التدمير في تمبكتو: من المسؤول عن هذا الجرم على الاولياء

دمر الاسلاميون الذين يسيطرون على تمبكتو، امس، مدخل مسجد في هذه المدينة الواقعة في شمال مالي، بعدما دمروا في نهاية الاسبوع اضرحة اولياء.
ربما لا ينتبه كثيرون لهذه الموجة المتجددة الآن في تمبكتو، إحدى أعرق المدن المسلمة في إفريقيا وأعرقها داخل الصحراء، هي المُعادِل أو المُواكِب الدائم لدى التيارات السلفية المتشددة لموقف هذه التيارات ضد "عصمة الأئمة" في المذهب الشيعي الإثني عشري. تاريخياً ومنذ بدأت الحركةُ الوهابيةُ في منتصف القرن الثامن عشر في نجد في قلب الصحراء العربية كان هذا الموقف الرافض لتعظيم الأضرحة، والذي يعتبرها هرطقةً على "الدين الصحيح"، يسير من حيث تطبيقه بالقوة – أي هدم الأضرحة – ضد قبور الأولياء لدى الطوائف السنية ولا سيما الحنفية والشافعية والمالكية بالتوازي مع هجمات أتباع محمد بن عبد الوهاب على المقامات الشيعية في العراق ولاسيما في كربلاء والنجف، حيث بنظرهم توجد الهرطقة المقابلة.

وقال احد الشهود ان "الاسلاميين دمروا مدخل مسجد سيدي يحيى في تمبكتو" في جنوب المدينة "حيث انتزعوا الباب المقدس الذي لا يفتح ابدا"، وهي معلومة اكدها سكان في تمبكتو.
وقال احدهم وهو مرشد سياحي سابق: "اتوا بمعاول وهتفوا الله اكبر ثم كسروا الباب. انه امر خطير جدا. بكى عدد من المدنيين الذين شاهدوا ما حصل".
وذكر احد افراد اسرة إمام تحدث مع اسلاميي جماعة "انصار الدين" الذين يفرضون قوانينهم على المدينة منذ 3 اشهر، انهم كسروا الباب لان "البعض كان يقول ان نهاية العالم ستحل في اليوم الذي يفتح فيه هذا الباب وأرادوا ان يثبتوا ان ذلك غير صحيح".
والباب الواقع جنوب مسجد سيدي يحيى مغلق منذ عقود لانه وفقا للتقاليد المحلية فان فتحه سيجلب مآسي. وذكر شاهد اخر ان الباب يؤدي الى ضريح احد الاولياء واذا علم الاسلاميون بالامر "لكانوا دمروا كل شيء".
إن فكرة "الوليّ" لدى الطوائف السنية انغرزت عميقا في تقاليد طقوس العديد من مناطق العالم الإسلامي وعرفت انتشاراً هائلاً جعل أي مدينة مسلمة عريقة والكثير من الدساكر والقرى في مصر وبلاد الشام والعراق وتركيا وإيران وشمال إفريقيا تعجّ بما يسمّيه معظم المسلمين "قبور الأولياء والصالحين". كانت تلك الظاهرة في التاريخ الإسلامي ولا تزال، في اعتقادي، الخزّان العميق الذي تصب فيه ميول العامة وأحيانا الخاصة في اقاصي العالم الإسلامي للتعبير عن احترامها لشخصيات محلية منها وفيها أي عاشت معها خلال مسار القرون الاربعة عشر… لقد اختارتها، وفق عادات وتقاليد و"حاجات" كل بيئة، لـ"إختراق" المنظومة الكاملة التقديس للرموز الكبرى الأساسية للدين الإسلامي في صدر انطلاق الدعوة وعهد الخلفاء الراشدين… ورَفَعَتْها الى مرتبة القداسة.

لِيتحمّل الاسلاميون المتنورون والليبراليون مسؤوليتهم أمام هذا الإجرام الثقافي المتجدد.

السابق
الحل السوري لم يعد ممكناً!
التالي
السياسة للدولة..الدين للمجتمع