وباء “الطائفية” يأكل لبنان!؟

يجب في لبنان على الشاب او الفتاة قبل التفكير في حب شخص ان اعجبهما ان يتحققا من هويته الطائفية لكي يأخذا القرار. السؤال عن الطائفة يأتي في المقام الاول، ان تطابقت الاجابة تلي السؤال الاول اسئلة وما بعد الاسئلة محادثات وما الى ذلك واذا الاجابة لم تتطابق تحول الاعجاب تلقائيا الى نفور وردة فعل مسبقة والحكم سلبيا على الشخص الذي كنا قبل لحظات نتلهف للتعرف عليه وذلك نتيجة مخزون مسبق في فكرنا يحكم على من ينتمون الى طائفة اخرى.

فبداية يبدأ السؤال عن الاسم، ان لم يكن اسما واضحا بدلالته على طائفة معينة، يليه السؤال عن المنطقة التي ينتمي اليها، وان لم يستنتج من خلال معرفة المنطقة ان كانت منطقة متعددة , يسأل عن اي زعيم تؤيد وان كان ايضا الجواب محيرا ,هنا ينفد صبره ويسأل مباشرة عن الطائفة التي تنتمي اليها , وبعد كل هذا يتأسف على سؤاله ويحاول ان يبرر لكي لا يأخذ فكرة عنه أنه طائفي.

هذا النمط في التفكير لدى غالبية اللبنانيين لم يكن وليد اليوم ، هو نتيجة نهج تربوي وثقافي اصبح معيارا واقعيا، يربي الاهل اولادهم عليه منذ الولادة، تربية تبدأ بتعريف الولد بانتمائه الطائفي وليس بانتمائه الوطني وبتعريفه على زعيمه الطائفي وليس على قائد الجمهورية اللبنانية المفترض انه رئيس الجمهورية، تربية تقوم على تصوير الطوائف الاخرى كأعداء وربما تصل التعبئة الى مراحل الالغاء.

عندما ندرس منذ الصغر ان رئيس الجمهورية يجب ان يكون مارونيا ورئيس مجلس الوزراء يجب ان يكون سنيا ورئيس مجلس النواب يجب ان يكون شيعيا ومجلس النواب نصفه مسلمون والنصف الآخر مسيحيون وكذلك الحكومة, والمناصب كلها موزعة طائفيا من اكبر منصب حتى اصغر وظيفة , والاجهزة الامنية موزعة على الطوائف حتى اصبح لكل طائفة جهازها , حتى الوزرات اصبحت محسوبة على طوائف معينة, ولكل طائفة زعيم يجب ان تسبح بحمده ليلا ونهارا والا لن تحلم بحياتك الحصول على مركز من المراكز المخصصة لطائفتك , وهذا يجعلك ان تكون مضطرا للتكلم بلغة طائفية لتكتسب شعبية داخل الطائفة ويرضى زعيم الطائفة.

هذا النظام الذي تربينا في ظله "المحاصصة الطائفية" انما يطلب منا ان نكون اسرى طوائفنا وزعمائها , والعيش تحت اجنحتهم وليس تحت اجنحة الدولة، فهذا النظام هو علة العلل والاساس المبني على خطأ ما يستوجب البدء باصلاح الاساس أي النظام والتحول من نظام يقوم على مبدأ المحاصصة الطائفية الى نظام يقوم على الولاء الوطني والكفاءة.

اليوم ان نظر اي مراقب الى مواقع التواصل الاجتماعي سيرى بوضوح لغة التخاطب الطائفية التي تفوح منها رائحة الكراهية والحقد المكللة بالعنف، لغة شتائم وتهديد ووعيد بالآتي العظيم واستحضار ابطال التاريخ للدلالة على امجاد الماضي التي هي بعيدة كل البعد عن حاضرنا البغيض.

وبدأ يقابل هذا الخطاب الشعبي الطائفي خطاب سياسي يدعو الى الوحدة ونبذ الطائفية والفتنة، صدقا هذه قمة السخرية، يسلحونك بالسلاح الطائفي والتعبئة الفكرية والعقائدية المبنية على بعد طائفي حتى يمتلئ قلبك وعقلك بالغيظ من الآخر ومن ثم يطلبون منك تحكيم لغة العقل.

فمن الطبيعي عندما تسيطر الغرائز الطائفية والاحقاد الانتقامية على سلوك المرء وتصرفاته نتيجة تعبئة مستمرة وغبن تاريخي يصبح من الصعب ايجاد مكان لاصحاب الفكر والتبصر والكلمة الجامعة.  

السابق
زواج ملحم من نجوى !
التالي
نعم.. الإسرائيليون يكرهون جيش كيانهم !!