الجمهورية: بري يؤكد أن “كل شيء مسموح في الحوار إلاّ الفشل”

فرض الحدث المصري نفسه بقوّة، بعدما قالت لجنة الانتخابات الرئاسية المصرية كلمتها، معلنة انتخاب مرشّح الأخوان المسلمين محمد مرسي رئيساً جديداً لمصر بنسبة 51.73 % مقابل 48,27 % لأحمد شفيق. وبذلك انتهت مرحلة حبس الأنفاس التي عاشتها مصر بعد إطاحة الرئيس حسني مبارك في 11 شباط 2011 ، لتبدأ مرحلة جديدة يُتوقّع أن تكون حُبلى بالتعقيدات لا سيّما وأنّ الرئيس الجديد هو أوّل رئيس ينتخب في مصر بعد ثورة يناير التي بدأت العام الماضي. ولم تقتصر مظاهر الفرح بفوز مرسي على ميدان التحرير، بل انتقلت عدواها إلى لبنان وعمّت الاحتفالات شوارع مدينة طرابلس، وأطلقت المفرقعات في الضاحية الجنوبية في بيروت وفي المخيّمات الفلسطينية ابتهاجًا، وجابت مسيرات سيّارة تابعة للجماعة الإسلامية شوارع صيدا. كما سيّر الإسلاميّون في بلدة تعلبايا مسيرات سيّارة جابت شوارع تعلبايا وسعدنايل احتفالاً بفوز مرسي. وأجرى رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي اتّصالا هاتفيّا بالرئيس المصري الجديد مهنّئاً إيّاه بفوزه ومتمنّياً له التوفيق في مهامّه.

لكنّ الحدث المصري، وعلى أهميته، لم يحجب الاهتمام عن متابعة ملف الأزمة السورية، في ضوء الأنباء عن ارتفاع عدد الطيّارين المنشقّين الى سبعة من جهة، و"الحرب الباردة" بين تركيا وسوريا، على خلفية إسقاط الأخيرة للطائرة الحربية التركية، من جهة ثانية، ما أدّى الى ارتفاع لهجة أنقرة في شكل غير مسبوق، مقرونة باستنفار سياسي تركي داخلي، حيث أجرى رئيس الوزراء رجب طيّب أردوغان محادثات مع زعماء المعارضة التركية لمناقشة الخطوات التي ستتّخذ بعد ان أسقطت سوريا طائرة تركية، وديبلوماسي مع الحلفاء، فيما يجتمع "الناتو" غداً بناء على طلب تركيا التي سلّمت دمشق مذكّرة احتجاج رسمية، وحذّرتها من "تحدّي الجيش التركي"، معلنةً أنّها ستتّخذ خطوات حاسمة في حقّها، وإذ اعترفت انّ الطائرة اخترقت الأجواء الجوّية السورية لفترة وجيزة، اكّدت انّها أُسقطت في الأجواء الدوليّة، وهي كانت تقوم بطلعة تدريبية من دون أسلحة، ولاختبار نظام رادار".
ووصفت واشنطن إسقاط سوريا لطائرة حربية تركيّة بأنّه "وقح وغير مقبول"، متعهّدة العمل مع أنقرة للخروج بردّ مناسب. وقالت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون في بيان مكتوب انّ ذلك "مثال آخرعلى استهتار السلطات السوريّة السافر بالأعراف الدولية والحياة البشرية والسلام والأمن".
في غضون ذلك، قالت المتحدّثة باسم حلف "الناتو" وانا لونجيسكو "إنّ تركيا طلبت التشاور بموجب المادة الرابعة من معاهدة واشنطن لإنشاء حلف شمال الاطلسي. وبموجب المادة الرابعة بوسع أيّ حليف أن يطلب التشاور في أيّ وقت في حال تعرّضت للخطر وحدة أراضي أيّ من الدول الأعضاء أو أمنها واستقلالها السياسيّين. "وأضافت: "سيجتمع "الناتو" يوم الثلاثاء بناءً على طلب تركيا. نتوقع من تركيا أن تقدّم عرضاً بشأن الواقعة الأخيرة".
ورجّح دبلوماسي بالحلف أن تقدّم تركيا لحلفائها تفاصيل. وأضاف: "تحديد كيفية التحرّك يرجع الى تركيا والحلفاء"، لافتاً الى انّ "ما قد تحتاجه تركيا هو الدعم السياسي. لم نتلقّ أيّ طلب آخر… هذا لا يؤدّي بالضرورة الى الخطوة التالية." مؤكّداً أنّه "من المهم أن يظهر الحلفاء التضامن والاهتمام".
مسلسل الحوار… تابع
وفي هذه الأجواء، يترقّب اللبنانيون ما ستتمخّض عنه الجلسة الثانية لهيئة الحوار اليوم، في غياب نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري لأسباب شخصية، ورئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع.
ولعلّ أيّ متابعة لمواقف مسؤولي "حزب الله" عشيّة هذه الجولة تظهر أنّ رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان و14 آذار نجحا في جعل عنوان الاستراتيجية الدفاعية يفرض نفسه بنداً أوّل على جدول أعمال هيئة الحوار، بمعزل عن الاختلاف الجذري حيال تعريف هذه الاستراتيجية ونظرة كلّ فريق إليها، والدليل أنّ الحزب أفرغ كلّ ما لديه من حجج دفاعاً عن سلاحه، هذا السلاح الذي لم تنضج بعد ظروف معالجته ربطاً بالأزمتين السورية والإيرانية وعدم جهوزية الحزب نفسه لمقاربة سلاحه بعيداً عن اللغة الحزبية والعقائدية الضيقة.
ومن الواضح في المقابل أنّ الاستعدادات التي تولّاها سليمان تمهيداً لهذه الجولة إن عبر المشاورات الثنائية أو مع فريق عمله تدلّل على الرهان الذي يضعه لإنجاح هذه الهيئة أو لضمان بالحدّ الأدنى استمراريتها، وبالتالي لا مصلحة لأيّ فريق من المشاركين بمقاطعتها، ومن هنا فإنّ كلّ الترجيحات تميل إلى مواصلة هذه الجلسات حتى إشعار آخر.
وعلمت "الجمهورية" انّ رئيس الجمهورية الذي واصل امس الأحد، على رغم عطلة نهاية الأسبوع، الاجتماعات التحضيرية لطاولة الحوار اليوم، سيستهلّ الجلسة بالتأكيد على أهمّية ان تنطلق هيئة الحوار الوطني في البحث بمضمون جدول أعمالها ولا سيّما ملف الاستراتيجية الدفاعية بعدما "تبارى" الأقطاب في الجلسة السابقة في الحديث عن العموميات.
وذكرت مصادر بعبدا أنّ سليمان سيكون واضحاً بأنّ الحديث في العموميات انتهى، ولا بدّ من ولوج الملفات واحداً بعد آخر، وإنّ الأولوية هي للاستراتيجية الدفاعية التي ستناقش آلية التعاطي مع السلاح غير الشرعي بالمفهوم الشامل للكلمة بما فيها مصير القرارات السابقة التي تناولت بعض هذا السلاح.
وقالت إنّ سليمان يراهن على الإجماع اللبناني الذي أكّد عليه أقطاب طاولة الحوار في موافقتهم بالإجماع على مضمون "إعلان بعبدا" الذي شكّل رسالة مدوّية الى محيط لبنان والعالم بأنّ اللبنانيين أجمعوا على الحياد إزاء ما يجري في المنطقة، وهم جميعاً يرفضون الزجّ بلبنان في أتون الأحداث السورية تجنّباً لأيّ مشروع يستدرج الساحة اللبنانية الى تردّداتها السلبية المتوقّعة انطلاقاً من رفضهم لأيّ مشروع يتحدّث عن منطقة عازلة في ايّ بقعة من الأراضي اللبنانية المجاورة للأراضي السورية.
برّي: كلّ شيء مسموح إلّا الفشل
وعشيّة انعقاد هيئة الحوار، قال رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي لـ"الجمهورية": "إنّ كلّ شيء مسموح في الحوار إلّا الفشل". وقد عكس برّي في هذا الكلام مداورة أنّ في إمكان المتحاورين ان يتناولوا بالبحث كلّ القضايا المطروحة التي تهمّ جميع اللبنانيين، ومنها قانون الانتخاب في حال تعذّر التوافق عليه في إطار المؤسّسات المعنية به.
وإذ اشار برّي الى موضوع الاستراتيجية الدفاعية لحماية لبنان من الاعتداءات الاسرائيلية، استغرب ما نُشر منتقداً قوله إنّ النفط يدخل في إطار هذه الاستراتيجية، وقال: إذا لم يكن هذا الخزّان الاقتصادي الكبير بالنسبة الى لبنان ضمن هذه الاستراتيجية ماذا يكون فيها؟
وفي انتظار تبيان مدى جدّية بعض الأطراف، صدرت جملة مواقف لـ"حزب الله" تؤكّد انّ بند الاستراتيجية الدفاعية لا يعني التحاور على سلاحه.
وفي هذا الإطار، قال رئيس المجلس التنفيذي في الحزب السيّد هاشم صفي الدين إنّه "إذا أراد البعض أن يأخذ طاولة الحوار إلى مكان آخر هو مخطئ ولن يصل إلى أيّ نتيجة"، فيما شدّد الوزير محمد فنيش على "أنّنا عندما نتحدّث عن أمن الوطن وكيفية حمايته، فإنّه لا بدّ لنا من أن نضع على الطاولة كلّ ما هو متاح من إمكانيات وقدرات وتجارب، وعندما نتحدّث عن المقاومة لا يمكن ان نتحدث عن مشروع خاص أو فئوي، بل عن مشروع استطاع ان يحرّر الأرض ويلحق الهزيمة بالعدوّ الذي لا يزال يحتلّ جزءاً من أرضنا ويهدّد ثرواتنا".
بدوره، قال رئيس "كتلة الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد "إنّه في ظلّ هذا الحكم وفي مثل هكذا سلطة مملوءة بالتجاذبات والمعايير المتناقضة، يُطلَب من المقاومة أن تسلِّم قرار الدفاع عن شعبنا وبلدنا لأولئك الذين تتضارب مصالحهم في كلّ شاردة وواردة، حُكم لا يستطيع على مدى ثمانية أشهر أن يحرّك مشاريع إنمائية بسبب التجاذبات القائمة".
وأكّد النائب حسن فضل الله أنّنا نذهب الى الحوار بكلّ إيجابية وانفتاح لمناقشة بند الاستراتيجية الدفاعية لكنّنا لا نحاور حول سلاح المقاومة، فهذا السلاح جزء من معادلة وطنية هي الجيش والشعب والمقاومة، والاستراتيجية الدفاعية تعني الإفادة من كلّ مقوّمات القوة للبنان، وليس التفريط بها".
شربل يكرّم قهوجي
على صعيد آخر، علمت "الجمهورية" أنّ وزير الداخلية مروان شربل يكرّم اليوم قائد الجيش العماد جان قهوجي في احتفال يقام في وزارة الداخلية، بحضور وزير الدفاع ورئيس الأركان في الجيش اللبناني وأعضاء المجلس العسكري وقادة الأجهزة الأمنية التابعة لوزراة الداخلية وكبار الضبّاط.
وتأتي هذه الخطوة – المبادرة من وزير الداخلية للتأكيد على أهمّية التنسيق القائم بين الجيش والقوى الأمنية كافّة، والتي بدأت قبل فترة اجتماعات تنسيق دورية على مستوى القادة لمزيد من التعاون والتنسيق في ضبط الوضع الأمني في البلاد.
كهرباء وتعيينات أمنية
ومن جلسة الحوار إلى جلسة مجلس الوزراء التي تعقد في الرابعة عصراً بعد غد الأربعاء في قصر بعبدا للبحث في جدول أعمال من 74 بنداً أبرزها ما يتّصل باستئجار باخرتين لتوليد الطاقة الكهربائية تؤمّنان للبنان طاقة بمقدار 250 ميغاوات. واحدة تركّز قرب معمل الجيّة والثانية قرب معمل الذوق، فإذا وافق المجلس عليهما فإنّ تأمينهما سيتمّ خلال ثلاثة أشهر، ما يعني انّ البلاد ستبقى في معاناة كهربائية طوال فصل الصيف الذي بدأ قبل ايّام ليبدأ الانفراج في الخريف، فضلاً عن تعيين نائب مدير عام جديد لأمن الدولة هو العميد محمد الطفيلي بعد إحالة العميد مصطفى دكروب الى التقاعد، وتقرير مفصّل يرفعه نائب رئيس الحكومة سمير مقبل حول المخطّط التوجيهي الجديد للسجون في لبنان، وعرض وزارة الطاقة والمياه لأعمال اللجنة الفنّية المكلّفة موضوع البواخر المولّدة للكهرباء.
وبناءً لاقتراح وزارة الاتّصالات سينظر المجلس في طلب الترخيص لإصدار طابعين تذكاريّين واحد لأمين معلوف بمناسبة دخوله الأكاديمية الفرنسية، والثاني للشاعر سعيد عقل تخليداً لهما، وطلب الموافقة لتطويع تلامذة ضبّاط لصالح القوى العسكرية اللبنانية. وإلى هذا الملف ثمّة بنود أخرى تكتسب اهمّية، منها مشروع بتعديل مرسوم لتحديد الرسوم المترتّبة على ترخيص بالأشغال الموَقّتة للأملاك البحرية، بما يرفع الرسوم بنسب تراوح بين 90 ألف ليرة و9 ملايين و200 ألف ليرة، واقتراح بتثبيت كتّاب العدل.
الموازنة إلى دائرة الضوء مجدّداً
من المتوقع أن يعود مشروع الموازنة الى دائرة الضوء في الأيام القليلة المقبلة، بعدما تماثل وزير المال محمد الصفدي للشفاء.
ومن خلال الأجواء السائدة يستعدّ نوّاب قوى 14 آذار لشنّ حملة على الحكومة من بوّابة السلفة التي أقرّتها لنفسها. هذه السلفة تثير الاعتراضات على اعتبار انّها جاءت لتغطّي كامل النفقات للعام 2012، بما أوحى للبعض بأنّ الهدف الحقيقي منها، التهرّب من تقديم مشروع موازنة للعام الجاري. كما تتضمّن السلفة زيادة في الإنفاق مقارنة مع العام 2011، بحوالي 4 آلاف مليار ليرة. هذه الزيادة كان يفترض ان تتمّ تغطيتها من خلال ضرائب جديدة. لكن الاكتفاء بالسلفة من دون إيرادات إضافية سيؤدّي الى عجز إضافي وإلى تضخّم سريع في حجم الدين العام.
وفي هذا الإطار، قال النائب جوزف المعلوف، عضو كتلة نوّاب زحلة وتكتّل "القوات اللبنانية" لـ"الجمهورية" إنّ هذه السلفة تهدف لتكون صندوقاً انتخابيّاً لبعض الوزارات.
من جهته، اوضح عضو "كتلة التنمية والتحرير" النائب ميشال موسى لـ"الجمهورية" أنّ "سلفة الـ 10394 مليار ليرة هي لتأمين احتياجات الدولة." معرباً عن تأييده لإقرارها في المجلس النيابي.
أمّا عضو "تكتل التغيير والإصلاح" النائب آلان عون فقال "إنّ حجم السلفة دُرس على أساس حاجات الحكومة لسنة الـ 2012، وإذا عدنا الى ما كان مطروحاً عام 2011 أي 8900 مليار ليرة نجد أنّ حجم السلفة منطقيّ جدّاً."   

السابق
الجمهورية: بري يؤكد أن “كل شيء مسموح في الحوار إلاّ الفشل”
التالي
الحياة : سليمان يعد أفكاراً لإنقاذ الحوار ومنع الاختلاف من تهديد الاستقرار

الجمهورية: بري يؤكد أن “كل شيء مسموح في الحوار إلاّ الفشل”

فرض الحدث المصري نفسه بقوّة، بعدما قالت لجنة الانتخابات الرئاسية المصرية كلمتها، معلنة انتخاب مرشّح الأخوان المسلمين محمد مرسي رئيساً جديداً لمصر بنسبة 51.73 % مقابل 48,27 % لأحمد شفيق. وبذلك انتهت مرحلة حبس الأنفاس التي عاشتها مصر بعد إطاحة الرئيس حسني مبارك في 11 شباط 2011 ، لتبدأ مرحلة جديدة يُتوقّع أن تكون حُبلى بالتعقيدات لا سيّما وأنّ الرئيس الجديد هو أوّل رئيس ينتخب في مصر بعد ثورة يناير التي بدأت العام الماضي. ولم تقتصر مظاهر الفرح بفوز مرسي على ميدان التحرير، بل انتقلت عدواها إلى لبنان وعمّت الاحتفالات شوارع مدينة طرابلس، وأطلقت المفرقعات في الضاحية الجنوبية في بيروت وفي المخيّمات الفلسطينية ابتهاجًا، وجابت مسيرات سيّارة تابعة للجماعة الإسلامية شوارع صيدا. كما سيّر الإسلاميّون في بلدة تعلبايا مسيرات سيّارة جابت شوارع تعلبايا وسعدنايل احتفالاً بفوز مرسي. وأجرى رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي اتّصالا هاتفيّا بالرئيس المصري الجديد مهنّئاً إيّاه بفوزه ومتمنّياً له التوفيق في مهامّه.

لكنّ الحدث المصري، وعلى أهميته، لم يحجب الاهتمام عن متابعة ملف الأزمة السورية، في ضوء الأنباء عن ارتفاع عدد الطيّارين المنشقّين الى سبعة من جهة، و"الحرب الباردة" بين تركيا وسوريا، على خلفية إسقاط الأخيرة للطائرة الحربية التركية، من جهة ثانية، ما أدّى الى ارتفاع لهجة أنقرة في شكل غير مسبوق، مقرونة باستنفار سياسي تركي داخلي، حيث أجرى رئيس الوزراء رجب طيّب أردوغان محادثات مع زعماء المعارضة التركية لمناقشة الخطوات التي ستتّخذ بعد ان أسقطت سوريا طائرة تركية، وديبلوماسي مع الحلفاء، فيما يجتمع "الناتو" غداً بناء على طلب تركيا التي سلّمت دمشق مذكّرة احتجاج رسمية، وحذّرتها من "تحدّي الجيش التركي"، معلنةً أنّها ستتّخذ خطوات حاسمة في حقّها، وإذ اعترفت انّ الطائرة اخترقت الأجواء الجوّية السورية لفترة وجيزة، اكّدت انّها أُسقطت في الأجواء الدوليّة، وهي كانت تقوم بطلعة تدريبية من دون أسلحة، ولاختبار نظام رادار".
ووصفت واشنطن إسقاط سوريا لطائرة حربية تركيّة بأنّه "وقح وغير مقبول"، متعهّدة العمل مع أنقرة للخروج بردّ مناسب. وقالت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون في بيان مكتوب انّ ذلك "مثال آخرعلى استهتار السلطات السوريّة السافر بالأعراف الدولية والحياة البشرية والسلام والأمن".
في غضون ذلك، قالت المتحدّثة باسم حلف "الناتو" وانا لونجيسكو "إنّ تركيا طلبت التشاور بموجب المادة الرابعة من معاهدة واشنطن لإنشاء حلف شمال الاطلسي. وبموجب المادة الرابعة بوسع أيّ حليف أن يطلب التشاور في أيّ وقت في حال تعرّضت للخطر وحدة أراضي أيّ من الدول الأعضاء أو أمنها واستقلالها السياسيّين. "وأضافت: "سيجتمع "الناتو" يوم الثلاثاء بناءً على طلب تركيا. نتوقع من تركيا أن تقدّم عرضاً بشأن الواقعة الأخيرة".
ورجّح دبلوماسي بالحلف أن تقدّم تركيا لحلفائها تفاصيل. وأضاف: "تحديد كيفية التحرّك يرجع الى تركيا والحلفاء"، لافتاً الى انّ "ما قد تحتاجه تركيا هو الدعم السياسي. لم نتلقّ أيّ طلب آخر… هذا لا يؤدّي بالضرورة الى الخطوة التالية." مؤكّداً أنّه "من المهم أن يظهر الحلفاء التضامن والاهتمام".
مسلسل الحوار… تابع
وفي هذه الأجواء، يترقّب اللبنانيون ما ستتمخّض عنه الجلسة الثانية لهيئة الحوار اليوم، في غياب نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري لأسباب شخصية، ورئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع.
ولعلّ أيّ متابعة لمواقف مسؤولي "حزب الله" عشيّة هذه الجولة تظهر أنّ رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان و14 آذار نجحا في جعل عنوان الاستراتيجية الدفاعية يفرض نفسه بنداً أوّل على جدول أعمال هيئة الحوار، بمعزل عن الاختلاف الجذري حيال تعريف هذه الاستراتيجية ونظرة كلّ فريق إليها، والدليل أنّ الحزب أفرغ كلّ ما لديه من حجج دفاعاً عن سلاحه، هذا السلاح الذي لم تنضج بعد ظروف معالجته ربطاً بالأزمتين السورية والإيرانية وعدم جهوزية الحزب نفسه لمقاربة سلاحه بعيداً عن اللغة الحزبية والعقائدية الضيقة.
ومن الواضح في المقابل أنّ الاستعدادات التي تولّاها سليمان تمهيداً لهذه الجولة إن عبر المشاورات الثنائية أو مع فريق عمله تدلّل على الرهان الذي يضعه لإنجاح هذه الهيئة أو لضمان بالحدّ الأدنى استمراريتها، وبالتالي لا مصلحة لأيّ فريق من المشاركين بمقاطعتها، ومن هنا فإنّ كلّ الترجيحات تميل إلى مواصلة هذه الجلسات حتى إشعار آخر.
وعلمت "الجمهورية" انّ رئيس الجمهورية الذي واصل امس الأحد، على رغم عطلة نهاية الأسبوع، الاجتماعات التحضيرية لطاولة الحوار اليوم، سيستهلّ الجلسة بالتأكيد على أهمّية ان تنطلق هيئة الحوار الوطني في البحث بمضمون جدول أعمالها ولا سيّما ملف الاستراتيجية الدفاعية بعدما "تبارى" الأقطاب في الجلسة السابقة في الحديث عن العموميات.
وذكرت مصادر بعبدا أنّ سليمان سيكون واضحاً بأنّ الحديث في العموميات انتهى، ولا بدّ من ولوج الملفات واحداً بعد آخر، وإنّ الأولوية هي للاستراتيجية الدفاعية التي ستناقش آلية التعاطي مع السلاح غير الشرعي بالمفهوم الشامل للكلمة بما فيها مصير القرارات السابقة التي تناولت بعض هذا السلاح.
وقالت إنّ سليمان يراهن على الإجماع اللبناني الذي أكّد عليه أقطاب طاولة الحوار في موافقتهم بالإجماع على مضمون "إعلان بعبدا" الذي شكّل رسالة مدوّية الى محيط لبنان والعالم بأنّ اللبنانيين أجمعوا على الحياد إزاء ما يجري في المنطقة، وهم جميعاً يرفضون الزجّ بلبنان في أتون الأحداث السورية تجنّباً لأيّ مشروع يستدرج الساحة اللبنانية الى تردّداتها السلبية المتوقّعة انطلاقاً من رفضهم لأيّ مشروع يتحدّث عن منطقة عازلة في ايّ بقعة من الأراضي اللبنانية المجاورة للأراضي السورية.
برّي: كلّ شيء مسموح إلّا الفشل
وعشيّة انعقاد هيئة الحوار، قال رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي لـ"الجمهورية": "إنّ كلّ شيء مسموح في الحوار إلّا الفشل". وقد عكس برّي في هذا الكلام مداورة أنّ في إمكان المتحاورين ان يتناولوا بالبحث كلّ القضايا المطروحة التي تهمّ جميع اللبنانيين، ومنها قانون الانتخاب في حال تعذّر التوافق عليه في إطار المؤسّسات المعنية به.
وإذ اشار برّي الى موضوع الاستراتيجية الدفاعية لحماية لبنان من الاعتداءات الاسرائيلية، استغرب ما نُشر منتقداً قوله إنّ النفط يدخل في إطار هذه الاستراتيجية، وقال: إذا لم يكن هذا الخزّان الاقتصادي الكبير بالنسبة الى لبنان ضمن هذه الاستراتيجية ماذا يكون فيها؟
وفي انتظار تبيان مدى جدّية بعض الأطراف، صدرت جملة مواقف لـ"حزب الله" تؤكّد انّ بند الاستراتيجية الدفاعية لا يعني التحاور على سلاحه.
وفي هذا الإطار، قال رئيس المجلس التنفيذي في الحزب السيّد هاشم صفي الدين إنّه "إذا أراد البعض أن يأخذ طاولة الحوار إلى مكان آخر هو مخطئ ولن يصل إلى أيّ نتيجة"، فيما شدّد الوزير محمد فنيش على "أنّنا عندما نتحدّث عن أمن الوطن وكيفية حمايته، فإنّه لا بدّ لنا من أن نضع على الطاولة كلّ ما هو متاح من إمكانيات وقدرات وتجارب، وعندما نتحدّث عن المقاومة لا يمكن ان نتحدث عن مشروع خاص أو فئوي، بل عن مشروع استطاع ان يحرّر الأرض ويلحق الهزيمة بالعدوّ الذي لا يزال يحتلّ جزءاً من أرضنا ويهدّد ثرواتنا".
بدوره، قال رئيس "كتلة الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد "إنّه في ظلّ هذا الحكم وفي مثل هكذا سلطة مملوءة بالتجاذبات والمعايير المتناقضة، يُطلَب من المقاومة أن تسلِّم قرار الدفاع عن شعبنا وبلدنا لأولئك الذين تتضارب مصالحهم في كلّ شاردة وواردة، حُكم لا يستطيع على مدى ثمانية أشهر أن يحرّك مشاريع إنمائية بسبب التجاذبات القائمة".
وأكّد النائب حسن فضل الله أنّنا نذهب الى الحوار بكلّ إيجابية وانفتاح لمناقشة بند الاستراتيجية الدفاعية لكنّنا لا نحاور حول سلاح المقاومة، فهذا السلاح جزء من معادلة وطنية هي الجيش والشعب والمقاومة، والاستراتيجية الدفاعية تعني الإفادة من كلّ مقوّمات القوة للبنان، وليس التفريط بها".
شربل يكرّم قهوجي
على صعيد آخر، علمت "الجمهورية" أنّ وزير الداخلية مروان شربل يكرّم اليوم قائد الجيش العماد جان قهوجي في احتفال يقام في وزارة الداخلية، بحضور وزير الدفاع ورئيس الأركان في الجيش اللبناني وأعضاء المجلس العسكري وقادة الأجهزة الأمنية التابعة لوزراة الداخلية وكبار الضبّاط.
وتأتي هذه الخطوة – المبادرة من وزير الداخلية للتأكيد على أهمّية التنسيق القائم بين الجيش والقوى الأمنية كافّة، والتي بدأت قبل فترة اجتماعات تنسيق دورية على مستوى القادة لمزيد من التعاون والتنسيق في ضبط الوضع الأمني في البلاد.
كهرباء وتعيينات أمنية
ومن جلسة الحوار إلى جلسة مجلس الوزراء التي تعقد في الرابعة عصراً بعد غد الأربعاء في قصر بعبدا للبحث في جدول أعمال من 74 بنداً أبرزها ما يتّصل باستئجار باخرتين لتوليد الطاقة الكهربائية تؤمّنان للبنان طاقة بمقدار 250 ميغاوات. واحدة تركّز قرب معمل الجيّة والثانية قرب معمل الذوق، فإذا وافق المجلس عليهما فإنّ تأمينهما سيتمّ خلال ثلاثة أشهر، ما يعني انّ البلاد ستبقى في معاناة كهربائية طوال فصل الصيف الذي بدأ قبل ايّام ليبدأ الانفراج في الخريف، فضلاً عن تعيين نائب مدير عام جديد لأمن الدولة هو العميد محمد الطفيلي بعد إحالة العميد مصطفى دكروب الى التقاعد، وتقرير مفصّل يرفعه نائب رئيس الحكومة سمير مقبل حول المخطّط التوجيهي الجديد للسجون في لبنان، وعرض وزارة الطاقة والمياه لأعمال اللجنة الفنّية المكلّفة موضوع البواخر المولّدة للكهرباء.
وبناءً لاقتراح وزارة الاتّصالات سينظر المجلس في طلب الترخيص لإصدار طابعين تذكاريّين واحد لأمين معلوف بمناسبة دخوله الأكاديمية الفرنسية، والثاني للشاعر سعيد عقل تخليداً لهما، وطلب الموافقة لتطويع تلامذة ضبّاط لصالح القوى العسكرية اللبنانية. وإلى هذا الملف ثمّة بنود أخرى تكتسب اهمّية، منها مشروع بتعديل مرسوم لتحديد الرسوم المترتّبة على ترخيص بالأشغال الموَقّتة للأملاك البحرية، بما يرفع الرسوم بنسب تراوح بين 90 ألف ليرة و9 ملايين و200 ألف ليرة، واقتراح بتثبيت كتّاب العدل.
الموازنة إلى دائرة الضوء مجدّداً
من المتوقع أن يعود مشروع الموازنة الى دائرة الضوء في الأيام القليلة المقبلة، بعدما تماثل وزير المال محمد الصفدي للشفاء.
ومن خلال الأجواء السائدة يستعدّ نوّاب قوى 14 آذار لشنّ حملة على الحكومة من بوّابة السلفة التي أقرّتها لنفسها. هذه السلفة تثير الاعتراضات على اعتبار انّها جاءت لتغطّي كامل النفقات للعام 2012، بما أوحى للبعض بأنّ الهدف الحقيقي منها، التهرّب من تقديم مشروع موازنة للعام الجاري. كما تتضمّن السلفة زيادة في الإنفاق مقارنة مع العام 2011، بحوالي 4 آلاف مليار ليرة. هذه الزيادة كان يفترض ان تتمّ تغطيتها من خلال ضرائب جديدة. لكن الاكتفاء بالسلفة من دون إيرادات إضافية سيؤدّي الى عجز إضافي وإلى تضخّم سريع في حجم الدين العام.
وفي هذا الإطار، قال النائب جوزف المعلوف، عضو كتلة نوّاب زحلة وتكتّل "القوات اللبنانية" لـ"الجمهورية" إنّ هذه السلفة تهدف لتكون صندوقاً انتخابيّاً لبعض الوزارات.
من جهته، اوضح عضو "كتلة التنمية والتحرير" النائب ميشال موسى لـ"الجمهورية" أنّ "سلفة الـ 10394 مليار ليرة هي لتأمين احتياجات الدولة." معرباً عن تأييده لإقرارها في المجلس النيابي.
أمّا عضو "تكتل التغيير والإصلاح" النائب آلان عون فقال "إنّ حجم السلفة دُرس على أساس حاجات الحكومة لسنة الـ 2012، وإذا عدنا الى ما كان مطروحاً عام 2011 أي 8900 مليار ليرة نجد أنّ حجم السلفة منطقيّ جدّاً."   

السابق
الأخبار : حزب الله يرفض استغلال الحوار لإسقاط الحكومة
التالي
الجمهورية: بري يؤكد أن “كل شيء مسموح في الحوار إلاّ الفشل”