث هذا في أيام مراهقتي، أما الآن فأنا واعية ومدركة ومسؤولة، وللعلم خزانتي لا تحمل بين زواياها أغراضاً، بقدر ما تحمل ذكريات عن مواقف مررت بها”.
يقول حسين الموسوي: “قد تتعجب حين تعرف أنه لو عثر أبي أو أمي أو أي شخص من أفراد أسرتي بمحض المصادفة على أشياء تخصني لحملها فوراً الى خزانتي ووضعها فيها، من دون أن ينعم النظر اليها أو يحاول كشفها، لذلك أستبعد أن يطلب مني أحد فتح خزانتي”.
أما ريتا زوين، الموظفة في مصرف، فتقول: “إذا كانت الثقة قائمة ما بين الأهل والأبناء فمن المستحيل أن تتم مباغتتهم بهذا الشكل، وإذا أصر أحد من أفراد عائلتي على فتح خزانتي فمن الطبيعي أن أغضب، ولكن في النهاية ربما أذعن للأمر، خصوصاً إذا كان من طلب ذلك أمي مثلاً.
وعلى العكس من ذلك تماماً، إذا ألحت بعض صديقاتي عليّ للإطلاع على محتويات خزانتي فلن أسمح لهن بذلك حتى لو كن مقربات مني”.
“كل شيء ضد إرادتي هو تعد سافر على حريتي، وأصعب شيء في الدنيا هو الشك، وحين يأمرني أبي بفتح خزانتي لفحصها فهذا يعني أن شكوكاً ما تساوره، وهذا يزعجني”. هذا ما تقوله ميشلين هبر، وتضيف: “من الممكن أن أفتحها لكن بإرادتي ومن دون ضغوط، فالخزانة تحوي أشيائي الخاصة التي تعتبر جزءاً مني ومن حياتي”.
خزانتي مفتوحة دائماً، هكذا تقول دارين شاهين، وتضيف: “لا يوجد ما أخفيه، لكن مجرد إخضاع خزانتي للتفتيش يعتبر أمراً مستفزاً، وخصوصاً إذا كان عنصر المفاجأة هو بطل الموقف، وعلى الأقل يجب أن يتم تنبيهنا قبل التفتيش بفترة زمنية، وأن يتم ذلك بحضورنا، ومن الممكن أن أسمح لأبي فقط بأن يطلع على محتويات خزانتي لأنه صديقي وأبوح له بالكثير من أسراري”.
من جهتها تقول جويل عون: “خزانتي تضم بين ثناياها أشياء خاصة ولا أحبذ أن يطلع عليها أحد، فكل انسان منا يحب أن يحتفظ ببعض الامور لنفسه”.
ويشير سيمون عيد الى أنه لن يفتح خزانته لأحد مهما كلف هذا الامر، فهي عالمه الأثير وتضم ذكرياته السعيدة وبعض ما هو مكتوب بخط يده، وفيها زهور حمراء ذابلة لكن بقاياها لا تزال متناثرة في كل ركن بالخزانة، كما يقول، مضيفاً: “لا يمكنني الإفصاح عن المحتويات أكثر من ذلك”.
وتؤكد منال عبس الموظفة في شركة اعلانات أن خزانات الشباب تدخل ضمن الأسرار الشخصية والمناطق المحظورة، ومجرد الاطلاع عليها من الأهل أو الاصدقاء يعتبر أمراً مثيراً للإمتعاض، “عن نفسي لم يحدث أن تعرضت لمثل هذا الموقف ولا أتوقع حدوثه يوماً ما”.

علم الاجتماع
في منظور علم الاجتماع تقول الاختصاصية الاجتماعية سينتيا كوراب: “يظن الكثيرون من الشباب والمراهقين ان مجرد خضوع خزاناتهم للتفتيش من الأهل هو تعد على خصوصياتهم، وان الاقتراب من هذه الخزانات دليل قاطع على ان الآباء فقدوا الثقة بهم وانهم أصبحوا في دائرة الشك”.
وتضيف: “تفكير الابناء في هذه السن يتطابق تماماً مع الظروف النفسية التي يعيشونها لحظة بلحظة، فهم دوماً يبحثون عن الاستقلالية، وأحياناً يشعرون ببعض العداء تجاه الآباء بسبب تعرضهم للانتقاد منهم.
والواقع ان الشباب غالباً ما لا يخفون أشياء يخشون افتضاح أمرها، وللآباء الحق في الاطمئنان الى سلامة ابنائهم، شرط ألا يكون التفتيش دورياً حتى لا تصل الامور الى مستوى فقدان الثقة”.
وتختم سينتيا: “من الأفضل أن تكون العلاقة ما بين الأبناء والآباء مبنية على الصداقة والصراحة والحوار حتى تسلك الطريق الصحيح، وذلك لن يتم إلا بالتدعيم والترابط والمحبة”.

السابق
فيسبوك تغلق صفحة عنصرية
التالي
فحوص المثليّة: هل تلتزم النيابة العامة والأطباء الشرعيون وقفها؟